اربد.. عليكِ وعلى أهلكِ السلام

مدار الساعة ـ نشر في 2020/04/06 الساعة 23:03
بقلم: ربى عادل الزعبي اربد، أبدأ بالسلام عليكِ من شرفات الوطن الأبهى. وطن: قيادته هاشمية ملهمة، ورسالته عروبية وإنسانية سامية، وشعبه أردني نبيل، يسير نحو العلا، بخطوات واثقة وعزم لا يلين. وأسأل في لحظة وجع وحزن؛ كيف يكون السلام لمدينة هي بحجم الورد وبرائحة الحناء، وأنىّ لنا أن نتركها ونترك جدائلها وأغانيها وتعاليل أهلها وليالي حصاديها، دون أن نلقي عليها التحية، فهي خاصرة الوطن من شمال، وزمانها - يا لزمانها - أردني أصيل، ومضاربها موئلٌ للعسكر والمعلمين والمثقفين والمزارعين، وأولي الهمة القابضين على دحنون عشقهم الأزلي، لحمىً عربي هاشمي، هو الأجمل على خارطة الكون من جهاته الأربع. فسلام عليكِ يا مدينة الصبر والرضا، سلام على أهلك وناسك الطيبين، سلام على سهولك الممتدة من وهجِ القلب، حتى ناصية الروح. سلام عليكِ يا أيقونة المدائن، وحاضنة اليرموك، سلام عليكِ وأنتِ تقفين على ذاك التل، تقرأين في حضرة الوطن: أننا فديناه وافتديناه، وفي القلوب زنرناه وحوطناه. سلام عليكِ، يا اربد، وأنتِ تلوذين في المساءات التي لا تعرف القلق، تستمدين من همم وعزيمة الأشاوس: العسكر، حماة الديار والأحلام، جند لا تغفو عيونهم، حتى تطمئن قلوبهم، أن الليل وإن طال، سيعقبه نهار موشح بالتباشير والأهازيج، والتحايا لعميد آل البيت وولي عهده الأمين، والشماغ المهدّب، تستمدين، يا اربد، كل الوهج والألق والنقاء. سلام عليكِ، أيتها المليحة، وأنتِ تتأبطين هذا الألم، مثل ريح لا تسكن عواصفها، تُضمدين جرحك في الحنايا، فأهلكِ لا يهابون المنايا، فكيف يستكينون لهذا العابر اللئيم. فالصبر الصبر، يا اربد، فقناديلكِ ستبقى مضاءة ولن تنطفىء، وزيت زيتونك الشرقي منه والغربي لن يجف، وستبقى حاراتكِ وشوارعكِ وقراكِ، كما كانت، عامرةً بخوابيها، بأفراحها وأعراسها، ودبكات " حبل مودع " وأصوات رجالك تشق عتم الليل وهي تصدح : حنا يوم الكرامة ردينا العدو خايب. فنامي قريرة العين مطمئنة، أيتها المدينة التي لا تعرف النعاس، ولا يتعبها التعب، ولا يغفو ابدا دحنونها الذي لا يتوظأ إلا بقطر الندى. اربد، يا فاتحة الفرح لحظة تنّزُل الغيمات حبات مطرها، يا حاضنة الشمس في شروقها حتى تعانق سهولك في خضارها، صبرا صبرا، فلن تكوني في خُسر، ولن يكسركِ هذا الوباء، ولن تعصف بكِ هذه الجائحة، مهما علا هدير الضجر. اربد بوعي أهلها، لن تهادن هذا الفيروس، وسوف تدحره وتتغلب عليه، ولن يعجزها هذا الماكر الذي لا يُرى، واربد ستبقى المليحة حتى في " خمار " العزل. اسعدي اربد واستبشري، فالملك القائد، حامي الحمى، ويمين أبيه ولي العهد الأمين، يطمئنان باستمرار على الأهل والعزوة، أفراد أسرتهم الأردنية الكبيرة. أسرة هاشمية نذرت نفسها لشعبها وأمتها.

اسعدي اربد، فها هم نشامى الجيش العربي، يغلقون عليكِ المنافذ، كي تستعيدين عافيتك، وتنهضي من جديد، يغلقون المنافذ ولا يغلقون النوافذ، حتى تظل وجوههم ملتصقة بوجوه أهليكِ، وتبقى قلوبهم تعانق هواءكِ الطلق، وورد نيسان الذي يزين جنباتك. نعم، هناك وجع، وهناك ألم. ولكن، هناك ترياق، وهناك بلسم، وكما قالوا ( المر سيمر)، فاصبري اربد، فاليسر آتٍ بعون الله، مهما اشتد عليكِ زمان العسر. اربد، يا أخت جميع الأردنيين الذين أفزعهم ما حل بك، وهبّوا لنجدتك، بجيشهم: ربع الكفافي الحمر والقلوب العمرانة بعشق الوطن وقائده الملهم وشعبه الأنبل. فليعلوا صهيل خيلك، وليبقى ملعلعا في فضاءات الكون.. فجياد فرسانك ما كبت ولن تكبوا أبدا. اربد، كفكفي هذا الدمع، وكفي عليكِ هذا الأنين، فالوباء شر عابر، وعيون الجند وأصحاب القلوب البيضاء وملائكة الرحمة، يلتفون حول حضورك البهي، وسيبرون بالقسم وسيكونون لهذا الطارىء بالمرصاد، فلا تخافي ولا تحزني. اربد، انتبهي الى يسارك، ولا تغظي الطرف عن يمينك، تنبهي إلى هذه الحلكة ولا تقنطي، فالليل وان طال فلا بد أن ينجلي، ولا بد للنهار ان يطلع، وستبقين أيتها المدينة الولادّة للرجال والفرسان والشهداء، حاضرة في حدقات العيون، وقوافي شعر عرارك، أما عيالك سيبقون يشدون على الركايب. أما أنتم يا أهل اربد، لكم ومعكم الله، وزادكم وعيكم والثقة بنشامى الجيش والعسكر... ثقوا بوطنكم وثقوا برجالاته ومؤسساته. لا تجزعوا ولا تخافوا، فعين الله لا تنام، وعين الله ترعاكم. نوائب الدهر لم تهزكم، ولن يهزكم هذا الفيروس اللئيم، وحتما ستنقشع الغمة، وسيعود إليكم زمانكم، زمان الضحى وزمان الصعود الى الثريا، تسيرون في الغيم حيث مضاربكم وخيامكم وصهيل خيلكم. يا أهل اربد الطيبين، يا فرسان الليل وعشاق الصباح، ستبقى الشمس تتعامد مع وجوهكم (خيامكم على الأرض، وخيولكم في السحاب). الشوارع والأزقة والحواري والدكاكين وبيادر الحصاد، ودلال القهوة السادة، ستبقى جارة لوديانك، عليها تطلع الشمس ، وتشرق على قلوبكم، التي تهون عليها الشدائد مهما تعاظمت، فعزمكم لا يخفى على أحد. أتموا نذركم بالصبر والأمل، لقهر هذا الفيروس، وهو مقهور بعون الله. اربد، عليكِ السلام، وعلى أهلك السلام، وحفظ الله الأردن وقائده حبيب الشعب وأمل الأمة، وحفظ الله الوطن الأغلى والأحلى وشعبه النبيل وجيشه المصطفوي وأجهزته الأمنية، انه نعم المولى ونعم النصير.
مدار الساعة ـ نشر في 2020/04/06 الساعة 23:03