هل أخفتّ الحكومة خبر كورونا قبل انفجاره؟
يبدو أن الأسرار الاستخبارية وتبادل المعلومات الغامضة بين دول الحلفاء الغربيين وفي الشرق الأوسط حول الغيمة السوداء التي أصبح اسمها فيما بعد فيروس كورونا، قد وصلت الى أجهزة الاستخبارات الأميركية في منتصف تشرين الماضي وتم تعميمها للدائرة الضيقة من الدول الحليفة عبر تحذيرات من وباء غامض بدأ يستشري في الصين وتحديدا بمدينة ووهان المنكوبة، وقد كشفت قناة "أي بي سي" الأميركية استنادا إلى مصادرها أن المعلومات الأولية قد وصلت الى وكالة الاستخبارات المركزية وحط التقرير على طاولة وبصّر الرئيس دونالد ترمب الذي علم بذلك دون اكتراث ولم يتحرك أي مسؤول لفعل أي إجراء احترازي.
الشبكة الأميركية أكدت أن الاستخبارات المركزية قد رفعت تقريرها السرّي فورا الى إدارة البيت الأبيض في منتصف شهر تشرين الثاني، وملخصه أن هناك مرضا غامضا بات ينتشر في المدينة الصينية ويهدد حياة البشر، وأن القيادة الصينية تتكتم على المعلومات بعدم قدرتها على مكافحة المرض ، ويُخشى أن ينتقل الى القوات الأميركية في الشرق الأقصى، حيث عممت "السي أي إيه" برقية سرية الى الحلفاء في الناتو وكذلك للقيادة السياسية والعسكرية ووزارة الصحة في إسرائيل، قبل أن يكيل ترمب التهّم لمنظمة الصحة العالمية باعتمادها على معلومات الحكومة الصينية بأشهر طويلة.
وهذا ما أكدته القناة 12 للتلفزيون الاسرائيلي من أن بنيامين نتانياهو كان على علم بالتحذير الخطير فورا، ولكن الجميع أخفى المعلومة، مضيفة أن قيادة الجيش الإسرائيلي قد عقد اجتماعا لمناقشة المعلومات عن ذلك المرض الغامض وعن الإجراءات التي يمكن اتخاذها للتصدي للوباء، وما الذي سيحدث إن وصل الى البلاد العربية أو ضرب في مناطق فلسطينية، ولكن نتانياهو تماهى مع تصرفات ترمب بعدم إيلاء التحذيرات أي أهمية لانشغالة بالانتخابات، وترك الأمر حتى تفجر الوضع نهاية شباط الماضي.
هنا لا أعتقد أن المؤسسة الرسمية عندنا كانت لديها أي تفاصيل عن كل ذلك، إلا إن كانت المعلومات الواردة عبر قنواتها ضئيلة وغير واضحة، ولكن مع أول إنفجار إعلامي من قلب مركز الوباء في ووهان كان أول إجراء عالي المستوى وجريء لأبعد الحدود تم بإيعاز مباشر من جلالة الملك باقتحام خلية الخطر وانقاذ أبنائنا الطلبة الأردنيين وأشقائهم العرب في رحلة عبر طائرة الملكية التي جاءت بهم قبل أن تفكر أي دولة بإجلاء أي من رعاياها من الصين أو أي بلد مجاور لها.
وهذا ما يثبت أهمية الإعلام المحترف والناقل للمعلومات غير المتوفرة للحكومات، ما يدفعنا الى إعلاء شأن المعلومات الاستخبارية الخارجية وتقارير السفارات الأردنية السرية والفورية بما يحدث من مفاجآت أو تطورات غير سارة في جميع أنحاء بلاد العالم، والتي تعتبر من أهم المؤشرات التي يمكن التعامل معها مسبقا، ولذلك رأينا التصرف الوقائي بحصار موجة الفيروس في الأردن ضمن إجراءات لم يسبقنا لها أحد ضمن مجموعة الشرق الأوسط.
إن أي حكومة ليس لديها إحاطة بأقل المعلومات خطورة وليس لديها خطط مُسبقة لمواجهة أي خطر قد يقع فجأة، ولا تمتلك نظريات اقتصادية تمنّكها من قيادة سفينة النجاة بأقل الخسائر، ستكون سبباً مباشرا لانهيار التاريخ والجغرافيا والاقتصاد والمنظومة الاجتماعية، ولهذا كانت الدول الناجحة هي من تضع خططها للمفاجآت في صندوق أسرارها، وها نحن اليوم ننتظر الأسبوع تلو الآخر لنرى أي تجربة ستطبق علينا دون أن أي تأكيد عما سنكون عليه في العام القادم، فأين عباقرة الدولة الذين قادوا حكوماتنا منذ عهود قديمة الى النتيجة صفر. الراي
Royal430@hotmail.com