كمامات واجهزة تنفس من دولة خليجية لاسرائيل

مدار الساعة ـ نشر في 2020/03/31 الساعة 23:42

مدار الساعة - للمرة الثالثة خلال الشهر الجاري، يقوم الموساد بتأمين كمية كبيرة من المعدات الصحية الناقصة التي تحتاجها وزارة الصحة في دولة الاحتلال لمواجهة عدوى كورونا، وسط تصاعد انتقادات توجه لحكومتها بالإهمال والقصور المتراكم للخدمات الطبية والفشل في استحضار الأدوات الطبية الحيوية حتى تدخلت الأجهزة الأمنية لتوفيرها على حساب انشغالها بقضايا الأمن.

وكشفت القناة الإسرائيلية 12 عن استمرار الموساد في عمليات سد النقص المريع بالمعدات الطبية داخل إسرائيل، وهذه المرة تم استحضار 27 ماكنة للتنفس الاصطناعي و20 ألف وحدة فحص مخبري و10 ملايين كمامة جراحية و700 بدلة طبية لطواقم سيارات الإسعاف من “دولة مجهولة” سترسل الأربعاء 180 ماكنة تنفس جديدة.

في ظل منع الرقابة العسكرية عن الكشف عن هوية هذه الدولة المجهولة، قالت تسريبات إعلامية في منتديات التواصل الاجتماعي الإسرائيلية إن الحديث يدور عن الإمارات. يشار إلى أن المحلل الإسرائيلي للشؤون الإستراتيجية يوسي ميلمان قد أشار لـلإمارات في تلميحات غليظة وبلغة ساخرة قال فيها إنها “الدولة الصغيرة التي أسعفت إسرائيل الكبرى”. يشار إلى أن الموساد كان قد استحضر 100 ألف وحدة فحص مخبري لإسرائيل من الإمارات قبل أسبوع اتضح أنها ليست المعدات التي طلبتها وزارة الصحة في دولة الاحتلال وفقا لتسريبات إسرائيلية وأجنبية كثيرة.

نجاح الموساد حيثما فشلت الخارجية

وقالت صحيفة “ماكور ريشون” اليمينية إن الموساد تدخل نتيجة النقص الحاد بمثل هذه الأدوات الطبية في العالم ونتيجة فشل وزارة الخارجية ووزارة الصحة في تأمين ما هو ناقص، خاصة أن دول العالم تفضل الاحتفاظ بما لديها في ظل تفشي عدوى الكورونا فيها أيضا.

ونقلت “ماكور ريشون” عن مصدر في وزارة الصحة الإسرائيلية قوله إن إسرائيل ستملأ مخازنها الآن بفضل هذا العتاد الذي وفره الموساد وربما تفكر ببيع قسم منه مستقبلا لدول أخرى. وشكر مدير عام وزارة الصحة الإسرائيلية يوسي سيمانطوف الموساد والشاباك على ما قاما به في مجال سد النواقص.

وفي خضم الأزمة التي تواجهها إسرائيل نتيجة استشراء عدوى كورونا، تتواصل الانتقادات الموجهة لحكومتها من جهات مختلفة تتهمها بالقصور وإهمال متواصل للمرافق الطبية وتعريض صحة الإسرائيليين للخطر، وسط توقعات أن يتم تشكيل لجنة تحقيق رسمية مستقبلا تبحث كيف عانت مستشفياتها من نقص بمعدات وأدوات طبية حيوية اضطرت الموساد للتدخل للحصول عليها من الخارج.

ووجه الرئيس الأسبق لمجلس الأمن القومي الجنرال بالاحتياط غيورا آيلاند في حديث لإذاعة جيش الاحتلال انتقادات لحكومة نتنياهو وقال إنها تعالج العدوى بشكل فوضوي ودون رؤية جامعة، منوها للنقص الكبير في المرافق والمعدات الطبية الحيوية. وتوجه أوساط إعلامية إسرائيلية انتقادات مماثلة وتتوقع قيام لجنة تحقيق رسمية حول جاهزية إسرائيل من ناحية احتمالات تعرضها لوباء وحول الوضع المزري لمرافقها الاستشفائية. ويرى محلل الشؤون الإستراتيجية يوسي ميلمان أن تكليف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لرئيس الموساد يوسي كوهين بمسعى محموم للحصول على أدوات فحص الكورونا من دول في الخليج هو أخطر لائحة اتهام لنتنياهو حتى الآن.

فشل نتنياهو

وقال ميلمان في تقرير مطول نشرته صحيفة “هآرتس” بـطبعتها الإنكليزية إن مشاركة كوهين مرحب بها أيضًا بالطبع لكن وضع المسؤولية على وكالة التجسس الإسرائيلية الموساد من خلال المشتريات الطبية من هذا النوع وعلى هذا المستوى هو تعبير واضح عن فشل بنيامين نتنياهو التام في الإدارة، لافتا إلى أن إسرائيل هي الدولة الغربية الرئيسية الوحيدة التي تتصرف بهذه الطريقة.

