الأردن وقطر.. من قال إنها صفحة جديدة؟
مدار الساعة – عبدالحافظ الهروط - كل الذين شرّقوا وغربوّا بالعلاقة الاردنية القطرية، لم يعرفوها على حقيقتها، فالسياسة حمّالة اوجه، مع تأكيدنا بان عمان والدوحة ليستا خارج السرب العربي وما يجري في فضائه وعلى ارضه من أحداث.
كمواطن اردني، زرت قطر بمهمات رسمية، وزيارات خاصة، لم اتأخر فيها امام نافذة ختم الجواز في المطار اكثر من كلمة: اهلاً وسهلاً بالاردن والاردنيين.
تعرفت الى شخصيات رياضية واعلامية واقتصادية ورجال اعمال، فأنزلوني المنزل والمؤسسة والمطعم، وقد انزلتهم القلب لأنهم اصحاب الأوّلة.
لا أقصد في هذا العرض، ان احصر العلاقة الاخوية بين البلدين الطيبين والشعبين الشقيقين، في جانب شخصي، ولكنني عرفت هكذا شعور كل اردني وقطري يذهب الى الدوحة ويجيء الى عمان.
قيل ان الزعماء يُعرفون عند الشدائد، وان السفراء يتجلى دورهم عند الرخاء والازمات، وهذه قصة طويلة ارسى قواعد التواصل والعمل المشترك فيها، الراحل الحسين مع القيادات القطرية منذ عشرات السنين، وحتى في المواقف الفاصلة والحاسمة، هذا، ليس من عندياتي، ولكن الاخوة القطريين يؤكدون ذلك.
قال الساسة والاعلاميون، وكل من يعرف ويحرف ويهرف، ان العلاقة الاردنية القطرية، فاترة، متجمدة، في خلافات، عليها ضغوطات عربية ودولية، وفي طريقها الى القطيعة، الا ان كل من عرف حقيقة العلاقة ورسوخها، كان يدرك ان القنوات مفتوحة، وعلى تواصل، وان الاعلام هو المغيّب، ولأن القناعة عند أولي الشأن في الاردن وقطر ان الضجيج لا يصنع علاقات، وفي الوقت ذاته، ان اقلاماً مغرضة ولها اغراضها في اثارة الغبار لتعكير الاجواء، لن تحجب الشمس المشرقة على ابراج وسوق واقف واعمدة البترا واعمدة جرش.
وعندما ضاق الأُفق العربي لاستضافة مؤتمر القمة الثامنة والعشرين، كان الاردن البيت العروبي في لمّ الشمل، وقد جرت قبل انعقادها تكهنات بمن سيحضر ومن سيغيب، وكثرت التأولات حول حضور أمير قطر للقمة، اثر الدعوة التي حملها الى الدوحة وزير الخارجية الاردني السابق ناصر جودة.
بدّد هذه التكهنات وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني وقد استقبله الملك عبدالله الثاني، ففي عمان جهد موصول يُشكر عليه السفير القطري النشط بندر بن محمد العطية، ولتأكيد عمق هذه العلاقة ، كان الملك عبدالله يوفد وزير الخارجية أيمن الصفدي الى العاصمة القطرية، وهناك استقبله الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.
وفي استقبال مهيب، كان الملك عبدالله يفرد ذراعيه على اتساع عباءة الشيخ تميم، فيما ارتسمت ابتسامة عريضة على محيا القائدين، ربما علا صوتها عند الوداع بعد انتهاء القمة، وهذا سر، لم نعرفه في الاعلام بعد.
فقط، ينتظر الأردنيون والقطريون، السفير الاردني الجديد الذي سيتم اعتماده في الدوحة، ولمرحلة جديدة نأمل فيها الخير على البلدين وخدمة قضايا الأمة، فالسفراء كما اشرنا في مقدمة المقال، لهم دورهم في الرخاء وعند الأزمات، ولا نقول إلا: إن خير من استاجرت القوي الأمين..