القضاة يكتب: من هو الإعلامي

مدار الساعة ـ نشر في 2020/04/10 الساعة 22:43
كتب: الدكتور علي منعم القضاة * شَكّلت شبكات التواصل الاجتماعي، وتطبيقات الاتصال المختلفة خطراً حقيقياً على الإعلام كمهنة، وعلى الإعلاميين المحترفين، وطغى الإعلام الرقمي (الإلكتروني)، على حقول الإعلام المختلفة، وأصبح بمقدور أي شخص أن يظهر في وسائل التواصل الاجتماعي لينقل خبراً سريعاً، أو يعلق على حادثة ما، فيسمي نفسه، أو نسميه إعلامياً، ويجد له طابوراً من المؤيدين والمشجعين بل ومن المسحجين، الأمر الذي من شأنه أن يعتبر تدخلاً سافراً في اختصاص الإعلاميين (الصحفيين) الذين يمارسون الإعلام كمهنة، وعمل يومي. وقد تجاوزت بعض القنوات كل الحدود، وخرج كثير ممن يدعون أنهم إعلاميون خارج كل حدود النص الأدبي والأخلاقي والذوق العام للمجتمع، بما يطرحونه من مواد لا يمكن تسميتها إعلامية بحال من الأحوال، وهي لا تتفق مع أي معايير أخلاقية ولا اجتماعية. وأهدف من مقالتي إلى التعرف على من يستحق لقب إعلامي، ويحمله بجدارة؛ بطرق تنسجم مع البيئة الإعلامية الجديدة، وخاصة الإلكترونية. فقد غدا مصطلح الإعلامي فضفاضاً، وأصبح الأمر محيراً! فهل يستحقه من يمارسون العمل الإعلامي؛ ويتخذون الإعلام مهنة لهم؟! بطريقةٍ احترافيةٍ منظمة، وضمن خطواتٍ محددة مبنية على تعليم وتدريب معينين، وبطريقةٍ أخلاقية، تبعاً للقوانين أو الآداب والأخلاقيات التي تلزمه بها مهنته، أم إن المصطلح يطلق على كل من ينشر خبراً؟! أو يبث مقطعاً؟! أو يصور مشهداً ما؟!. فالإعلام حاجة اجتماعية تعكسُ، خبراتٍ مختلفةً، ومتنوعةً، وهو نظام اجتماعي، يتكامل ويتناغم مع بقية أنظمة المجتمع، ويجب أن يقوم بوظيفته المنوطة به على أمثل وجه، لأنه من أخطر الأنظمة المجتمعية في العصر الحديث (المجتمع الرقمي)، فهو الخيط الذي نحبك به نسيج المجتمع. وإن الناظر إلى مثلث العمل الإعلامي من (صحافة، وصحفي، ومهنة)، سيجد تساؤلاً عن إمكانية وجود منظومة قيمية أخلاقية واحدة أو متقاربة تحكم وتنظم العمل الإعلامي، وتستوجب إعداد وتأهيل الإعلامي (أكاديمياً، ومهنياً، أخلاقياً)، كما يجدُ غموضاً ولبساً في تعريف من هو الإعلامي أو الصحفي؟ أنا شخصياً أعتقد أن المصطلح الأكثر دقة هو مصطلح (صحفي)، وأقصد به كل من يشتغل في مهنة الصحافة، بكل فروعها المكتوبة، والإلكترونية، والمسموعة، والمرئية، ولكن بشروطها المعروفة كمهنة، أما الذين يظهرون في مواقع التواصل الاجتماعي، فأظن أن تسميتهم بالناشطين، قد يعبر عن حقيقتهم أكثر من تسميتهم بالإعلاميين، فهم ليسوا كذلك ولو نشروا مواد إعلامية. إن الإعلامي الناجح هو الذي يعرف الطريقةَ الصحيحةَ للتعبيرِ عنْ فكرته، وعن الكيفية التي يستطيعُ أن يؤثرَ بها في أكبرِ عددٍ ممكنٍ من الناسِ، وذلك بالالتزام بمواصفات وشروط وأخلاقيات هذه المهنة، وبضوابط وأعراف المجتمع الذي يعيش فيه. ويمارس مهنته بأسس من الرقابة الذاتية (self regulation)، دون الحاجة لقوانين صارمة، تحد من عمل وحريات الصحفيين بسبب تصرفات بعض المتطفلين. وكي نصل إلى هذا الصحفي لا بدَّ من إعدادِه باحترافية ضمن محاور الإعداد، الأكاديمية، والمهنية، والأخلاقية، وفقاً لأجود المعايير العالمية، قبل أن ينطلق إلى سوق العمل، وبذلك نتمكن من إيجاد إعلاميين يتمتعون بثقافة التميز، وننتج منتجاً إعلامياً متميزاً ذا جودة عالية. وهي دعوة إلى نقابة الصحفيين كي لا تترك الحبل على الغارب لكل من هب ودب، ولكنها نصيحة أيضاً إلى إعادة النظر من جديد في توسيع المظلة لصنوف مهنية إعلامية جديدة تنضوي تحت لوائها علاوة على ما هو موجود حالياً. * أستاذ مشارك في الصحافة والنشر الإلكتروني
E-mail:dralialqudah2@gmail.com
مدار الساعة ـ نشر في 2020/04/10 الساعة 22:43