الشهاب يكتب :التولي يوم الزحف في معركة الكورونا
مدار الساعة ـ نشر في 2020/03/29 الساعة 14:06
/>
حديثي اليوم سيكون قاسيا نوعاً ما لأنه موجة للحديث عن ثلاث فئات لها دورسلبي كبير في معركتنا كدولة ومجتمع مع جائحة الكورونا، وهم ثلاثة وجوه لعملة واحدة.
بالعودة الى عام 1936 إبان الحرب الأهلية في إسبانيا، والتي استمرت لمدة ثلاث سنوات، أُجريَ لقاءٌ مع أبرز القياديين الإسبانيين واسمه "إيميلو مولا" وسؤل: أيّ من الطوابير الأربعة سيكون فاتحًا لمدريد؟ ووقتها لم يكن إلّا أربعة طوابير تحمي مدريد، فأجابه "إيميلو مولا" قائلًا: إنّ الذي سيفتح مدريد هو الطابور الخامس، وهو يقصد هنا العملاء الذين كانوا يتغلغلون بين الثوار، فقد كان له عملاء يساندونه في الخفاء في مدريد، وهم المعوّل عليهم في إشعال الخوف والرعب في قلب مدريد، وفي نقل المعلومات، وهذا كله يساعد في ميل الكفّة لصالح قواته في هذه الحرب، فهم كانوا يبثّون الإشاعات الكاذبة التي تُضعف القوى والنفوس بين صفوف المقاتلين في مدريد.
ومن هنا جاء مصطلح الطابور الخامس للحديث عن الفئة الأولى ، لكنني أعتقد أن ذُكر مصطلح الطابور الخامس الان لا يقتصر على مروجي الاشاعات وناقلي الاخبار الزائفة فحسب، بل يتعدى ذلك الى المحبطين والمتخاذلين عن تنفيذ التعليمات المقدمة من الحكومة وخلية إدارة الازمة، فبعد الجهد الجبار الذي تقوم به الحكومة الأردنية اليوم للتعاطي مع هذه الحرب، وقد اتخذت استراتيجية واضحة بان يكون الإنسان الأردني وسلامته هي الهدف والمحور الرئيس في المعادلة، ناهيك عن أن الكثير من المتهاونين بتلك التعليمات لا يدركون مستوى العبء المالي على خزينة الدولة وعلى الاقتصاد الأردني بشكل عام، وكذلك العبء الجسدي والنفسي الواقع على كافة الكوادر العاملة في مختلف القطاعات الرسمية والأهلية، وتكلفة أن تطول لا سمح الله هذه المعركة على الأرواح وعلى القطاع الطبي و على القطاع الاقتصادي، لذلك هذه الفئة البسيطة نسبيا في مجتمعنا اليوم، مدركة أو غير مدركة فهي بمثابة الطابور الخامس في المعركة، والخطورة تكمن في ان شخص واحد لا سمح الله قد يحدث خرقا حقيقيا لكافة الجهود الدفاعية التي تعب ويتعب من أجلها الكثيرين، فمن شأن شخص واحد ان يتسبب في نقل العدوى الى المئات، وكما أن شخصا واحد قد يتسبب بإحباط الكثيرين وإثارة الرعب بين الناس مما سيكون له اثر سلبيا كبيرا على إدارة هذه المرحلة كيف لا ونحن جميعا ندرك أننا أمام معركة سلاحها الأول المناعة والتي ترتبط ارتباطا وثيقا بالمعنويات والصحة النفسية.
