محيلان يكتب: طلال ابو غزالة.. التنظير والتطبيق

مدار الساعة ـ نشر في 2020/03/30 الساعة 20:38
بقلم: د. محمد حيدر محيلان بادئ ذي بدء فالدكتور طلال ابو غزالة لا يعرفني وليس بحاجة ان يعرفني لما يتمتع به من معرفة وشهرة عالمية وعلاقات تربطه مع رؤساء دول العالم ومفكريه وكبار رجال الاعمال العالميين تجعله في غنى عن الشعبوية وتجميع وحشد الانصار، ولا انا انتظر ان يعرفني ابو غزالة فأفوز بحضوة عنده او أخطب وده لاي مصلحة كانت. ولكن كلمة حق امام طغيان واتهام باطل، في زمن اصبحنا نتبجح به في التقليل من شأن العلماء والشيوخ والمفكرين ورجال الدولة، ونتفنن في اغتيال وتجريح الشخصيات، ولا أدري هل هو بسبب الخواء الفكري والجهل واهتزاز الثقة بانفسنا وبما لدينا، أم اسقاط ما عندنا من نقص على الاخرين لتسقيطهم ليتساووا معنا في الدونية وذلك بعيد، ولعمري هذا انحدار في القيم والتفكير وحتى بالخلق والدين. ان التنظير جاء من النظر في الاشياء والتفكر فيها والتدبر والمعاينة لما تحتويه. وقد دعانا القرآن الى النظر والمعاينة والتدبر والتأمل كما في قوله تعالى في سورة يونس " قل انظروا ماذا في السموات والأرض " فنحن مأمورون بالنظر والتفكر والتدبر وليس مخيرون بذلك فننظر ونتدبر للتلهي وللرفاهية فقط... وقوله تعالى "يا أيها الذين آمنوا ؛ اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدّمت لغد " وقوله : فلينظر الإنسان ممّ خلق؟ وهناك دعوات في المسير في الأرض والنظر التامل والتفكر "أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم، ولدار الآخرة خير للذين آمنوا".. والتنظير كما يعرفه علماء الاجتماع هو عملية التفكر والتدبر وشحذ الافكار من خلال العلم وعصف الذهن للتخطيط والخروج بنظرية لتطبيقها على ارض الواقع لبيان حقيقة او حل مشكلة واقعة. وكثير من المنظرين الذين وضعوا نظريات منها ما طبق ونجح وانتج كمخترعي الاجهزة والالات والادوية والنظريات الادارية والاجتماعية، ومنها ما زالت نظرياتهم محل خلاف ونقاش كداروين وغيره.. يتبين ان العلم والتنظير ياتي قبل العمل والتطبيق، وقد أمرنا القران بالعلم والتفكر لكي ننفذ من اقطار السموات والارض . ثم ان جميع النظريات العلمية سبقها تنظير من العلماء، ومن ثم وضعوا النظريات النافعة التي تم تطبيقها وترجمتها الى طائرات وسيارات وهاتف خلوي وغيره من التكنولوجيا الحديثة... ما أحوجنا في مثل هذا الوقت من تراجع العلم والفكر وندرة المفكرين والمنظرين لخبير ومجرب ومفكر ومنظر مثل الدكتور طلال ابو غزالة.. واذا لم يكن المنظر والمفكر لدينا ابو غزالة فمن يكون اذن ؟؟ وقد اتاح له الله العلم والمعرفة والخبرة ما كان سببا لنجاح افكاره ومؤسسته العالمية مجموعة طلال ابو غزالة الدولية التي يملكها ويديرها في جميع انحاء العالمخير مثال للنجاح والتميز . وتقاس ريادة الشخص وتفوقه بانجازه وبنجاح اعماله، عدا عن الاوسمة والشهادات العالمية التي يحملها المفكر ابو غزالة وعضويته في لجان ومؤسسات علمية وفكرية في جميع انحاء العالم، لا اضن انها اتيحت الا لقلائل من ابناء الدول العربية، فاذا لم يُنظر هؤلاء، امثال ابو غزالة ويضعون لنا النظريات، بغض النظر اتفقنا أو اختلفنا معهم من حيث التنظير او التطبيق فمن ينظر لنا؟!؟ ما اسبقنا لتبني نظريات الغرب وان اختلفت مع ديننا وقيمنا، واشهارها واشهار منظريها والتفاخر بها ... وما اسبقنا لرفض وتتفيه وتسفيه نظريات ابنائنا ومفكرينا من العرب وان اتفق معها الغرب وتبناها ... فقط حسد من عند انفسنا، وكيف نشيد ونعترف بفكر ونجاح فلان، يعني ذلك انه احسن وافهم منا !!! وما العيب وما الضرر ان يكون افهم منا اذا كنا نبغي الحقيقة العلمية، والوصول اليها وليس نقاتل الناطور ؟ لماذا نصر على العقلية الأبولهبية والأبوجهلية، فقط أنفةً وتكبر للتقليل من شأن اي شخص يتفوق علينا.. ان الكبير يُكبر الناس ويعلي من شأنهم، والمتعلم والمفكر ،يقدر المتعلمين والمفكرين. انما الجاهل يريد ان يكون جميع الناس مثله جهلة ولا يعترف بتفوق وتميز احد...عند كل الناس القرد بعين أمه غزال، الا عند العرب الغزال بعين أمه قرد، ولو كان غزال بعين الامم الاخرى.. وابو غزالة غزال بعين معظم الامم التي زارها.. فلماذا لا نراه كذلك عندنا!؟!؟ ما احوجنا للمنظرين والمفكرين وواضعي النظريات العلمية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية لانتاج الرؤى والافكار، وقراءة الواقع والتنبؤ بالمستقبل، للتغلب على مشكلاتنا ووضع الحلول المناسبة لها. ولا يجوز ان نتوقف عن التفكر والتدبر والنظر للواقع والمستقبل ولو للحظة واحدة وإلا نكون امة ميتة ومتخلفة تتنظر التكفين واللحد ...وما احوجنا كذلك لاهل العمل والتطبيق والتنفيذ لهذه النظريات العلمية، وليس المستهزئين والمعرقلين والجالسين فقط للتجريح والتتفيه والتسفيه لكل عالم او مفكر او مجتهد، (وهم كثر للأسف )، فدوام حالة النقاش، وتلاقح الافكار المتبادلة بين أهل النظر والعمل، يصلح أهل النظر لتعديل رؤاهم، وفق ما يستجد من تحديات التطبيق والتنفيذ والعمل، ويعين المنفذون والمطبقون الجادون لانجاز عملهم ونجاحها، ولا بد من التعاون بين المنظرين والمنفذين، للوصول الى الغايات وانجازها على ارض الواقع. ولننتهي من القيم البائدة والجاهلة والسلوكات السلبية المدمرة والتي ابرزها تفشيل وتثبيط الناجحين من ابنائنا وتنجيح وتشهير الفاشلين من الامم الاخرى. فلندعم المفكرين والعلماء ونهيء لهم البيئة المناسبة والمختبرات والامكانيات المالية والمعنوية والدعم بكافة اشكاله، لكي نرتقي ونصل لمستوى الوعي المطلوب، والثقافة الايجابية، والدين الحنيف، والخلق القويم. فنعم للتنظير والتفكير، ونعم للعالم والمفكر ابو غزالة، وغيره من ابنائنا المميزين .. واذا كنت لا تملك المعرفة والعلم فلا تخذل وتثبط غيرك، واذا كنت باسفل درجة من السلم ، فلا تسحب لاسفل من كان فوقك بدرجات، بل مد يدك له ، ليسحبك لاعلى وتصعدان معا للقمة.... والله وخدمة العلم والمعرفة والوطن من وراء القصد، ولا نترجي من هذا اجرا ولا جزاءا ولا شكورا.
مدار الساعة ـ نشر في 2020/03/30 الساعة 20:38