البروفيسور ملاعبة يكتب: الكورونا المستجد.. وتعافي طبقة الأوزون ومناخ الأرض
كتب: أ.د. أحمد ملاعبة
في الوقت الذي تعيش البشرية في حوالي ١٦٠ دولة إجراءات مشددة من الحجر والحظر والعزل الصحي الشامل لمدن ودول بأكملها بسبب فايروس كورونا المستجد تسجل المراصد والدراسات المناخية ان هناك تحسناً في تراكيز الغازات الدفيئة وتحسناً عالياً في طبقة الأوزون.
الدراسات الحديثة أظهرت أن طبقة الأوزون فوق القارة القطبية الجنوبية بدأت في التعافي وتزداد سماكة الازون.
وظهر تعافي طبقة الأوزون في التغيرات الجوية حيث تدفق الهواء فوق سطح الأرض مسبباً الرياح التي تشهدها بعض البلدان حالياً.
الدراسات بينت ايضا أن طبقة الأوزون مستمرة في التعافي ولديها قدرة على التعافي بشكل كامل، وبحسب ورقة علمية، نُشِرت في مجلة Nature العلمية، ظهرت علامة على نجاح نادر في عكس الضرر البيئي.
في فترة تفشي الكورونا اصبحت الدول التكنولوجية والصناعية في وضع سبات مما أدى إلى تخفيف انبعاث وانتشار ثاني اكسيد الكربون واكاسيد النيتروجين وغاز الميثان وتخفيف الاحتباس الحراري.
على الرغم ان إضطرابات وانقلابات مناخية غير متوقعة باتت الموجة السائدة هذه الايام من ذوبان ثلوج، فيضانات، حرائق، تصحر، قلة المطر، امراض وآفات دبت بالشعوب جسدية ونفسية كالأرق والملاريا إضافة إلى الامراض الجلدية، ولا ننسى نسبة التلوث العالية، والبراكين والزلازل إلا أن فايروس كورونا المستجد (كوفيد-١٩) وضع العالم على المحك ولم تعد نسبيا دولة أفضل من الأخرى .. فلقد شلت الحركة والتنقل وأصبح برميل النفط (١٥٩ ليتر) بسعر يقارب الـ ١٠ دولارات ارخص من عبوات الكولا.
في الماضي القريب كنا نسمع بان الارض ستبرد وتعود مرة اخرى إلى العصور الجليدية، غير ان ما وقع حقيقة ويحذر العلماء منه اليوم هو التسخين الاحتباس الحراري، الذي اتى نتيجة ظروف طبيعية واخرى كانت يد الانسان هي من اقترفها.
الاحتباس الحراري والتغيير المناخي
ادى الى تحول التفكير من المنظور البيئي من ان الارض ستبرد الى ان ما يهدد الارض هو الاحتباس الحراري
- لقد انقلب الفكر العالمي من منظور بيئي، وستأتي عصور جليدية صغيرة (في اماكن مرتفعة جديدة) خصوصا مع بداية التسعينيات, الى ان الغلاف الجوي يستعر وان هنالك تهديدا بالاحتباس الحراري وارتقاع حرارة الغلاف الجوي.
وهنا لابد من التأكيد ان المكنونات الطبيعية التي اوجدها الله في الطبيعة لتكون قادرة على تكوين الكوارث والازمات فانها بنفس الوقت لها القدرة على اعادة التوازن الى ذاتها ومن دوراتها المختلفة تعلم الانسان اعادة التدوير والاستخدام ولكن تدخل الانسان واستخدامه الجائز للمصادر الطبيعية وخصوصا مصادر الطاقة غير المتجددة (فحم حجري، وقود احفوري، الغاز) ادى الى ارتفاع نسبة الغازات الحبيسة (الدفيئة) وبالتالي ظهور التحذير من ظاهرة الاحتباس الحراري.