الفئة الثانية تجار الحروب مصطلح سياسي شاع إستخدامه لوصف فئة من التجار الذين يستغلون أوقات الحروب والأزمات لصناعة الثروات من خلال الاحتكار ورفع الأسعار وغيرها من الظواهر التجارية السلبية، إلا انني هنا سأسلط الضوء على أنواع جديدة من تجار الحروب سواء المتشدقين للحصول على القاب وتأييد شعبوي مزيف من خلال تزوير الحقائق ونشر الاشاعات او من خلال سلبية التعاطي مع الجهد الوطني في هذه المعركة، او بهدف افتعال تضليل وتشويه للجهود المبذولة لمأرب شخصية وفئوية وتحقيق بطولات مزيفة في الاعلام وعلى منصات التواصل الاجتماعي، فتجد احدهم محلل سياسيا تارة وخبير مكافحة أوبئة تارة وخبير تخطيط لوجستي تارة أخرى سعياً لكسب المزيد من المعجبين بعيداً عن المهنية والخبرة في هذه المجالات، وهو غير مستعد لتقديم أي تضحية او مساهمه تذكر في هذه المعركة، فعلى الرغم من محدودية هذه الفئة الا انهم موجودين، ولهم جمهور من المستمعين نتيجة لعدة عوامل اقتصادية واجتماعية يطول الحديث عنها،
إن الدور الكبير والحقيقي الذي تقوم به الدولة الأردنية اليوم بدء من جلالة الملك ومرور بكافة المؤسسات الرسمية والأمنية والعسكري، والحرفية العالية في التعامل مع هذه المعركة، وبرغم وجود اجتهادات بسيطة لم تؤتي اوكلها هنا أو هناك، الا أننا ووفق الاستراتيجية التي تبنتها وزارة الصحة في مرحلة الاخماد العنيف بحيث نسعى لأن يصل معدل انتشار الفايروس لقيمة تقل عن الواحد على مقياس انتشار الأوبئة، تشير القراءات اننا نحقق انجاز حقيقي في هذا الخصوص مرهون بمدى استجابة ووعي وتعاون المواطنين، لذلك يجب اليوم على الجميع الوعي الكامل ودعم ومساندة هذه الجهود والتصدي للإشاعات ومروجيها، وسحب البساط من تحت كل من يحاول استغلال المعركة، لأن الغاية والهدف واحد، والوسيلة يجب اتباعها بناء على استراتيجيات أهل العلم والخبرة في هذا المجال، لسنى اليوم بحاجة لانتقادات، ولا محاكرة للحكومة ولا إحباط للشارع.
الفئة الثالثة والتي لا تقل بؤساً عن سابقاتها هم المتخاذلون والمتولون هربا من ارض المعركة، نعم كيف لا وقد عمدت الدولة الأردنية ومنذ تأسيسها وكأي نظام سياسي أخر الى صناعة نخب سياسية واقتصادية واجتماعية استثمرت الدولة على مدار سبعون عام بهم بعدة وسائل، للأسف نجد الكثير منهم اليوم يلتزم السلبية والصمت إزاء ما يحدث، وهذه ليست المرة الأولى فقد تخاذل الكثير منهم في منعطفات اقتصادية وسياسية سابقة وغرسوا رؤوسهم في الرمل، فأين القيادات السياسية اليوم (ولا أعني من هم على رأس عملهم) عن استثمار علاقاتهم المحلية والإقليمية والدولية لدعم الجهد الوطني الكبير في محاربة هذا الوباء وتأمين الاحتياجات الطبية والأجهزة اللازمة لتعزيز رصيد المملكة ودعم البنية التحتية للقطاع الصحي، ,اين القيادات الاجتماعية اليوم عن شحذ الهمم وتهدئة المواطنين وبث رسائل التوعية ليهم والتأثير على سلوكهم ايجاباً، وتنظيم تعاطيهم مع الإجراءات الحكومية، وأين هم الاقتصاديين ورجال الأعمال اليوم من التبرع بشكل حقيقي لدعم وزارة الصحة والمساهمة في تحمل تبعات هذه المعركة على فئات كبيرة من شعبنا، الم تقدم الدولة لهم الكثير الكثير من تسويق في أهم المحافل الاقتصادية الدولية وإعفاءات وتسهيلات وغيرها من السياسات لتشجيع وتنمية استثماراتهم، ,أين هم المغتربين الأردنيين اليوم من رد الجميل لأهلهم ووطنهم وفيهم الكثير من رجال الاعمال والمستثمرين، اليوم المعركة ليست فقط في مواجهة كورونا، لكنها أيضا معركة حقيقية لكشف الأقنعة وتعرية الوجوه فاليوم "يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود ".
