الفلكي مجاهد يكتب: على الأردن استغلال ثرواته الطبيعية والبشرية والاعتماد على الذات

مدار الساعة ـ نشر في 2020/04/21 الساعة 11:29
بقلم: الفلكي: عماد مجاهد صدر لي في جريدة الدستور في عددها الصادر بتاريخ 24/5/2007 أي قبل حوالي 13 عاماً مقال موسع تحت عنوان (هل يمكن الاعتماد على الطاقة الشمسية بدلا من النفط في الأردن؟) أوضحت فيه أن الأردن من خلال موقعه الجغرافي وخاصة صحراء معان والازرق والجفر والرويشد والصفاوي ومعظم المناطق الصحراوية، جعله من أفضل المناطق في العالم لاستغلال الطاقة الشمسية وتوليد الكهرباء بسعر رخيص جدا ودون تأثير على البيئة وتلويثها، حيث الشمس الدافئة معظم أيام السنة، وزاويه سقوط اشعة الشمس المناسبة على هذه المناطق، ومعدل الأيام المشمسة وغيرها، من أجل تقليل قيمة الفاتورة النفطية التي يسعى الأردن منذ عقود طويله لتقليصها في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة. وبعد فترة بسيطة وبشكل تدريجي بدأنا نشعر اهتمام الحكومة بشكل جاد بالتعاون مع القطاع الخاص في إقامة المشاريع التي تستخدم اشعة الشمس وتحويلها لكهرباء، وانتشرت الخلايا الشمسية في معظم مناطق المملكة، كما غزت الالواح الشمسية أسطح البيوت والمساجد والمؤسسات الحكومية والخاصة والمصانع وغيرها، بالإضافة للسخانات الشمسية التي تستخدم اشعة الشمس لتسخين الماء بدلا من الكهرباء، وهذه بلا شك ساهمت بشكل كبير في تخفيض قيمة الفاتورة النفطية على خزينة الدولة. كما عملت الحكومة على بناء المراوح الضخمة في معظم المرتفعات الشمالية والجنوبية، من اجل توليد الكهرباء من حركة الرياح، وكم يثلج الصدر عندما تشاهد محطات الكهرباء بجانب هذه المراوح، وتسمع عن توفير الطاقة الكهربائية بسعر رخيص في تلك المناطق. وفي ظل اجتياح فايروس كورونا العالم قبل حوالي أربعة شهور، ولا زال يستشري في دول العالم، فقد تعطل اقتصاد العالم اجمع نتيجة فرض حظر التجول واغلاق الحدود والمطارات والمصانع وتراجع أسعار النفط والقوة الشرائية الى مستوى قريب من الصفر، لذلك فقد قارب الاقتصاد العالمي على الانهيار بشكل لم يعهده العالم سابقا على الاطلاق. هذا الوضع الاقتصادي المخيف تستطيع الدولة الأردنية تخطيه إذا ما تم استغلال الثروات الطبيعية والبشرية بشكل صحيح ومدروس، فقد حبا الله الوطن بثروات طبيعية كثيرة في باطنه كما هي في شمسه ورياحه، ولو تم استغلالها لاستطاع الأردن سداد كل ديونه في بضع سنوات ولأعتمد على نفسه في تدبير أمور حياته، بل وسوف تزيد صادرات الأردن بنسبة كبيرة. ووفقا لتصريح خبراء الجيولوجيا في السابق، فإن الأردن غني بالصخر الزيتي، فهو ذو جودة عالية وقريب من السطح ما يجعل عملية استخراجه من خلال عملية التقطير أو الحرق المباشر، وأشارت الدراسات أن تكلفة إنتاج الصخر الزيتي في الأردن تحقق أرباحا جيدة من خلال توليد الكهرباء تصل إلى حوالي 480 كيلو واط من الكهرباء خلال العام. كما توجد مواد خام من الذهب في مناطق جنوب المملكة لو تم استخراجها لضمن الأردن دخلا جيدا للخزينة حيث ان كمية الذهب المتوقعة جيدة جدا. وتوجد في محمية ضانا ووادي عربة والقريقرة، مناجم من النحاس استغلها القدماء منذ آلاف السنين وحصلوا على النحاس بكميات كبيرة، وأثبتت الدراسات الحديثة وجود كمية ممتازة في هذه المناطق لكنها غير مستغلة حتى الآن. كما ان الأردن غني بالرمل الزجاجي في مناطق الجنوب، ولكن للأسف يتم استيراده من الخارج بدلا من استخراجه من الوطن، كما لا يوجد في الأردن مصانع للزجاج لاستغلاله في الصناعة وتصديره، مع انه توجد مثل هذه المصانع في معظم الدول المجاورة.
هذا بالإضافة للإسمنت والحجر الجيري والجبصين وغيرها من المواد الهامة التي تدخل في صناعة مواد حيوية، لو تم استغلالها بالشكل الصحيح، لضمنت دخلا سنويا كبيرا لخزينة الدولة الأردنية. وكما هو معلوم، فإن الأردن يمتلك مساحات شاسعة من الأراضي غير المسكونة وغير الحرجية، وهي أراضي خصبة ومناسبة للزراعة بجميع اشكالها، وهذه الأراضي الخصبة لا تتركز في مناطق الاغوار الشمالية والوسطى فقط، بل في معظم مناطق المملكة، فالصحراء الأردنية مناسبة لزراعة القمح والشعير وغيرها من المحاصيل. وانني أتمنى من الحكومة أن تقدم للشباب العاطلين عن العمل منح من الأراضي لفترة 10 سنوات مثلا، واعفائهم من الرسوم المترتبة، مقابل استصلاح الأراضي من الشباب وزراعتها بالمحاصيل المناسبة، وبذلك تكون الدولة قد ضمنت عملا ودخلا جيدا لهؤلاء الشبان وأرباب الأسر، وضخت في السوق أموالا كثيرة نتيجة عوائد المنتوجات الزراعية، وتراجع البطالة بشكل كبير. وهنالك نقطة غاية في الأهمية تتمثل بإنشاء المصانع وجلب الاستثمارات الخارجية وتخفيف القيود والرسوم المستحقة على هذه الاستثمارات، ونتيجة لذلك سيضمن الأردن قوة اقتصادية كبيرة والوصول الى الاكتفاء الذاتي بل سيصل ان شاء الله تعالى الى مرحلة التصدير للخارج والحصول على العملة الصعبة في خزينة الدولة. لا اريد أن أطيل في المقال، فهنالك أفكار واقتراحات كثيرة لو تم تنفيذها بالشكل الصحيح والجاد من الدولة، لتخطى الأردن معظم مشاكله وتحدياته الاقتصادية، من خلال الاعتماد على ذاته وثرواته الطبيعية والبشرية. وفي النهاية أقول مش مستحيل.
مدار الساعة ـ نشر في 2020/04/21 الساعة 11:29