بحاجة لفتح عيادتين: نفسية وسياسية...!!

مدار الساعة ـ نشر في 2020/05/07 الساعة 04:45
أرجو ان ننتبه الى ان أزمة كورونا لا تتعلق فقط بملفي الصحة والاقتصاد، على أهميتهما وضرورة مواصلة الجهد الوطني في هذين المجالين حفاظاً على حياة الأردنيين ومعاشهم، وإنما تتعلق أيضا بملفين أخريين مهمين: أحدهما اجتماعي نفسي، والأخر سياسي أيضا. لكي أوضح المسألة أكثر، أشير الى ملاحظتين: الأولى ان حالة المجتمع الأردني قبل ان يداهمنا هذا الوباء كانت صعبة، فلدينا على صعيد الصحة النفسية – مثلاً- نحو مليون و٧٥٠ ألف مواطن يعانون من اضطرابات نفسية، ولدينا تحولات في معدلات ارتكاب الجرائم، وفي العنف الاجتماعي وتغييرات في القيم، ولدينا ارتدادات وإفرازات صادمة لواقع البطالة والطلاق والفقر، وهذه المؤشرات من المؤكد أنها ستتصاعد اثر حالة الخوف والفزع وتعطل العمل والتزام الناس في بيوتهم لأكثر من شهرين، الأمر الذي يستدعي التفكير جدياً في إعادة تشخيص «الحالة النفسية والاجتماعية» ووضع ما يناسبها من معالجات سريعة. الملاحظة الثانية تتعلق بالحالة السياسية التي لا تقل أهمية عن الحالة الاجتماعية والنفسية، بل انها تتكامل معها كما تعكس إحداهما الأخرى في مرآة المجتمع وعلاقته مع الدولة، صحيح ان استطلاعات الرأي تشير الى ان الحكومة استعادت جزءاً من ثقة الناس فيها (نحو ٥٨٪ يؤكد ذلك في آخر استطلاع) لكن الصحيح أيضا هو ان هذه العلاقة – بعد شهرين على الأزمة- تحتاج الى «ترميم» او جراحات سياسية عميقة ومقنعة. فتح «العيادة» السياسية او «تزييت» عجلات الماكنة السياسية أصبح ضرورياً، ليس فقط لأن «التعب» العام من الأزمة أصبح واضحاً على وجه الناس وعلى وجوه المسؤولين أيضا، وانما لأن المرحلة القادمة -ايضاً- تحتاج الى حركة السياسة بشكل مختلف، فلدينا استحقاق يتعلق بنهاية دورة مجلس النواب وربما بعمره ايضاً، ولدينا إشارات حكومية بقرب موعد طلب التعديل، ولدينا ملفات ما بعد كورونا، اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً، تحتاج هي الأخرى الى إدارة حكيمة وضخ دماء جديدة أيضا. تمكنت حكومة الرزاز من تسجيل أهداف نظيفة في الشوط الأول من مباراة مواجهة كورونا، وهي تستعد – في تقديري- لإكمال الشوط الثاني، ربما بإدخال لاعبين احتياط جدد، أو بتغيير خطة الدفاع وربما الهجوم أيضا، لكن الأهم من ذلك كله هو ان تفكر جدياً بتجديد حيوية المجتمع الى جانب إنعاش حيويتها، وان تبدأ على الفور بفتح «العيادتين النفسية والاجتماعية» لاستعادة العافية الى الناس الذين تضرروا من الأزمة، واستباق أي حالة «تذمر» اجتماعي او ربما احتجاج اجتماعي، بما يلزم من حلول واقعية، فقد «تعب» الناس حقاً ٫ ومن حقهم على الحكومة ان تخرج بقرارات رحيمة لكي يستريحوا ويطمئنوا على واقعهم ومستقبلهم. الدستور
مدار الساعة ـ نشر في 2020/05/07 الساعة 04:45