المعاقلة يكتب: في ذكرى الكرامة الخالدة
بقلم اسامة احمد المعاقلة
يستذكر الأردنيون بكل شموخ وفخر وأعتزاز مناسبة غاليه على قلوبهم في كل عام من الحادي والعشرين من اذار ذكرى معركة الكرامة الخالدة لسنة ١٩٦٨ وفي يومها الأشم تجلت فيها معاني القيم السامية الصبر والنصر والشهاده التي تبعث في النفس الأمل وتزيدنا عز وفخر بشهدائنا الأبرار . ابطال الكرامة الذي ضحوا ولبوا نداء الحق والواجب ليرفعوا رايات المجد عاليا .
وفي هذا المجد والفخر الذي نعتز به على الدوام الذي سطره جيشنا الباسل في ساحات القتال وتضحيتهم البطولية التي عطروها بدمائهم الزكية فدى هذا الوطن والذي كان قائدها العربي الهاشمي الراحل الكبير الحسين بن طلال رحمه الله وطيب الله ثراه والذي يشرف على المعركة بنفسه حيث قال في إيعازه للمهمات العسكرية في المحاور ارجوا ان لا يقف إطلاق النار ابدا حتى لا يبقى جندي إسرائيلي واحد حتى يتم دحرهم. ولقد سطر الجيش في ميادين الكرامة والشرف اروع الصور والبطولات التي نجلها إلى يومنا هذا .
ومن ساحات الأغوار الأشم على طول امتدادها الغنية بالمصادر والأنتاج وسلة غذاء هذا الوطن الذي كان يطمع فيه العدو كان ذلك الموعد وتحقق النصر بعزيمة الأحرار الذين كانوا على أتم الجاهزية والأستعداد على المحاور الأربعة
وكانت هذه المحاور والمقتربات نقطة فصل وسطر جديد في شموخ الوطن وفخر للأمة العربية وكانت المحاور في سهول الأغوار للمناطق التالية :.
محور العارضة المتصل جسر الأمير محمد (داميا) ودير علا والكرامة باتجاه طريق العارضة السلط
محور وادي شعيب والمتصل من جسر الملك حسين والشونة الجنوبية وصولا إلى اتجاه السلط عمان ومحور غور الرامة والسويمة والكفرين من جسر الأمير عبدالله إلى ناعور وصولا الى عمان والمحور الرابع للواء الأغوار الجنوبية والذي يسمى محور غور الصافي من جنوب البحر الميت سهل الدبه وغور فيفا والنقع والصافي وغور المزرعة والحديثة وصولا إلى الطريق الرئيسي الكرك
حيث كانت السواعد التي شاركت في ساحات القتال والشرف في هذه المعركة الخالده من جميع محافظات المملكة وأبناء العشائر الذي قدموا أنفسهم وبذلوا الغالي والنفيس ونذروا انفسهم لهذا الواجب المقدس.
وان شمس اذار عام ١٩٦٨ زفت لنا البشرى إلى السماء بالشهداء الخالدين ذكراهم من أبناء هذا الوطن أبناء الجيش العربي في تلك الحقبة التي سطروا لنا فيها اروع البطولات في الدفاع عن الأرض والعرض ونشر المحبة والسلام ليكونوا انموذجا للوطن وفخرا للأمة العربية
وكان لأبناء الأغوار الأشم والممتد بصمة المجد والتضحية. ومن أسماء الشهداء الذين كانوا في جيشنا العربي والذين ضحوا في سبيل هذا الوطن واستحضرهم رحمهم الله العريف - رضا عبد المهدي سلام العونة والجندي ثاني - سلام محمد موسى العونة والجندي ثاني- عوض محمد عبد العشوش والجندي ثاني -حسين هلال الشعار واننا لا ننسى ممن استشهدوا في نيسان عام ١٩٦٨ بعد الكرامة بشهر اثناء السجال المحتدم بين القوات الأردنية والأسرائيلية على آثر خسائر العدو في الكرامة والذين كانوا هم البصمة في سجال الكرامة في قتالهم ضد العدو ومنهم العريف الشهيد- يوسف سلمان سليمان البوات - والعريف الشهيد حسيين خليل عايش الدغيمات والشهيد جندي ثاني - محمد قنيفذ شحاده المشاعلة- والشهيد جندي ثاني - يحيى عفنان الخطبا - والشهيد الجندي- هويشل هيشان سليم المعاقلة والشهيد الجندي عبد الرحيم عبد الرحمن دغوم العشيبات -والشهيد الجندي ثاني - احمد بركات مسلم النواصره - والذي أخبر لنا عنه الدكتور عواد النواصره بأنه شهد معركة الكرامة مع الجيش العربي ثم بعدها شهد حرب الأستنزاف بعد الكرامة بشهر وتم فقدانه بفلسطين وتم إبلاغ عنه من قبل زملائه بأنه استشهد وتقبلهم الله مع الشهداء الأبرار .
