مخاطر التدخل في سوريا

مدار الساعة ـ نشر في 2017/04/17 الساعة 10:16
إن الأردن حكومة وشعبا كان وما زال يدفع ثمن المواقف المشرفة لنصرة أشقائه العرب والمسلمين في العالم، والآن ومع تغيّر سياسة الولايات المتحدة وإداراتها الجديدة لوقف النظام الوحشي واعوانه من الاستمرار في قتل وتدمير الشعب السوري، فبات مطلوبا من الأردن أن يكون مشاركا فعالا في مساعدة الشعب السوري للوصول الى تسوية سياسية حتى يكونوا قادرين على استعادة زمام المبادرة وبناء سوريا الحديثة لجميع السوريين على اختلاف دياناتهم وأصولهم.

قد يقول قائل إن الأردن وظروفه الاقتصادية الصعبة، وعبء اللاجئين، وقلة الموارد، مع ارتفاع المديونية الى درجات تعد في نظر المراقبين الاقتصاديين خطيرة ، قد تكون هي الدافع بالأردن للمشاركة في التحالف الدولي دون تردد للخروج من الضائقة المالية وتحسين حياة مواطنيه، ومع كل ذلك فليس هناك ما يمنع من أن تكون مشاركة الأردن بالدرجة الأولى لرفع الظلم عن الشعب السوري الشقيق، وللحفاظ على مصالح الأردن الحيوية في سوريا والعالم.

ولكن السؤال الأهم والذي يدور في اذهان وحناجر جميع الأردنيين، ما هي تبعات هذا التدخل؟ والاجابة هي؛ لا احد يستطيع التكهن لما قد يؤؤل اليه الحال في حال تم توكيل الأردن وتركيا للتدخل لحماية المدنيين الأبرياء وإقامة مناطق أمنه للفارين من القصف والدمار داخل سوريا من خلال التنسيق مع الأمريكان بفرض مناطق لا يسمح للطيران النظام السوري او الروسي من استهداف تلك المناطق الامنه وبالتالي وقف المجازر التي يرتكبها النظام واعوانه، ووقف او منع تهجير السوريين جنبا الى جنب مع قيام عملية سياسية تهدف الى الوصول الى تسوية تضمن حماية الأقليات وحمايتها وتمثيل جميع طوائف الشعب السوري.

وبالعودة الى مخاطر التدخل الأردني في سوريا، وفِي مقدمة هذه المخاطر هي الخسائر البشرية المتوقعه جراء هذا التدخل في صفوف القوات المسلحة الأردنية، حيث إن الأوضاع في سوريا خطيرة جدا، ومهما كانت حرفية الجيش الأردني، فيجب علينا توقع خسارة في الأرواح جراء التدخل، وبالتالي فإن التصريح بذلك، وتهيئة الرأي العام لما قد يكون، سيكون له الأثر الإيجابي للقبول بالخسائر البشرية والاستعداد لها.

ثانياً، مخاطر حصول اعتصامات وقلاقل من جانب بعض الفئات التي ترفض التدخل الأردني في سوريا ومنها الحراكات اليسارية او القومجية المرتبطة بحزب البعث او بالمثلث (الإيراني، السوري،اللبناني ممثلا بحزب الله) حيث أن هؤلاء اليساريين المناصرين للجزار بشار الأسد وقد تعاموا عن جرائم النظام السوري، فأنهم قد يقوموا بالتحريض على القيام باعتصامات وصدامات مع الدولة لمناصرة النظام السوري مما قد يخلق مشاكل لا حصر لها خاصة في ذلك التوقيت الدقيق والحساس. ولذلك، فإن قيام الدولة الأردنية بالاستعداد لما قد يقوم به ذلك التيار سيكون فيه عين الحكمة وعدم انتظار ردات أفعال تلك المجموعات البائسة.

ثالثاً، مخاطر دخول مجموعات متطرفة او موتورة، او أصحاب اجندات مرتبطة بتنظيم معين او حتى بعض الأحزاب المرتبطة بالنظام السوري للقيام بأعمال إرهابية او تخريبية على الساحة الأردنية انتقاماً من التدخل الأردني مما يتطلب منا كاردنيين حكومة وشعبا أقصى درجات الوعي للحيلولة دون تعرض الأردن لأي مكروه لا قدر الله.

إن العالم بدأ بالتغير، وجرائم النظام السوري واعوانه في حق الشعب السوري لم يعد بالإمكان تبريرها تحت شعارات محاربة الإرهاب، ولذلك فإن أيام النظام السوري أضحت معدوده، وليس هناك بديل عن التسوية في سوريا ومحاسبة أولئك الذين ارتكبوا المجازر بحق الشعب السوري، وفِي ذلك تكمن مصلحة العالم اجمع حيث أن استمرار النزاع السوري من شأنه أن يؤجج التطرّف، والطائفية، وعدم الاستقرار في المنطقة الغير مستقره أصلاً، وخلق موجات جديدة من الهجرة والتي تعاني منها أوروبا بشكل ساعد اليمين المتطرف للصعود وربما حكم أوروبا.
مدار الساعة ـ نشر في 2017/04/17 الساعة 10:16