ثقافة الانتحار

مدار الساعة ـ نشر في 2017/04/16 الساعة 19:08
يعترينا الالم وتهتز مشاعرنا ويتملكنا الغضب عند سماعنا عما يحدث في مجتمعنا من حالات الانتحار والتي يقدم عليها افراد تملكهم اليأس والقنوط وعدم القدرة على تحمل ضغوطات الحياة المادية والنفسية وعدم القدرة على حل مشاكلهم المستعصية بنظرهم وتحملها لايام قادمة اخرى، لذلك يجدون في فكرة وسلوك الانتحار حلا لهذه المشاكل والتخلص منها الى ابد الابدين، عوضا عن التحلي بالصبر وطلب المساعدة والمشورة ممن هم حوله علاوة على عدم فقدان الامل والايمان بقدرة الله في تغيير الحال الى افضل من سابقه.

ان عدم قدرة الفرد على التحمل والتعايش مع ضغوطات الحياة المتعددة والتكيف مع محيط مجتمعه جعلته يعتقد ان استمرار حياته ضرب من الوهن ولم يعد لبقائه اهمية تذكر وان مستقبله صورة لحاضره المظلم ولن يتغيرقيد انملة وذلك في غياب ايمانه بان الله الوحيد الذي يملك مقاديرالبشر وارزاقهم , وتعشعش في فكره المضطرب ان الحال قد يكون اسوء مما هو عليه وان المشاكل والتعقيدات في حياته تزيد ولا تنقص ولا نهاية لها وهي ليست ضربا من الغيب بل حقيقة وواقعا يعيشه وحياة اليمة ماثلة امامه وتؤرق مضجعه ليل نهار لا قدرة له على احتمالها اوالعمل على تغييرها والمضي بها لاستكمال بقية حياته على الرغم من صراعه مع عقله الباطن بان الحياة عزيزة وان المشاكل قد تنتهي في يوم من الايام في ظل صبره ومثابرته على قدرة التحمل.

ان ظاهرة الانتحار في مجتمعنا سلوك غريب في حقيقته في ظل تحريمها من قبل الرسالات السماوية التي بين ايدينا وفي ظل الاخلاقيات الاسرية التي تستهجن ضياع ابنائها بفعل شنيع بغض النظر عن الاسباب الموجبة لهذا السلوك، ونلاحظ ان معظم حالات الانتحار تكون بين الشباب الذين يهابون من واقع يعاني جملة من الازمات والمتغيرات الاجتماعية والاقتصادية تؤدي الى خلل وتصدع داخل الاسرة الواحدة حيث اهتزت بعض القيم والمبادىء لدى الشباب وكانت عاملا لظهور الهموم والمشكلات فهو يعيش في فراغ اسري تبعده عن الشكوى واشراكهم في مشاكله حتى يخفف من الضغوطات التي تثقل كاهله فمعظمهم لا يرى أهله الا عند الطعام او النوم وهي اوقات يسكت فيها الكلام , علاوة على الازمات المادية التي يعاني منها نتيجة البطالة المستفحلة في مجتمعنا برغم بذله كل جهد في البحث عن وظيفة تؤمن له احتياجاته الاساسية في الحياة، وعدم الحصول عليها تقتل طموحه بين الواقع والخيال , ولا يخفى علينا غياب دور المجتع في التفاعل مع مشكلات الشباب وايجاد الحلول لها وكذلك دور المؤسسات الصحية لما لها دور في معالجة الازمات والضغوطات النفسية التي يعاني منها المرضى الذين يراجعون المراكز الطبية والمستشفيات، ولا ننسى دور الاعلام في نشر التوعية والتثقيف، ولان التكافل والتضامن مفقود في مجتمعنا فنحن جميعا نرقد في قفص الاتهام معنيين ومسؤولين عن ايجاد حلول لظاهرة الانتحار ومنعها بشتى الوسائل.
  • لب
  • تقبل
  • صورة
  • مال
  • شباب
  • اقتصاد
مدار الساعة ـ نشر في 2017/04/16 الساعة 19:08