المجالي يكتب: هل نجح الدستور الأردني في مواجهة جائحة كورونا ؟

مدار الساعة ـ نشر في 2020/04/12 الساعة 14:06

بقلم: د.سامي المجالي

لم يكن الأردن بمنأى عن الأحداث والتغيرات والتطورات العالمية المتسارعة و المرتبطة بجائحة كورونا،مؤثرة في كافة المجالات السياسية والإقتصادية والإجتماعية والصحية والتربوية،وغيرها من مجالات على مستوى العالم اجمع .

وعليه فمنذ الاحساس الفعلي بهذا الخطر، اخذت الإجراءات العملية طريقها لمواجهة هذا الوباء بتوجيهات من مؤسسة العرش .

حيث تم الإستناد إلى المادة 124 من الدستور الأردني بصدور قانون الدفاع بإرادة ملكية . وقد مكن هذا القانون القوات المسلحة والأجهزة الأمنية بكافة تشكيلاتها ومرتباتها ، ان تتصدر المشهد بكل ثقة واقتدار ، واحكامهم بتطبيق هذا القانون - دون هوادة- وفرض هيبة الدولة ، مما حدا بالمواطنين للإستجابة والالتزام بالتعليمات والتوجيهات الصادرة بموجب ذلك.

كما انه أعطى مساحة واسعة للقطاع الصحي من تنفيذ إجراءاته بكل يسر وسهولة .

وقد تم التدرج في تطبيق هذا القانون وبأضيق حدوده، فكانت الإجراءات الصارمة من اغلاق للمدارس والجامعات ،وللحدود والمطارات، وحظر للتجول الشامل والجزئي ،والحجر الصحي ، والفحوصات المتكررة ،وغيرها من اجراءات لا مجال هنا لتفصيلها .

لقد كانت توجيهات جلالة الملك بضرورة إدارة الأزمة بطريقة عملية وعلمية بحتة .

فكانت اجتماعات جلالته المتكررة وشبه اليومية ، والاستفسار عن كل كبيرة وصغيرة من المعنيين في كافة مواقعهم ، وحوار ونقاش مستمر ومثمر ، ثم إرشادات وتوجيهات لهم ، مع إضفاء عنصر المساءلة لكل مسؤول عن قطاعه، والتغريدات والرسائل الملكية المستمرة لكافة أجهزة الدولة وقطاعاتها المختلفة ، من مسؤولين ومواطنين تحمل في طياتها المسؤولية القانونية والإدارية و الأدبية .

فكانت مخرجات ذلك إحتواء الأزمة بأضيق حدودها وأقل خسائرها .

لقد أحسنت الحكومة صنعاً عندما إعتمدت على عنصر الإختصاص ووثقت به فكان تشكيل اللجان الفنية المتخصصة في المجال الصحي ، وأهمها لجنة الأوبئة والتي تضم خيرة أساتذة كليات الطب في الجامعات الأردنية ومعهم عدد من المعنيين المهنيين واللجان المساندة لهم ولجان الفحص من الأطباء والممرضين والممرضات ،يجوبون كافة مناطق المملكة ويتعاملون مع مصابين وغير مصابين (وهم معرضون للخطر في اية لحظة).

لقد تم إدارة الأزمة بإعلام متقدم، قادر على التعامل مع كافة الأحداث بمهنية و شفافية عالية الجودة ، ومعلومات دقيقة مفصلة دون إسهاب .

ومن هنا فهي دعوة للحكومة بضرورة ان تستمر في اتباع ومواصلة نهج الشفافية والصراحة والمكاشفة،والتي تخدم الوطن والمواطن في كافة القضايا،و دحضاً للإشاعة واغلاقاً لباب التأويل في غير محله.

إن التحدي الأكبر في الأردن خلال هذه الأزمة هو استمرارية التعليم بشقيه العام والعالي،وقد استطعنا وبصورة مقبولة تجاوزالعديد من الصعوبات بالإعتماد على المنصات التعليمية المختلفة لطلبة المدارس والبوابات الإلكترونية لطلبة الجامعات،واستخدام كافة الوسائل التقنية مع الطلبة.

وخلال هذه الأزمة فقد انحرفت البوصلة من النقد السلبي الى الايجابية وعبر كافة وسائل الاتصال.وبرز مفهموم التلاحم الوطني والانسجام بين الدولة بكافة أجهزتها ومؤسستها وبين المجتمع بكافة اطيافه ومستوياته.

وهو أمر يدعو للتفاؤل (وان كانت هنالك بعض الممارسات الفردية اللامسؤولة)،مما يؤسس لمرحلة مستقبلية، تعزز الحس الوطني نظرياً وعملياً،وتعمل على تعميق مفهوم التشاركية بين القطاع العام والقطاع الخاص،لدفع عملية التنمية لإحداث التغيير الإيجابي المطلوب.

بقي القول أن الجهات المعنية صاحبة الإختصاص تخطط وتجتهد وتقيّم لتجويد قرارها في كافة القضايا،وقد يشوب هذا الإجتهاد بعض الهفوات والأخطاء البسيطة.وهذا امر محتمل وطبيعي ومقبول ( فالكمال لله وحده)،لكن الأمر بمجمله اننا نسير في الإتجاه الصحيح، فعلينا أن نعظم الإيجابيات ونقزم السلبيات (إن وجدت)،لنصل جمعياً الى الهدف المنشود.

وخلاصته أن الدستور الأردني قد نجح في مواجهة هذه الجائحة .

عشت سالماً يا وطن الكرام.

مدار الساعة ـ نشر في 2020/04/12 الساعة 14:06