من قرية صويلح الى 39000 الف قدم (جزء 3)
كتب خليل رفعت الحوراني في صحيفة المقتبس, بتاريخ 26 كانون الأول 1910, أنه « كان في أرض البلقاء 300 قرية, مثل السلط و مادبا والفحيص وماحص وزيزياء واليادودة، وأم العمد و لبنى, ونحو 150 خربة مزروعة بيد الرحالة ومنها ما أعيد تعميره من جديد على أيدي المهاجرين القفقاسيين, ومنها ما جرى بناؤه من العدم مثل وادي السير و ناعور و صويلح و الرصيفة ورأس العين.
كان عدد سكان صويلح في بداية السبعينات من القرن الماضي حوالي 20 ألف نسمة, بينما قبل ذلك نجد في « تقرير من قرية صويلح، وأحوال الزمان لسامي أيوب فخري وعبده يوسف التل » في عام 1945 أنه كان عدد سكان صويلح 845 نسمة, يقسمهم التقرير على النحو التالي: 314 شيشاني و 25 شركسي و 22 داغستاني, و 70 من القطيشات , و 140 نسمة موزعة على العائلات التالية: الدبابسة والنجادوة والعمايرة والخرابشة والخلايلة , أما بخصوص الشركس, فقد سكنوا صويلح بعد أن سكن الشيشان بثلاث سنوات, في عام 1908 , وكان عدد العائلات 53 عائلة.
إمتازت قرية صويلح بشوارعها النظيفة ومساكنها الصحية المبنية من الحجر، وكان يحيط بكل منزل حديقة جميلة مزروعة بالأشجار المثمرة , التوسع الذي اجتاحها, في الثلاثين سنة الأخيرة كان كبيراً , حيث ازداد عدد سكانها أضعافا عما كانت عليه, كما كانت القرية تتميز بموقعها وبمناخها الجميل, وتلك المواصفات هي التي جعلت الشيشان والشركس يختارونها لإقامتهم في بداية القرن الماضي.
بعد النكبة الفلسطينية عام 1948م نزلت صويلح عائلات فلسطينية، واستقروا فيها، وبعد حرب حزيران عام 1967م ، ولذا فعند التمعن بالخريطة الاجتماعية للقرية، نجدها خريطة شاملة بالعائلات من الأردن و فلسطين إضافة الى الشيشان والشركس والداغستان، وجميعهم يشكلون مجتمعاً حضرياً، ونسيجاً منسجماً متماسكاً بكل المعايير.
ولد والدي، المرحوم "محمد علي" سنه 1925 في قرية صويلح، وتعلم القراءة والكتابة، والقران الكريم، على يد والده المرحوم الشيخ "محمد الأمين" رحمه الله الذي كان يعمل إماما لمسجد القرية، ومعلما لأطفالها، وفى صيف العام1933 وصل الى القاهرة عن طريق القدس - غزة والعريش، مع والده و والدته, وكان اول عمل قام به جدّي، هو إدخال والدي فى كتاب جامع الأزهر الشريف وكان عمره 8 سنوات حيث انضم الى حلقات قراءة القران والحديث واللغة العربية وبرع في دراسته براعة عظيمة مكنته من الانتهاء من المرحلة الإبتدائيه والإعدادية حيث أصبح ملما باللغة العربية وأمور الدين الإسلامي الحنيف.
في تلك الأثناء، أُصيب جدّي بمرض عضال، الأمر الذي حال دون إتمام والدي لدراسته الثانوية، مما أضطره للعودة الى الأردن عام 1940، ولم يكن عمره آنذاك قد تجاوز الخامسة عشر عاماً، ونظراً لحاجة العائلة الى مُعيل لا سيما بعد مرض والده" جدّي" فقد توقف عن الدراسة لتبدأ رحلته مع الحياة العملية التي كان أولها في قوة حدود شرق الأردن، وكان ذلك في بداية العام 1941، وللإفادة فإن قوة الحدود هي القوه المشكلة من مواطنين محليين وقياده " انجليزية" كانت تتمركز فى مدينه الزرقاء، حيث تدرج برتبته حتى أصبح ضابطاً بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية ثم حلت قوه حدود شرق الأردن وتم تسريح منتسبيها، فالتحق والدي بالجيش العربي منذ تأسيسه، وكان برتبة ملازم وعين قائدا لكتيبه المشاة الثالثة فى منطقه نابلس، وبعدها قائداً لكتيبه المشاة الثانية فى منطقه الخليل واشترك بمعارك الجيش العربى فى باب الواد والقدس و جنوب الخليل وكان ذلك مابين عامي 1948-1951.
نهاية الجزء الثالث .......... يتبع