المساعدة يكتب: ادارة المخاطر في ظل أزمة كورونا

مدار الساعة ـ نشر في 2020/04/30 الساعة 06:25
بقلم: المهندس عادل محمد المساعده* ان الدافع الرئيسي للكتابة في هذا الموضوع أنه وفي ظل تعاقب الأزمات وبكافة أشكالها يبرز مفهوم ادارة المخاطر Risk Management)) مما يتطلب انشاء اطار متكامل لقياسها وادارة جوانبها المختلفه وفق معايير واضحة، وما يتمخض عنها من انعكاسات والعمل على تفاديها او التقليل من آثارها واتخاذ الاجرءات اللازمة للسيطرة على الاثار المتوقعه واستيعاب الدروس المستفادة واستلهام العبر منها. ان الأمن الوطني الشامل لا يمكن الاحاطه به في مقالة واحدة، لذا سأحاول من خلال هذا المقال اسقاط المفهوم المشار اليه أعلاه على المخاطر المباشرة الناتجة عن هذا الوباء ، وما قامت به الدوله الاردنية من اجراءات خلال الأزمة وكيفية التعامل معها.
السؤال المطروح، هل كانت الحكومة جاهزة ولديها خطة معدة مسبقا للتعامل مع الأزمات وتقليل المخاطر؟ أم أن التعامل مع هذه الأزمة كان ردود افعال فقط؟ وهل نجحت الحكومة في ادارة الأزمة؟ ان المتابع للأحداث والتدرج في اتخاذ القرارات وتنفيذ الأجراءات التصحيحية لتتماشى مع المتغيرات التي تشهدها هذه الازمة غير المسبوقة، يثبت بما لا يدع الشك ان النجاحات التي تم تحقيقها لم تكن صدفة، بل تدل على ان الدولة الاردنية من خلال مركز ادارة الازمات والأمن الوطني وتحت اشراف مباشر من جلالة الملك كان لديها رؤية واضحة، وخططا جاهزة للتطبيق ومدروسة بعناية فائقة جعلتها تتعامل مع الازمة وتداعياتها بكل اقتدار. لقد اثبتت الدولة الاردنية استجابتها للمخاطر بفاعلية وكفاءة وذلك من خلال التحرك السريع لمواجهة الازمة والعمل على ادارتها باسلوب علمي ادراكا منها بأن الأمر سيصبح أكثر تعقيدا مع مرور الوقت، منطلقة من القيمة الجوهرية وهي حماية صحة وحياة الانسان وكل ما دون ذلك مجرد تفاصيل يمكن التعامل معها واتخاذ القرارات الاسترتيجيه بشأنها. كما اظهرت الدولة الاردنية بأجهزتها المتعددة المدى الكبير من التناغم والتفاعل بين اركانها المختلفه والقدرة على التحكم في الأخطار مما يثبت للقاصي والداني أن الاردن دولة قانون ومؤسسات تبني الحاضر، وترسم معالم المستقبل، مستندة على ارثها الحضاري الذي جذرته القيادة الهاشمية الملهمة طيلة العقود الماضية. لقد كان للدور الاعلامي الرسمي ومن خلال تلاوة البيانات اليومية على لسان أعلى سلطة أعلامية بكل ثقة وهدوء وصدق ورباطة جأش، ما بين ترغيب وترهيب، هدفها تحقيقق الغاية السامية وهي المحافظه على حياة الانسان، ويتخللها قراءة وتحليل للحالة الوبائية، والنصح والأرشاد ورفع درجات الوعي المجتمعي بين الناس باسلوب رائع يعانق قلوب وعقول المتابعين على اختلاف مستوياتهم تتوجهها ومضات الأمل الملازمة للحذر، والايمان بالانتصار على الوباء، ويطلقها رئيس السلطة الصحية في الأردن، لتصبح هذه الكلمات بلسما يغذي النفوس بالطمأنينة ويبعد عنها شبح الخوف والقلق. ان الازمة قد فرضت وضع خطط كضرورة حتمية لمواجهة الازمة، ومن هنا نستشعر أهمية القرار الذي أصدرته الدولة من خلال التشديد الذي انتهجته الحكومة في ما يخص