حمى الله الأردن وأهله الطيبين
عماد الشهاب
حديثي اليوم سيكون قاسيا نوعاً ما لأنه موجة للحديث عن ثلاث فئات لها دورسلبي كبير في معركتنا كدولة ومجتمع مع جائحة الكورونا، وهم ثلاثة وجوه لعملة واحدة.
بالعودة الى عام 1936 إبان الحرب الأهلية في إسبانيا، والتي استمرت لمدة ثلاث سنوات، أُجريَ لقاءٌ مع أبرز القياديين الإسبانيين واسمه "إيميلو مولا" وسؤل: أيّ من الطوابير الأربعة سيكون فاتحًا لمدريد؟ ووقتها لم يكن إلّا أربعة طوابير تحمي مدريد، فأجابه "إيميلو مولا" قائلًا: إنّ الذي سيفتح مدريد هو الطابور الخامس، وهو يقصد هنا العملاء الذين كانوا يتغلغلون بين الثوار، فقد كان له عملاء يساندونه في الخفاء في مدريد، وهم المعوّل عليهم في إشعال الخوف والرعب في قلب مدريد، وفي نقل المعلومات، وهذا كله يساعد في ميل الكفّة لصالح قواته في هذه الحرب، فهم كانوا يبثّون الإشاعات الكاذبة التي تُضعف القوى والنفوس بين صفوف المقاتلين في مدريد.
ومن هنا جاء مصطلح الطابور الخامس للحديث عن الفئة الأولى ، لكنني أعتقد أن ذُكر مصطلح الطابور الخامس الان لا يقتصر على مروجي الاشاعات وناقلي الاخبار الزائفة فحسب، بل يتعدى ذلك الى المحبطين والمتخاذلين عن تنفيذ التعليمات المقدمة من الحكومة وخلية إدارة الازمة، فبعد الجهد الجبار الذي تقوم به الحكومة الأردنية اليوم للتعاطي مع هذه الحرب، وقد اتخذت استراتيجية واضحة بان يكون الإنسان الأردني وسلامته هي الهدف والمحور الرئيس في المعادلة، ناهيك عن أن الكثير من المتهاونين بتلك التعليمات لا يدركون مستوى العبء المالي على خزينة الدولة وعلى الاقتصاد الأردني بشكل عام، وكذلك العبء الجسدي والنفسي الواقع على كافة الكوادر العاملة في مختلف القطاعات الرسمية والأهلية، وتكلفة أن تطول لا سمح الله هذه المعركة على الأرواح وعلى القطاع الطبي و على القطاع الاقتصادي، لذلك هذه الفئة البسيطة نسبيا في مجتمعنا اليوم، مدركة أو غير مدركة فهي بمثابة الطابور الخامس في المعركة، والخطورة تكمن في ان شخص واحد لا سمح الله قد يحدث خرقا حقيقيا لكافة الجهود الدفاعية التي تعب ويتعب من أجلها الكثيرين، فمن شأن شخص واحد ان يتسبب في نقل العدوى الى المئات، وكما أن شخصا واحد قد يتسبب بإحباط الكثيرين وإثارة الرعب بين الناس مما سيكون له اثر سلبيا كبيرا على إدارة هذه المرحلة كيف لا ونحن جميعا ندرك أننا أمام معركة سلاحها الأول المناعة والتي ترتبط ارتباطا وثيقا بالمعنويات والصحة النفسية.
