عبيدات يكتب: استئصال أرحام ذوات الإعاقة العقلية جريمة تفتعلها الأسرة ويغيبها القانون
مدار الساعة - كتب: محمد زياد عبيدات
في ظل غياب الطابع الحقوقي والأخلاقي وانعدام الرقابة القانونية والأخلاقية ومدافعة بعض أهالي وأسر ذوات الإعاقة العقلية عن ما يعتبرونه حقاً من حقوق الأسرة بسبب تداعيات وحساسية التعامل مع سن البلوغ، وخشيةً من الإعتداءات الجنسية التي تعتبر وصمة عارٍ على الأسرة ؛ ظهر في السنوات الماضية ظاهرة سلبية في المجتمع الأردني وهي ظاهرة استئصال أرحام ذوات الاعاقة العقلية، وهذا ما اعتبره الحقوقيون وجماعات الرد في ميدان ذوي الإعاقة تهرباً من المسؤولية الأسرية تجاه الأبناء وانتهاكات لقوانين حقوق الإنسان بشكل عام بل وضرباً بعرض الحائط لكل القوانين الدولية التي ضمنت حقوق الاشخاص ذوي الإعاقه وتهميشاً للإنسانية بالشكل الأخص.
وإضافةً إلى ذلك أعتبر الحقوقيون أن هذه الممارسة تعد تمييزاً وحشياً وجائراً بل هي ممارسة قائمة على إزدواجية التمييز ضد النساء ذوات الإعاقة العقلية كونها في البداية فتاة بالإضافة الى كونها ذات إعاقة، وهذا ما أعتبره الحقوقيون عذاباً للطفلة من أجل راحة الأهل.
ووسط أرقام رسمية ومؤكدة فإن المملكة يتم فيها إجراء ما لا يقل عن (64) حالة استئصال لأرحام ذوات الاعاقة سنويا، ومن هنا لا بد لنا من الإشارة إلى أن عمليات الاستئصال ليست سهلة ومن الممكن أن تؤدي أثناء إجرائها لموت صاحبها أو لأعراض جانبية أثناء إجرائها كالنزيف، وبالإضافة إلى ذلك فإن هذه العمليات لها آثار ونتائج طبية ونفسية على الفتاة المستأصل رحمها جراء ذلك الاستئصال، وذلك لأهمية الهرمونات التي يفرزها الرحم والتي تلعب دوراً هاما في تحسين الحالة النفسية للفتاة بالإضافة الى أن لها دوراً أساسيا في العمل على تكوين العظام، فهذه الهرمونات تعمل على منع هشاشة العظام وبحالة عدم إفرازها تصبح الفتاة أكثر عرضه للإصابة بهشاشة العظام وهذا ما لا تعيره الأسر اهتماماً ذلك لانها لا ترى الرحم الا من جهة واحده فقط أنه وسيلة " للحمل والإنجاب " وهذا ما يدل على أن هذه الممارسة تؤثر على الجانب الطبّيي والنفسي للفتاة.