الأمن الصحي والذي مكنها من محاصرة الوباء، وفي نفس الوقت سعت الى تطوير امكاناتها من خلال زيادة الطواقم الطبية والاجهزة والادوات اللازمة، كما سعت الى احتضان اطباء اصحاب خبرة يقومون باجراء دراسات وبحوث عملية لفهم سلوك الفيروس و ايجاد ارضية لعلاجه وتخليص البشرية من شر هذا الوباء. نعم، في الشدائد تظهر معادن الرجال وتتأكد أصالتهم، ومن هنا برزت في ظل هذه الازمة صور كثيرة من صور التكافل المجتمعي وفي مقدمتها دور الكوادر الطبية التطوعية والتي سعت الى دعم ومساندة جهود الدولة للحفاظ على الارواح والمكتسبات. وخلال هذه الازمة كان الأمن الغذائي متطلبا رئيسيا، وقد بذلت الحكومة جهودا كبيرة في تأمين احتياجات المواطنين رغم اغلاق المنافذ الحدودية وتوقف حركة الطيران والموانئ مما جعل الاعتماد بشكل جوهري على المنتجات الوطنية والتي لعبت دورا رئيسا في تأمين احتياجات الناس، وهذا يعطي اشارة واضحة ويلفت الانتباه الى ضرورة زيادة الاهتمام وتعزيز ودعم القطاع الزراعي في المرحلة المقبلة والتقليل ما امكن من الاعتماد على المواد المستورده من الخارج . اما في مجال التعليم الجامعي والمدرسي فقد استطاعت الحكومة من تسيير العملية التربوية من خلال الدراسة عن بعد واستخدمت كل الوسائل المتاحة وكانت النتائج ناجحة لدرجة كبيرة من خلال منصات التعليم الالكتروني وهذا ما لمسناه من الرضى بين الطلبة وأولياء الأمور . وعلى صعيد الأمن الاجتماعي فكانت النتيجة مشرفه وهذا يدل على القيم النبيلة المتأصلة في ابناء الوطن الواحد ودور الكوادر الأمنية والتي ظلت عيونها مفتوحة باستمرار وعلى الدوام لردع كل من تسول له نفسه العبث في امن الوطن والمواطن في هذه الظروف العصيبة. كما أن المجتمع المدني يعتبر لاعبا محوريا في في مواجهة الأزمة من خلال مساندة الجهود الحكومية وتعزيزها والتي تتركز في الالتزام بالتعليمات الصادرة عن الجهات المختصة وأخذ المعلومات من مصادرها الرسمية والتصدي للشائعات لما تسببها من الهلع والخوف في نفوس الآخرين وتعيق سير الاجراءات التي يقوم بها المختصون وهم يسابقون الزمن كي تعود الحياة الى طبيعتها. يجب ان لا ننسى الدّور الإجتماعي للمؤسّسة العسكرية، هذه المؤسسة التي لا تتحدث كثيرا، وانما نرى افعالها تزيّن وجه الوطن في كل الظروف والأحوال، بما تمتلكه من التنظيم الدقيق والهيبة العالية والجهود المشهودة والمتميزة التي بذلتها في حماية الاجراءات الاحترازيه غير المسبوقة التي قامت بها الحكومة ضمن محاولاتها للتصدي لهذا العدو الخفي الذي ما زال يفتك بالأروح في معظم دول العالم . وأخيرا، هناك الكثير من الأعمال التي يجب أن تقوم بها الحكومة للتغلب على انعكاسات الأزمة وتداعياتها والتي لا تقل خطورة عن الازمة نفسها، لذا لا يمكننا القول ان الحكومة نجحت نجاحا مطلقا ولكنها كانت موفقة الى حد كبير اذا ما قارنا الانجاز بالامكانيات، ليبدو الاردن كبيرا كما هو دائما ولا سيما في الملمات والازمات حيث تتوحد الاهداف وتتضافر الجهود وتتغلب المصلحة الوطنية . حفظ الله الاردن قيادة وجيشا وشعبا. * دبي- الامارات العربية المتحدة
مدار الساعة ـ نشر في 2020/04/30 الساعة 06:25