العبادي يكتب: سمات الدولة الاردنية الجديدة بعد عاصفة كورونا

مدار الساعة ـ نشر في 2020/04/13 الساعة 15:30
كتب: محمد مناور العبادي * لن يكون الاردن بعد عاصفة " جانحة كورونا " هو نفسه قبلها. فقد اثبتت " الدولة العميقة "، قدراتها اللوجستية الفائقة والمتميزة، عربيا وحتى عالمياً، على التعامل مع مخرجات هذه الجانحة، من خلال نجاحها في سرعة استباق الزمن في اجراءاتها، وتعاون كل الأردنيين معها بقناعة وثقتهم بها، لم يكن ذلك ليتحقق، لو لم تبادر" الدولة العميقة" بقيادة جلالة الملك، بالتركيز على الثوابت الوطنية، التي قام عليها النظام الهاشمي اصلا، والتي جعلته يتفوق على نفسه وعلى مدى قرن من الزمان، بالتغلب على جميع التحديات الجسيمة التي واجهته، بل ويخرج من كل منها، اكثر قوة ومنعة وشكيمة واقتدارا، وتماسكا بين الشعب بكل مكوناته الديمغرافية، والقيادة الهاشميه. في طليعة هذه الثوابت، ان "المواطن اغلى ما يملك الوطن، وان حمايته وتوفير فرص الحياة الحرة الكريمة له ، واشراكه في اتخاذ وتقييم القرارات ،افضل استثمار يمكن ان يحقق التقدم والازدهار للوطن" من هنا اكد الملك في بداية ظهور هذه الجانحة" ان صحة وسلامة ومصلحة الاردنيين فوق كل اعتبار اخر، رغم ضيق الامكانيات وضخامة التحديات " بالتالي فان اي قرار او اجراء رسمي، ينبغي ان ينطلق من هذه الركيزة ،التي اعتمدها الهاشميون اصلا، لبناء الدولة الاردنية الحديثه ، مع ضرورة تقييم تدريجي لنتائج تنفيذ ذلك على ارض الواقع، واجراء التعديلات اللازمه، التي تحافظ على ديمومة "استراتيجية المواطن اولا", ومما دفع باتجاه تحقيق هذه الاستراتيجيه وتنفيذها بامتياز، مشاركة قاعدة عريضة مؤهلة ومحترفة - مدنية وعسكرية وامنية ومهنية، تعمل معا، وفق خطه مدروسة ذات اولويات، تتصف بمرونة لا تؤثر على اساسياتها، استوعبها كل الاردنيين، وقبلوها برحابة صدر وحماس في التنفيذ، لانهم شاركوا في صنعها وصياغتها.

ذلك يؤكد قدرات الدولة الاردنية العميقه، ليس على تنفيذ التوجهات والتوجيهات الملكيه الهاشمية، بل على رص صفوف الاردنيين وتكاتفهم حولها، رغم كل الصعاب والتحديات.

ان نجاح الاردن بامكانياته المحدودة، بوقف زحف جانحة كورونا بزمن قياسي، عجزت عنه دول كبرى، يؤسس لمرحلة سياسية جديده مزدهرة في تاريخ المملكة، تستمد جذورها من المبدأ الاساس الذي قامت عليه الدولة الاردنية، وهو اشراك المواطن في صنع وتنفيذ القرارات وتعديلها ومتابعتها، من خلال توسيع قاعدة متخذي القرارات التي من شانها تنفيذ التوجهات الملكية ، تستعين بخبرات شعبية مهنية وتقنيه محترفة، ليكون المواطن شريكا حقيقيا في صنع مستقبله ومستقبل الاجيال القادمة، وليكون رافعة اساسيه لتقدم الوطن وازدهاره، ورفاهية المواطن على حد سواء. ومما يستدعي تسريع تطبيق ذلك، عدم قدرة " الديمقراطية الكلاسيكية" الممثله بمجالس النواب المنتخبة عن ان تكون رافعه حقيقة للوطن والارتقاء بالمواطن - ليس في الاردن بل في العالم الحر ايضا – حسب المفكر الامريكي جون ديوي رائد الفلسفة البراجماتيه الحديثه . فقد" فشلت هذه المجالس في التفاعل والتجاوب مع معطيات اجتماعيه جديده تتمثل في قوة الحراك الشعبي، عبر ظهور حركات وتغييرات اجتماعية، لاتجد في "الديمقراطية الكلاسيكة التمثيله" قنوات للتعبير عن حاجاتها وحل مشكلاتها ، كما لاتوفر قناة دستوريه لصاحب القرار السياسي لتحقيقها ، فضلا عن ان هذه المجالس لا تمثل فعلا شعوبها تماما ،لعزوف قطاعات واسعه خاصة من المثقفين والشباب، عن المشاركة في الانتخابات , ولوجود آفات اجتماعيه خطيرة تحول دون وصول الافضل للبرلمان، خاصة في الدول النامية، او حديثة العهد بالعملية الديمقراطية مثل الاردن

