الحنيفات يكتب: عمّان تُناديكم وتقول ؟؟؟.. بلَغَ القهرُ النصاب

مدار الساعة ـ نشر في 2020/04/22 الساعة 15:10

بقلم: القاضي الدكتور عمار الحنيفات

أعلمُ يا معشوقتي (عمَّان ) بأنّك تصرخين بروحٍ غاضبةٍ، بقولك: لم ترحموني وخانني... بعض العاشقين .. إلّا الصادقين الذين جاؤوا ليمدّوني بالحياة ....

هُناك شبهُ إجماعٍ لدى الأُسرة الأردنية بأنّ الحكومةَ بكافةِ أجهزتها قادت أزمة كورونا بكُلّ اقتدار، كما لم يشهد العالم قيام أيّ زعيمٍ يخرُج بخطابٍ لشعبهِ سوى جلالة الملك، ولم يتبرّع أيّ قائدٍ لنجدة وطنهِ سواه.

لعلّكم لا تقرأون بأنّ أغنى دول العالم أخذت تُنادي بتطبيق "" نظرية مناعة القطيع"" والتي اعتبرت الحكومة الأردنية بأنّ تطبيقها مُنافياً للأخلاق. وهل يعلم الجميع بأنّ المادة 6/2من الدستور الأردني تعتبرُ بأنّ الدفاعَ عن الوطنِ وأرضهِ ووحدة شعبهِ والحفاظ على السلمِ الاجتماعي واجبٌ مقدّسٌ على كل أردني. فأين نحنُ من الوقوف مع الوطن!!!!!!

لا أريد أن أزاود على أحدٍ فمعظم أبناء الوطن كلٌّ بموقعه قدّم ما عنده، وليس لأنني إبن الجهاز القضائي، لكننا شاهدنا وسمعنا قرارات المجلس القضائي المُتضمنة الحسم من رواتب القضاة، حيثُ جسّد القضاء برئاسة عطوفة القاضي محمد بيك الغزو موقفاً لم نشاهدهُ في أيّ دولةٍ أخرى. حيثُ قرّر المجلس القضائي التبرع بما نسبته 30 % من راتب رئيس محكمة التمييز ورئيس المحكمة الإدارية العليا والتبرع بما نسبته 10% من الراتب الشهري لقضاة محكمتي التمييز والمحكمة الإدارية العليا وباقي قضاة الدرجة العليا. كما أوقف المجلس القضائي العمل بالزيادات التي طرأت على رواتب القضاة بموجب نظام الخدمة القضائية رقم 2 لسنة 2020، كما قدّم القُضاة العاملين والمُتقاعدين الخاضعين لصندوق التكافل الاجتماعي للقضاة ومنذُ بداية الأزمة تبرُّعاً بقيمة 200 ألف دينار. هل تعلمون لماذا؟ لأنّ عمّان هي معشوقتهم.
اليوم معشوقتكم عمَّان تُناديكم:
فأينَ عشقكِ يا عمَّان: فإلى أشجارك التي تقفُ عاريةً أمامَ الرياحِ والرمال، وتقاوُمُ من أجل إيمانها بالحُبِّ والحُرّية والحياة. فأشجارُك يا عمَّان وحدها لا تنام لماذا؟؟؟ حتى تظلَّ عيونها مفتوحةً تُدرك الحقيقة لتُبلغ رسالة الأمل إلى الأرواح التي لم تولدُ بعد. أشجارُك وحدَها تبقى يقظةً، فلا تغيبُ أبداً ذاكرة الأغصان وتبقى وفيةً على عهد الجذور القديمة التي سافرت في الأرض البعيدة، وظلّت يقظةً حين أصابت الغفوة البعض.

عمَّان تُناديكم وتقول لكم : إذا قصّرتُ بحقكُم فلأجلكُم غيّرتُ كُلّ شيء فلماذا لم تغفروا لي؟ فمن يُحِبُّ يقدرُ دائماً على الغُفران؟ حقيقةً أنتم لم تعرفون الحُبّ يا ذوي العشق القاسي، ظالمون أنتم، ولم يُرضِكم إلّا أنْ أموتَ عطشاً....

عمَّان الحبيبة وحتى هذه اللحظة تجهلُ ما يحصُل، وتتساءل ؟؟؟؟ هل كان ما بيننا وبينها عشقاً محموماً بصهيلِ الفرَس البرّي الذي يحرُثُ الغابة كُل مساء، وبعشقِ اللبؤةِ الحَرُون التي تأكُل حبيبها شوقاً، أم أنّ كُلَّ ما بيننا ""وهْم "" المحرومين ؟؟؟؟؟
عمَّان الحبيبة.... أعلم بأنّك تُهتي بكُلّ الحقائق فلا تعرفي هل أحبّوكي أصلاً، أم أنّ حُبّهم لكِ كان نزوة قلبٍ، وانسحبوا عند أوّل ضربة.

صدّقوني ستُناديكم عشقكُم (عمَّان ) بأنّها أبصرَت كُلَّ شيءٍ وتقولُ لكُم:: بأنّها لنْ تحزن فهي مانحُ الثمرات التي لأجلها نزَفَ الجميع الدماء، تقولُ لكُم لن أموتَ بالمجّان فقد عبرَت الأحلامُ القديمة من جسدي لأتنفس الحياة، ولن تذهبُ مواجِعي هدراً ...ألم يكفيكم بأنني أهديتكم وطناً تسكنون به بلا خوفٍ، وقيادةً من نسلٍ هاشمي (بملكٍ وأمير)، (وبملكةٍ ملَكَت القلوبَ قبلَ العُقول)، ومن أسرةٍ هاشمية من سُلالة النبي (ص)... فوقَ كُلّ ذلك هل من مُجيبٍ. وإن كان!! فأخبروا معشوقتكم (عمَّان ) بأنّكم مستعدون للفداء.

وإنْ لم يكُن هُناك من مُجيبٍ فمعشوقتكم (عمَّان) تقول لكُلّ واحدٍ لم يعشقها: سأبقى أكبر، وستبقى جذوري تضربُ في الأرض البعيدة ولكن لم يحِنْ وقت الحصاد، فالحياةُ مُستمرة، والغيومُ تنتظرُ زوالَ المساء، وسيأتي الصُبحُ وسيهطُل المطر.

مدار الساعة ـ نشر في 2020/04/22 الساعة 15:10