وأدى الى الارتفاع التدريجي في درجة حرارة الطبقة السفلى القريبة من سطح الارض بمعدل 0.9 - 1.2 درجة وربما التهديد إذا ارتفعت إلى 5 درجات مئوية من الغلاف الجوي بالارض بسبب ارتفاع نسبة الغازات الدفيئة (غازات الاحتباس) في الجو.
- الغازات الدفيئة (Greenhouse Gases GHG) الرئيسية هي اضافة الى ثاني اكسيد الكربون هناك بخار الماء واكسيد النيتروجين NO (وخصوصا من الاسمدة) والميثان (المنبعث وبكميات كبيرة من مزارع الارز واماكن طمر النفايات وتربية الابقار) والكلوروفلوركربون المسؤولة عن تاكل وترقرق سماكة طبقة الاوزون (Chlorofluorocarbons (CFCs) هذه الغازات تسبب الاحتفاظ بالاشعة الشمسية المنعكسة من الارض باتجاه الغلاف الجوي العلوي حيث تتميز بقدرتها على امتصاص الأشعة التي تفقدها الأرض (الاشعة تحت الحمراء) ما أدى إلى ظاهرة الاحتباس الحراري والاحترار العالمي.
* الانقلاب البيئي
إن عملية الانقلاب البيئي المناخي تعني تغيير الانماط المناخية السائدة على سطح الارض او في اقليم مناخي معين، بحيث يتحول هذا المكان من صحراء قاحلة جافة الى منطقة مطيرة وبالتالي تصبح مناطق خضراء (غابات). النظام مناخي أو اقليم مناخي والذي يقسم الأرض الى عدة أقاليم أو أنظمة مناخية ويستند هذا التقسيم الى النباتات المحلية السائدة والتي تعتبر من أفضل الطرق للتعبير عن المناخ. وكذلك الأنظمة البيئية المتواجدة في منطقة النظام المناخي سواء كانت أنظمة بيئية غير حيوية (ماء، هواء، صخور، تراب) ام حيوية (انسان، حيوان، نبات). فلقد قسم عالما المناخ الألمانيان فلاديمير كوبن وردولف جيجر المناخ (أو ما يعرف نظام تصنيف جيجر - كوبين) سطح الارض الى عدة مجموعات مثل الأنظمة أو المجموعة المدارية (وتقسم الى الاستوائية المطيرة والموسمية والمدارية الرطبة والجافة أو(السافانا) والأنظمة الجافة (القاحلة وشبه القاحلة) والنظم المعتدلة والقارية والقطبية (التندرا) وغيرها.
إن التغيير او الإنقلاب البيئي المناخي حقيقة تشهدها الارض خلال هذه الفترة، والدليل هو ما نشهده على مستوى العالم من حيث عدة ظروف.
1- ذوبان الثلوج في القطب الشمالي
إذ بلغت نسبة الذوبان خلال العامين الماضيين 20% واذا استمر الحال على ذلك فانه من المتوقع ذوبان الثلوج في القطب خلال عشرين عاما من الان, والفيضانات في اماكن كثيرة في العالم خصوصا ان 25 دولة لا ترتفع عن مستوى سطح البحر أكثر من متر واحد وأحيانا أقل ، مثل بنغلادش وهولندا وفلوريدا وهي مناطق مهددة بحدوث الفيضانات والغرق, والحرائق التي حدثت في روسيا نتيجة موجة الحر التي تمر بها روسيا منذ تموز ، 2010 وهي تعتبر الأعلى منذ بدء تسجيل درجات الحرارة قبل 130 عاماً.
التصحر الذي شهدناه في جنوب اوروبا وزيادة المساحات الصحراوية في افريقيا, وجزر مهددة بالغرق بحيث يمكن القول ان هناك اكثر من 40 جزيرة اصبحت تحت تأثير التغيير المناخي.
ويبقى السؤال المحير هنا هو هل سيؤدي انتشار فايروس إلى انقلاب مفهوم الاحتباس الحراري وتتوازن معدلات التغيرات المناخية في كوكب الأرض بالرغم من معاناة البشرية الصحية وكثرة الوفيات .. !؟