الفئة الثانية تجار الحروب مصطلح سياسي شاع إستخدامه لوصف فئة من التجار الذين يستغلون أوقات الحروب والأزمات لصناعة الثروات من خلال الاحتكار ورفع الأسعار وغيرها من الظواهر التجارية السلبية، إلا انني هنا سأسلط الضوء على أنواع جديدة من تجار الحروب سواء المتشدقين للحصول على القاب وتأييد شعبوي مزيف من خلال تزوير الحقائق ونشر الاشاعات او من خلال سلبية التعاطي مع الجهد الوطني في هذه المعركة، او بهدف افتعال تضليل وتشويه للجهود المبذولة لمأرب شخصية وفئوية وتحقيق بطولات مزيفة في الاعلام وعلى منصات التواصل الاجتماعي، فتجد احدهم محلل سياسيا تارة وخبير مكافحة أوبئة تارة وخبير تخطيط لوجستي تارة أخرى سعياً لكسب المزيد من المعجبين بعيداً عن المهنية والخبرة في هذه المجالات، وهو غير مستعد لتقديم أي تضحية او مساهمه تذكر في هذه المعركة، فعلى الرغم من محدودية هذه الفئة الا انهم موجودين، ولهم جمهور من المستمعين نتيجة لعدة عوامل اقتصادية واجتماعية يطول الحديث عنها،
إن الدور الكبير والحقيقي الذي تقوم به الدولة الأردنية اليوم بدء من جلالة الملك ومرور بكافة المؤسسات الرسمية والأمنية والعسكري، والحرفية العالية في التعامل مع هذه المعركة، وبرغم وجود اجتهادات بسيطة لم تؤتي اوكلها هنا أو هناك، الا أننا ووفق الاستراتيجية التي تبنتها وزارة الصحة في مرحلة الاخماد العنيف بحيث نسعى لأن يصل معدل انتشار الفايروس لقيمة تقل عن الواحد على مقياس انتشار الأوبئة، تشير القراءات اننا نحقق انجاز حقيقي في هذا الخصوص مرهون بمدى استجابة ووعي وتعاون المواطنين، لذلك يجب اليوم على الجميع الوعي الكامل ودعم ومساندة هذه الجهود والتصدي للإشاعات ومروجيها، وسحب البساط من تحت كل من يحاول استغلال المعركة، لأن الغاية والهدف واحد، والوسيلة يجب اتباعها بناء على استراتيجيات أهل العلم والخبرة في هذا المجال، لسنى اليوم بحاجة لانتقادات، ولا محاكرة للحكومة ولا إحباط للشارع.
الفئة الثالثة والتي لا تقل بؤساً عن سابقاتها هم المتخاذلون والمتولون هربا من ارض المعركة، نعم كيف لا وقد عمدت الدولة الأردنية ومنذ تأسيسها وكأي نظام سياسي أخر الى صناعة نخب سياسية واقتصادية واجتماعية استثمرت الدولة على مدار سبعون عام بهم بعدة وسائل، للأسف نجد الكثير منهم اليوم يلتزم السلبية والصمت إزاء ما يحدث، وهذه ليست المرة الأولى فقد تخاذل الكثير منهم في منعطفات اقتصادية وسياسية سابقة وغرسوا رؤوسهم في الرمل، فأين القيادات السياسية اليوم (ولا أعني من هم على رأس عملهم) عن استثمار علاقاتهم المحلية والإقليمية والدولية لدعم الجهد الوطني الكبير في محاربة هذا الوباء وتأمين الاحتياجات الطبية والأجهزة اللازمة لتعزيز رصيد المملكة ودعم البنية التحتية للقطاع الصحي، ,اين القيادات الاجتماعية اليوم عن شحذ الهمم وتهدئة المواطنين وبث رسائل التوعية ليهم والتأثير على سلوكهم ايجاباً، وتنظيم تعاطيهم مع الإجراءات الحكومية، وأين هم الاقتصاديين ورجال الأعمال اليوم من التبرع بشكل حقيقي لدعم وزارة الصحة والمساهمة في تحمل تبعات هذه المعركة على فئات كبيرة من شعبنا، الم تقدم الدولة لهم الكثير الكثير من تسويق في أهم المحافل الاقتصادية الدولية وإعفاءات وتسهيلات وغيرها من السياسات لتشجيع وتنمية استثماراتهم، ,أين هم المغتربين الأردنيين اليوم من رد الجميل لأهلهم ووطنهم وفيهم الكثير من رجال الاعمال والمستثمرين، اليوم المعركة ليست فقط في مواجهة كورونا، لكنها أيضا معركة حقيقية لكشف الأقنعة وتعرية الوجوه فاليوم "يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود ".
حمى الله الأردن وأهله الطيبين
عماد الشهاب
مدار الساعة ـ نشر في 2020/03/29 الساعة 14:06