مؤشرات أردنية لدور شبابي فاعل
كتب : طارق زياد الناصر
إذا فكرت بإجراء بحث عن مؤشرات دور الشباب الاردني عبر موقع جوجل ستجد نتائج البحث تقودك الى رابط او موضوع يعود للعام 2016 في افضل الحالات، وغالبا ما تكون مقالا يتحدث عن التطرف والارهاب وربما العنف، واذا كنت اكثر ايجابية فستجد شيئا كتب في العام 2014 عن مبادرات تمكين الشباب، جرب وابحث مرة اخرى عن الشباب فرسان التغيير او دور الشباب في الاردن وغيرها من الكلمات المفتاحية وستكون النتائج ذاتها، والعبرة بالتأكيد ليست فيما ينشر عبر شبكة الانترنت، ولا بأي كلمة مفتاحية او تاريخ لأي موضوع حول هذا السياق، لكن لا بد من طرح هذا السؤال كلما اتيحت الفرصة، أين هم الشباب الأردني وما هي مساهماتهم في مختلف مجالات العمل العام في الأردن ؟ وما مؤشرات وجود هذا الدور على ارض الواقع؟
في حقيقة الامر انني دائما ما ادعي اهتمامي بقضايا الشباب، خاصة وانني لم اغادر فئتهم العمرية بعد، وكنت كعادتي افكر فيما اكتب من قضايا الشباب مجددا، وبعد بحث طويل قررت ان اطرح الاسئلة السابقة على ذاتي واحاول الاجابة، مع ثقتي ان القراء يعرفون الاجابات حكما، لكن ربما غابت الاجابة عن قادة مؤسسات العمل الشبابي خاصة الحكومية منها.
وعلى سبيل المثال لا الحصر هل شبابنا جزء من صناعة القرار في مجتمعاتهم ومؤسساتهم التي ينتمون اليها؟ واذا كانوا كذلك فهل هناك ما يدل على فعالية هذا الدور؟ من وجهة نظري الشخصية لا يملك الشباب هذه الفرصة او هذا الحق، لان ممثليهم في المجالس المجتمعية هم غالبا موظفون يتبعون لادارة مركزية يقودها غير الشباب او متطوعون في مؤسسات يخطط لها اشخاص غير ممكنين في بعض الاحيان، او ربما يمكننا ان نرى في مجتمع ما شبابا في مواقع مميزة لأنهم ابناء ذوات، وكلما زاد الفارق العمري بين مدير مؤسسة ما وموظفيه كلما غاب مفهوم الرأي الاخر في مؤسسته فعلى الجميع ان ينفذ التعليمات كما هي، وكلما زادت حجم الطاعة والقبول كلما زادت الحظوة، ما يدفع في نفوس بعض الشباب الاكفياء شعورا هداما بالسلبية والانهزامية، ما ينتج عنه حكما غياب الشباب عن مراكز صنع القرار او على الاقل الاسهام في صناعته.
جانب اخر في محور صناعة القرار هو ان الشباب لا يخضعون الى تدريبات عملية على ذلك في المؤسسات التي تدعي انها ذات طابع شبابي، وهم ايضا لا يحظون حتى بفرصة المشاركة في وضع البرامج والخطط، مع اشاعة جو عام من التنافس غير الاخلاقي في الحصول على مكتسبات سطحية وجهوية او شخصنة في الاختيار، وادلة ذلك كثير ومعروفة.
وفي محور العمل السياسي نجد ان المجتمع فرض على الشباب وصاية حالت دون خوضه التجربة الحزبية، وحرمه فرصة التعرف على الاحزاب وبرامجها في الوقت الذي لا تمنعه التشريعات الاردنية من ممارسة هذا الحق، مع الالتفات الى ان الاحزاب ايضا مقصرة في طرحها لبرامج سياسية حقيقية جاذبة للشباب تخدم الوطن وتسهم في تعزيز مسيرته، مع ضمان استمرارية هذه الاحزاب من خلال رفدها بالطاقات الشبابية، التي ستشارك حكما في ادارة الحياة السياسية من خلال هذه البرامج، فهل يعقل ان يقوم حزب شبابي مثلا باقامة نشاط كل المتحدثين فيه من بيوت الخبرة مع قلة من الضيوف الشباب.
اما عن مؤشرات دور الشباب في الحياة الاقتصادية فقد سطرت ثقافة العيب العنوان الابرز في خمول الطاقة الانتاجية للشباب، وبحثهم عن فرص عمل شكلية تظهر ما يسمى بالبطالة المقنعة، في حين ان لدينا الكثير من قصص النجاح التي لم تأخذ فرصة كافية للظهور في مقاومة العيب وثقافته، ناهيك عن كون صناعة فرصة اقتصادية حقيقية لأي شاب باتت حلم يقظة في ظل عدم وجود دعم حقيقي لافكارهم وقدراتهم.
خلاصة القول اننا بحاجة الى بناء استراتيجية شبابية جديدة يكون للشباب دور في صناعتها والتخطيط لها، مع امكانية تنفيذها اذا ما حصلت على دعم من المؤسسات والاشخاص ذوي الخبرة، مشروطة بمعالجة التحديات التي تواجههم، فقد حاول الشباب ذات عام ان يصنعوا فرصة سياسية مبنية على دراسة عميقة وتدريب حقيقي من خلال وضع مسودة لقانون برلمان الشباب ، ثم اختفت المسودة وغاب القانون فضاع التخطيط والتنظيم،ومثل هذه التجربة جعلتنا دائما نسعى للتنفيذ قبل التخطيط فرعاية الشباب هم وطني يقودنا لصناعة المستقبل وعدم الخوف من المفاهيم الهدامة الدخيلة على المجتمع الاردني لان البناء قوي ومحصن،ووجود جو عام ايجابي وعادل يقودنا لاستثمار افضل لطاقة الشباب ويعطيهم دور واضح في ترتيب اولوياتهم وبناء هوية خاصة بهم، وربما كان هذا المقال فرصة لحوار مفتوح في هذا المجال.