لذلك دعا "ديوي" الى استكمال الحلقات المفقودة في بناء الدولة العصرية، وذلك بتفعيل نوعين جديدين من الديمقراطيه هما (التشاركيه والرقميه )" والتي تقوم الدولة الحديثة بموجبها باشراك المجتمع المدني ، بكل حركاته الاجتماعية والمهنية والسياسيه والنقابية والثقافيه والفكريه والتنموية والبيئية والنسائيه والشبابيه وحقوق الانسان ،قي صنع القرارات ، استكمالا للديمقراطية التمثيلية – المجالس النيابيه–التي ثبت انها قاصرة عن تحقيق ذلك. وتتم عملية المشاركة - حسب ديوي – اما مباشره عن طريق اللقاءات مع هذه الحركات والهيئات ، او بطريقة غير مباشرة معها، عبر وسائل التواصل الاجتماعي ، والصحافه الاليكترونية ومخرجاتها التقنية ذات التاثير الاوسع على الجماهير ، خاصة في الدول الناميه او السائره بطريق النمو. في الاردن يقود الحراك الشعبي ، حركات وهيئات وتنظيمات واحزاب ، ونقابات مهنية ، وجمعيات متخصصه ، ومنتديات ،تعنى بقضايا واحتياجات المواطنين ،وتضم خبرات علميه واكاديميه ومهنية متخصصة لاتتوفر مجتمعه في اي مجلس النواب،

ان " التشاركية" بين الجيش والشعب والمؤسسات ، التي دعا اليها جلالة الملك ، تستدعي استكمال النقص الحاصل في العملية الديمقراطية الكلاسيكية ، بتفعيل "الديمقراطية التشاركيه والرقميه" لاستكمال دائرة الديمقراطية الحديثه، التي تعتبر اساسا لبناء الدولة المعاصره بمؤسساتها العميقة. منذ فترة طويلة، دأب الملك وسمو ولي العهد والملكه رانيا، والديوان الملكي، على التواصل والتفاعل مع ابناء الاسرة الاردنية الواحده عبر ادوات الديمقراطية الحديثه الجديدة :"التشاركيه والرقميه " استكمالا لعملية " التمثيل الديمقراطي" - مجلس النواب - بهدف التوصل الى حلول عملية لمشكلات الاردنيين ، من خلال التحاور مع الخبراء والمختصين في الهيئات الاجتماعية المتعددة، الاكثر معرفة بمشكلاتهم واستنباط الحلول العملية والعلمية لها ،لتوفيرحياة افضل ومستقبل زاهر لكل الاردنيين. بذلك وحده سيبقى الاردن قويا بدولته العميقة، حين يشارك الشعب عبر تفعيل ادوات الديمقراطية التشاركيه والرقمية ، باتخاذ القرارت ، التي تضمن تنفيذ التوجهات والتوجيهات الملكية، وبالتالي بقاء الشعب الاردني عظيما بعظمة قيادته ومؤسساته العسكريه والامنيه والاقتصاديه والاجتماعيه والديمقراطية * كاتب وباحث وصحفي
  • الاردن
  • كورونا
  • عرب
  • خرجا
  • الأردن
  • الملك
  • لب
  • كريمة
  • صحة
  • نتائج
  • تعديل
  • الهاشمية
  • تقبل
  • شباب
  • مال
  • الحديثة
  • مجلس النواب
  • ولي العهد
  • الديوان الملكي
  • الجديدة
  • اقتصاد
مدار الساعة ـ نشر في 2020/04/13 الساعة 15:30