لا تتعجلوا إعلان الانتصار
مدار الساعة ـ نشر في 2020/04/25 الساعة 00:39
حتى لا تنطبق علينا الحكمة القائلة: (من طلب الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه) وحتى لا يقع لنا ما وقع للمسلمين يوم أحد، عندما خالف الرماة توجيهات رسول الله عليه السلام طمعا بالغنيمة، فتحول النصر إلى هزيمة.
مناسبة هذا الكلام ما ظهر يوم الخميس الماضي من مظاهر التساهل التغاضي في تطبيق إجراءات الحضر والحفاظ على الصحة والسلامة العامة، فاكتظت أسواق وشوارع مدينة إربد بالناس والسيارات، علما بأن إربد ليست مشمولة بإجراءات رفع الحضر التي دخلتها محافظات الجنوب، لكن شوارع إربد واسواقها، وكذلك أجزاء من عمان والزرقاء كانت مثلها مثل محافظات الجنوب مزدحمة بالسيارات والناس دون أدنى مراعاة لقواعد الصحة والسلامة العامة، أو أي ممارسة من ممارسات التباعد الاجتماعي، مما يؤكد تبدد وهم الرهان على وعي المواطنين الذي مارسنا من خلاله خداع الذات، والدليل ما شاهدناه يوم الخميس من استهتار بأبسط إجراءات الوقاية، مما نقلت الكثير منه شاشات الفضائيات ووسائل التواصل الاجتماعي، ومما اعترفت به ضمنا بعض البيانات الرسمية.
والسؤال هنا ما الذي تريده الحكومة من هذا التساهل وغض البصر عن إجراءات الحضر والحفاظ على السلامة العامة؟ هل هو استجابة لابتزاز رأس المال؟ أم دغدغه لعواطف الجمهور الذي ضجر من إجراءات الحظر رغم أنها للحفاظ على صحته وسلامته؟ فرأى بعض أطراف الحكومة في هذه الدغدغة للعواطف مدخلا من مداخل الشعبوية، دون أن يكترث بان الكلفة ستكون عالية هذه المرة، لأنها ستتم على حساب حياة الناس وسلامتهم لا سمح الله، أم أن تراخي الحكومة هو عودة لممارسة أردنية تكررت مرارا، فكثيرا ما كنا نبدأ بدايات واعدة ثم نتراخى فتأتي النتائج َمخيبة للامال و التوقعات؟ أم أنها سياسة مسك العصى من نصفها وهي هنا غير مجدية؟ ام انه تخبط بالقرارات؟
لقد قلنا منذ البداية (أعطوا الخبز لخبازه) والخباز هنا هم الأطباء وعلماء الأوبئة، وهؤلاء ضد التراخي وضد العودة التدريجية للحياة الطبيعية،على الطريقة الأردنية، لذلك نرى الدول التي تحترم أهل الاختصاص كالمانيا وغيرها تضع خططا يحتاج تنفيذها إلى أشهر لاستعادة الحياة الطبيعية، علما بأن خسائرها الاقتصادية تفوق خسائرنا بكثير، هذا إن كان هناك وجها للمقارنة اقتصاديا، كذلك فإن دول منطقتنا خاصة في الخليج العربي لاتزال تمارس التشدد في إجراءات الحضر.
كذلك فأن أهل الاختصاص يقولون بأن عدد الفحوص العشوائية التي أجريت في الاردن لمعرفة حجم انتشار فيروس كورونا قياسا إلى عدد السكان غير كافيه، وفق المقاييس العالمية لإعطاء مؤشر حقيقي عن مستوى الامان من هذا الوباء ، كما إن مرافقنا الصحية قد لا تكون كافية إذا انتكست أحوالنا نتيجة التسرع لاسمح الله باتخاذ قرار يصعب الرجوع عنه، والأهم من ذلك كله إنه من المستحيل إن نجمع بين نصرين اقتصادي وصحي، فاختاروا ولا تتعجلوا ففي العجلة الندامة. وتذكروا وأنتم تختارون فلسفة قيادتنا (الإنسان أغلى ما نملك).
الرأي
مدار الساعة ـ نشر في 2020/04/25 الساعة 00:39