المغيرة عياد... يعزف لمرضى السرطان ليرحل عنهم الألم
مدار الساعة - مها ملكاوي- كلية الإعلام/ جامعة البترا - لم تكن مجرد قول، بل حقيقة سعى العازف المغيرة عياد إلى إثبات مدى تأثير الموسيقى في مرضى السرطان واستطاعتها رسم الأمل والابتسامة على محياهم إذا ما سمعوه يعزف على عوده الذي تعلّم عليه وحيداً .
إنها علاج من نوعٍ آخر، مُسكّن الألم الذي يخترق تأثيره أوجاع السرطان لتنحني جانباً في لحظات لا يتمالك فيها شعوره وهو يشاهد فرحتهم بفعل غذاء الروح كما يصفها.
المغيرة وفي مقابلة أُجريت معه من خلال الهاتف تحدّث عن حبه للموسيقى منذ الطفولة، إذ اكتشف موهبته في سن الرابعة عشر عندما كان ينجذب الى صوت العود الخارج من شرفة جارهم المسن الذي كان يَطرب الحي بأنغام عوده الرائعة.
صراع دار بين المغيرة وأهله، وبات التعلم على العود أمراً مرفوضاً نظراً لصعوبات التعلم التي كان يعانيها، واللعثمة في الكلام التي كانت تسبب له توتر وقلق نفسي، إلا أن الإرادة والشغف لا حدود لهما، فتحدى نفسه والمجتمع وبدأ بالتعلم الفردي على العود، حفظ السلالم الموسيقية وطوّر مهارة الحفظ وإتقان مخارج الحروف العربية.
في الخامسة عشر من عمره كان المغيرة متقناً لأكثر من سبعة عشر قصيدة لأم كلثوم وعبد الوهاب وهي تصنّف بالأصعب لكنه استطاع أن يكون ماهراً فيها.
لم يقتصر حبه للموسيقى على مرحلة الطفولة في حياته، بل أصبحت حلماً قريب المنال؛ إذ درس في مركز الفنون الجميلة التابع لوزارة الثقافة عام 1992 لمدة عامين، ثم أكمل دراسته بالمعهد الوطني للموسيقى لمدة سنة، وتميّز في الدراسة، وحصل على درجات عالية وصنِّف بأنه شخصٌ موهوب ويتمتع بمرونة عالية بعزفه على العود لذلك هو يُطوّر مهاراته باستمرار.
أما الموسيقى كعلاج، فهم وأثناء تنمية مهارته الموسيقية لاحظ مدرسيه تحسّن مخارج الحروف لديه وقدرته على الكلام بشكل سردي وبطلاقة وانسيابية، كما اظهر اتقاناً ملحوظاً في العزف بطريقة فطرية دون خطة علاجية مدونة الأمر الذي لا بُد وأن يكون لهذه الموسيقى دوراً به.
عندما تخرّج من المعهد، ازداد شغفه بالبحث والقراءة في عالم الموسيقى الواسع وتحديدا العلاج النفسي بها، داعماً أفكاره بإمكانيات اللغة العربية وجماليتها، ومن هُنا فكّر أن يُساعد الآخرين بموهبته، فهو عازفٌ متمكنٌ بالفطرة قبل التعلم، ودرايته واكتشافه بتأثير الموسيقى على النفس البشرية، جعله يفكّر بالمرضى وهم أكثر الناس حاجة لهذا العلاج وأيضاً مَن لديهم مشاكل بالنطق.
وضع برنامجاً ليقوم بهذه المَهمة وبدأت رحلته بقسم المعالجة النفسية التابع لمركز الحسين للسرطان، وعقد العديد من جلسات العزف مع الأطفال الذين ارتفعت معنوياتهم كما يصف، وتأثيرها الإيجابي عليهم من خلال استطاعته أن يُشكل ترابطاً وانسجاما بين العود وبينهم في وقتٍ هم بأمس الحاجة لمن يخفف عنهم ألم العلاج.
آمن المغيرة بقدراته فحقق طموحه الشخصي لينتقل إلى مرحلة مشاركة الآخرين في هذا الطموح فذهب إلى أكثر الفئات حاجةً ليشكل انموذجاً في علاج نفسه ومعالجة الآخرين .