ويمضي ميلمان في نقده: “لكن داخل إسرائيل الموساد ليس وحده إذ شاركت وزارة الأمن في أشكال مختلفة من المشتريات منذ قيامها عام 1948 وقد اكتسبت خبرة ومعرفة وقدرات أكثر بكثير من الموساد، الذي لا يمتلك أي ميزة متأصلة عندما يتعلق الأمر في المجال الطبي”. ومع ذلك يقول ميلمان إن الحكومة تحاول الاستفادة من خبرة الموساد ومن اتصالاته وعلاقاته الهادئة خاصة في العالمين العربي والإسلامي، موضحا أن إسرائيل تقيم علاقات رسمية مع 100 دولة لكن للموساد علاقات غير معلن عنها مع 140 دولة.

الصين هي المصدر الأساسي

ويرجح ميلمان أن رئيس الموساد كوهين يحاول الاستفادة من اتصالاته مع قادة ورؤساء المخابرات في العالم العربي لإقناعهم بمساعدة النظام الصحي الإسرائيلي المتدهور. ميلمان المقرب من المؤسسة الأمنية يرجح أيضا أن الدول الخليجية اشترت معدات الوقاية والتشخيص من الصين، ويضيف: “إذا كان هذا هو الحال، فإن إسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم المعروفة التي حشدت وكالة استخباراتها لمثل هذه المهمة، وهذا يعكس عدم كفاءة نتنياهو في إدارة الأزمة. نتنياهو أكثر من أي وزير آخر مسؤول عن الوضع الإسرائيلي الرهيب بل إن مسؤوليته ثلاثة أضعاف”.

ويعلل ميلمان رؤيته هذه بالقول إن نتنياهو أولاً رئيس للوزراء في آخر 11 سنة وثانياً هو في الواقع وزير الصحة فعليا لأن يعقوب ليتسمان هو وزير متشدد دينيا ربما يفهم بالدين لكن ليس في الشؤون الصحية. يشار إلى أن مثل هذه الانتقادات وأقسى منها قد صدرت عن أوساط في المعارضة أبرزها رئيس حزب “يسرائيل بيتنا” أفيغدور ليبرمان الذي سخر من وزير الصحة ليتسمان ونعته بأنه “وزير تاريخي من القرن التاسع عشر”.

إخفاق حرب 1973

ويمضي ميلمان في توجيه سهامه: “غالبًا ما يُنظر إلى إسرائيل وتُقدم على أنها قوة مالية وعلمية وتكنولوجية كبرى وليس هناك شك في أن هذه الأوصاف تتجاوز وزنها على أرض الواقع”. ويدلل على رأيه هذا بالإشارة إلى النقص في المعدات الكافية ويقول إنه لا توجد أسرة كافية داخل المستشفيات خاصة في عنابر العناية المركزة ونقص أجهزة التهوية ومعدات الحماية للطواقم الطبية في المستشفيات والعيادات.

وضمن تحليله للوضع الذي بلغته إسرائيل وفضحت عوراته عدوى الكورونا يعود ميلمان لدور نتنياهو في خصخصة الخدمات العامة وتقليص مساحة “دولة الرفاه” لأنه طالما كان يؤمن بالرأسمالية الراديكالية والسوق الحرة والخصخصة والقطاع الخاص، وسبق وعارض دائمًا فكرة مشاركة الحكومة الكبيرة في السوق، ودفع لتهميش وتقليل دور الاستثمار في القطاع العام، وليس أقلها في البنى التحتية المادية والاجتماعية.

ويضيف: “هكذا وجدت إسرائيل نفسها في مأزق غير مسبوق يذكرنا بحرب 1973، عندما فوجئت إسرائيل بالجيوش الغازية من سوريا ومصر. في ذلك الوقت واليوم، كان لدى إسرائيل معلومات استخباراتية جيدة تقدم إنذارًا مبكرًا بالمصيبة لكن القيادة في كلتا الحالتين كانت راضية عن نفسها. عندما تفجرت العدوى قبل شهرين تلقت إسرائيل معلومات محددة وكافية من الصين والعلماء حول العالم بأن الخطر ينتشر لكن نتنياهو تجاهل العلامات. خلال هذه المراحل المبكرة، كان رئيس الوزراء منشغلاً بمشاكله السياسية”.

دولة عربية صغيرة تسعف إسرائيل

وللتدليل على توصيفه لشخصية نتنياهو يقول ميلمان إن رئيس الموساد الراحل مئير داغان أخبره ذات مرة أنه كان دائما يخشى شخصية نتنياهو التي يختلف جوهرها عن مظهرها وأنه دائم الخوف ويضخ الخوف الكئيب في قلوب الإسرائيليين، ظانا أنه بذلك يحكم قبضته على السلطة، وبعكس الآخرين هو لا يتحدث بلغة الأمل.

ويتابع ميلمان: “يرى نتنياهو نفسه أنه أنجح مدير تنفيذي في تاريخ إسرائيل، ولكنه في الواقع مدير صغير. إنه غارق في التكتيكات وليس في الإستراتيجية. ورغم حديثه الدائم عن علاقاته المزدهرة مع دول الخليج إلا أنه سيكون من المفارقة الكاملة إذا كانت دولة عربية صغيرة أقل تكنولوجيًا وعلميًا بكثير هي التي تسعف إسرائيل بوساطة الموساد”. القدس العربي

مدار الساعة ـ نشر في 2020/03/31 الساعة 23:42