ويجب ألا نتجاهل دور المجتمع في هذه الكارثه إذ أن الأسرة تقدم على ارتكاب هذه الممارسات غير الإنسانية متذرعة بعدم تفهم التحديات التي تواجه أهالي ذوات الإعاقة في مرحلة البلوغ بالإضافة الى خوفهم على بناتهم من مرضى الأنفس أو ممن تخول له نفسة بالإنقضاض على فلذات أكبادهم كالحيوان الجائع حتى أن تشبيههم بالحيوانات ما هو إلا ظلم لهذه الكائنات، وتبرر الأسرة هذا الفعل تحت ما يسمى بوصمة العار على الأسرة، فهذا الذئب المفترس والمتربص للفتاة الذي يعمل على استغلال عدم إدراكها لحالها وما حولها يعد من أكبر الأسباب التي أدت لوصول الأسرة إلى مثل هذه الممارسات والإنتهاكات، ولكن ما لم تدركة الأسره أن هذه الممارسة لن تمنع مرضى الأنفس من إيقاع فعلتهم بل وقد تشجعهم على ارتكابها وذلك لأن الاستئصال يمنع الحمل لكن لن يمنع الإغتصاب بل ويجعله أسهل ويضع الفتاه في خطر أكبر فبالإضافة إلى خطورة هذه الممارسة من تداعيات طبية وجراحية من أثر العملية فإن اكتشاف الإغتصاب في هذه الحال يكون أصعب وقد لا يكشف مما يجعل الفتاة تحت خطرٍ أكبر من السابق، وهذا ما يجبر الأسر على إيجاد حل إنساني وجذري لحماية بناتهم من هؤلاء الوحوش من خلال تعليمهم وتوعيتهم للثقافة الجنسية والإستعانة بخدمات التربية الخاصة في هذا المجال للخروج من هذه الدائرة المغلقة بل والعمل المشترك بين الأهل والأخصائيين من خلال الدورات التدريبية والتثقيفية لكيفية التعامل مع بناتهم ذوات الإعاقة العقلية أثناء فترة الدورة الشهرية، لأن الفتاة لا تكون مدركة لوضعها الصحي الذي يؤثر بشكل كبير على نظافتها الشخصية مما يؤثر على حياة الأسرة والمحيطين بها.
وفي الجانب الآخر فقد كانت وجهة نظر جماعات الرد من حقوقيين وناشطين في مجال حقوق ذوي الإعاقة أن هذه الانتهاكات لا يمكن تبريرها تحت أي مبرر حماية أو مبررات أخرى، مشيرين إلى أن هذه الممارسة تعتبر من أكثر الممارسات الجنسية تمييزاً على أساس الإعاقة وانتهاكاً مزدوجاً لحقوقهن وليس حماية لهن وأن ما يخفى ويبطَّن وراء هذه المبررات ما هو الا عجز عن المحافظة على كرامة ذوات الإعاقة وانتهاك لحقوق الإنسان، وبالإضافة للفتوى الشرعية الصادرة من دائرة الإفتاء العام في المملكة عام (2014) والتي نصت على تحريم عمليات استئصال الأرحام دون عذر طبي يستدعي ذلك و التداعيات الطبية والنفسية جراء هذه العمليات فقد استندت جماعات الرد والمدافعة على القوانين التي تضمن حقوق الإنسان و المرأة بالإضافة إلى الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والتي كانت نقطة الارتكاز والمطالبة التي استُند اليها في تجريم هذه الممارسة إضافةً الى قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة
واستندت جماعات الرد على توقيع ومصادقة المملكة على اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والتي أكدت على قوانين حقوق الإنسان ونادت بالمساواة والعدل والإنسانية في التعامل مع ذوي الإعاقة، وقد أخصت الاتفاقية في موادها المادة رقم (6) للنساء ذوات الإعاقة حيث أقرت بأن النساء والفتيات ذوات الإعاقة يتعرضن لأشكال متعددة من التمييز وأنها ستتخذ في هذا الصدد التدابير اللازمة لضمان تمتعهن بجميع حقوق الإنسان والحريات واتخاذ كافة التدابير لضمان ممارستهن لهذه الحقوق، بالإضافة الى استنادهم للقانون الاردني لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والذي أكد على تجريم أي ممارسة تمييزيه أو استبعاد على أساس الإعاقة، فما بين مخاوف الأسر وعدم درايتها لكيفية التعامل مع بناتهم في سن البلوغ وبين جماعات الرد المطالبة بتجريم هذة الممارسات والانتهاكات التمييزية بحق ذوات الإعاقة يطرح السؤال ؛ هل ستبقى هذه الإنتهاكات مغيبة أم سنصل الى مجتمعٍ منصفٍ لهؤلاء الأزهار؟