انحراف الموازنة هل يبرر تعديلها؟
يقول وزير المالية أن الإيرادات المحلية تراجعت للشهور الأربعة الأولى من هذه السنة بقيمة 602 مليون دينار وهو ما يعد انحرافا كبيرا في تقديرات الموازنة فهل يبرر تعديلها؟.
لم يحدد وير المالية البنود التي تسببت بالتراجع , لكنها على الأرجح الضرائب المتأتية من استهلاك البنزين، لكن الرسوم والضرائب المفروضة على فواتير الكهرباء والمياه التي تم تأجيلها هي إيرادات مؤجلة ولا تحسب باعتبارها تراجعا أو نقصا.
ليست هذه هي المرة الأولى التي تنحرف فيها تقديرات الموازنة لأسباب مختلفة لكن الانحراف في هذه المرة كبير ومن وجهة نظر بعض المتخصصين أنه قلب التوقعات في الموازنة وتقديراتها رأسا على عقب.
تبنى الموازنة لسنة قادمة على أساس إعادة تقدير ما تحقق فعليا في السنة التي سبقتها، والاختلاف غالبا ما يكون في الإيرادات لأن النفقات في جزء كبير من بنودها ثابتة وقد افترضت موازنة 2020 زيادة في الايرادات المحلية بحوالي ٧٠٠ مليون عن المتحقق لسنة 2019 أي أن تراجعا بمقدار ٦٠٠ مليون يعني ان التراجع بالمقارنة سيبلغ حوالي ٧٥٠ .
يستطيع وزير المالية أن يشطب توقعاته بزيادة الإيرادات عما تحقق لسنة 2019 وهي بنحو 700 مليون دينار لكن من المبكر جدا أن يتحدث عن تراجع كبير وواسع في الإيرادات نزولا عما تحقق للسنة الماضية.
ما فات في عملية الحساب هو أن تأجيل تحصيل الرسوم والضرائب وفواتير المياه والكهرباء وغيرها هو سبب من أسباب تراجع الإيرادات، والتي بتحصيلها سيتناقص هذا التراجع لكن ذلك لا يعني أن التراجع سيقع لا محالة وأن العجز في الموازنة سيرتفع وأن المديونية سترتفع كذلك.
عندما أعدت الموازنة العامة افترضت وزارة المالية أن سعر برميل البترول سوف يتراوح حـول 55 دولارا، لكن السعر انخفض الى أكثر من نصف الرقم المقدر وبشكل مفاجئ لكن هذا لا يقلب أرقام الموازنة رأساً على عقب
صحيح أن حصيلة الضريبة على البنزين انخفضت مع توقف الحركة كليا لفترات الحظر، لكنها مع بدء الحركة ستعود الى مستواها لأنها لم تعد تحسب كنسبة من السعر بل على كمية الاستهلاك والخبر السار هو أن خسائر دعم الكهرباء ستنخفض.
في ظل وجود عجز كبير في الموازنة فإن كل توفير في النفقات عما هي مقررة في الموازنة يؤدي إلى تقليص العجز وبالتالي الحد من ارتفاع المديونية. الخطورة تحدث إذا لم يتم التصدي لآثار الانكماش الاقتصادي على البطالة والاقتصاد الكلي والصادرات والسياحة.
الثابت الوحيد هو أن جائحة كورونا نسفت معظم الفرضيات الاقتصادية والاجتماعية التي قامت على ظروف محلية وإقليمية لم تكن أفضل حالا، هذه حقيقة تحتاج الى أكثر من مجرد مصفوفة لمواجهة تحدياته.
الرأي