ولقد ذكر لنا المقدم الركن المتقاعد مفلح فلاح العشيبات والرائد المتقاعد سبع قنيفذ المشاعلة عن أسماء الشهداء من المقاومة الشعبية( الجيش الشعبي) الذين ساندوا بأخلاصهم وتضحياتهم الجيش العربي اثناء معركة الكرامة عام ١٩٦٨ م ومنهم الجنود البواسل الشهيد عبد الحميد عيد عواد المعاقلة- والشهيد احمد عبد درويش البوات والشهيد امين مرعي حسن المشاعلة- والشهيد عيسى هيشان الخليفات- والشهيد - رمضان سالم تاية الخطبا - والذين استشهدوا في وقت الساعة الثانية عشر ظهرا.منهم في منطقة الجور ومنهم في منطقة غور فيفا وغيرهم من استشهد في فلسطين يحمل هم الوطن.ومن المواطنين الذين كانوا في مزارعهم وهم كما ذكر لنا بأنهم ناصروا جيشنا العربي ايام الحرب.
الشهيد موسى حماده محمد العشوش والشهيد صقر اشتيان محارب المحافظة والذي افاد لنا عنه شقيقه الشيخ صالح اشتيان المحافظة قال : بانه كان مناصر لقواتنا الأردنية اثناء الحرب.وفي خبر آخر في وفاة الشهيد جميل خضر كايد العشيبات الذي رفض أن يذهب مع أهله اثناء القصف ثم وجدوه ملقى على الأرض والشهيد عفاش العشيبات وابنه عنبر وعن إفادة الشيخ نايل مخضر العشيبات.وننتقل مسافات قصيره إلى ساحات وأحداث المعركة في غور فيفا والتي ذهب شهدائها. الشهيد عوده عواد البوات والشهيد علاوي عليان غثيان البوات والشهيد ناعور الشراتحه وسليمان الأدهم ومحمد الكردي وابن ناصر السعيديين.الملقب( بسيس) شقيق المرحوم محمد الحمدي.
والذي توفي مباشره بعد الكرامة .ومن الأسرى الذين تم اعتقالهم على يد القوات الأسرائيلية (فراج خليل الخطبا) (و حمد محمود الشعار ) والذي استمر أسرهم شهرين بعد معاناه كابدوها ثم بعدها تم الأبلاغ عنهم بانه تم أخلاء سبيلهم وتم حصر هذه المعلومات من المختار رمضان عبد المحسن المحاسنة والوجيه عثمان عقله عواد البوات والوجيه خلف عياد محمد الخطبا حيث أخبرونا بأنهم شواهد على تلك الأحداث. ويضيف لنا المختار حسن سالم مفلح الخطبا سطر جديد وهو شاهد أساسي في هذا السجال قال: كنت انا مرتب مدرسة المشاه أوقات الحرب وتم اعلامي بالألتحاق بالواجب والأستعداد للمهمات العسكرية وعندما حسمت المعركة شعرنا بكثير من الفرح والبهجة ولكن بقى الحزن يخيم علينا عندما فقدنا الشهداء والتفكير في حال أهل قريتي بعد هدم البيوت واستشهاد عدد بسيط من مواطنيها. حيث قال : الحمدلله سنبقى فدى لهذا الوطن ومن الشهداء الذين استشهدوا على ثرى فلسطين الشهيد- جميل سلمان غانم المغاصبة النوايشة والشهيد عبدالله حميدان الدغيمات.
ومن شواهد الأعيان التي عاصرت تلك الأحداث حيث اخبرني والدي رحمه الله احمد حمود المعاقلة وهو من مواليد غور فيفا الخمسينات عندما كنت اسأله دائما عن أحداث الكرامة وهو شاهد عيان حيث قال : كنت قريبا من الأحداث وانا شابا صغيرا عندما تم إخلاء المنازل ودب فينا اللحمة والحماس وذهبت الناس إلى منطقة تسمى( ام جفنه ) جراء القصف وقال ان المواطنين في القرية بذلوا كل ما بوسعهم في مساندة الجيش العربي وكان الهدف هو طرد العدو بالرغم من حياتنا كانت بسيطه.وذكر لي المرحوم المختار محمد عبد درويش البوات سابقا في اثناء حديثي معه عن شقيقه الشهيد الجندي احمد عبد درويش البوات والذي استشهد عام ١٩٧٠ في منطقة الجور حيث قال بأنه تعرض لكمين القوات الأسرائيلية اثناء الاشتباكات.
ثم أخذ الله وداعته وقال: أيضا أن مواقف الجيش العربي الأردني اتذكرها مثل الحلم وهم يقودون الجيب ويلز ودباباتهم في مواجهة العدو. وهذه كانت بلسم من الجلسات المتتالية التي تعانق الروح مع المرحوم المختار محمد عبد البوات ومع المرحوم الوجيه سليمان عقله البوات الذي كان يقول بأنه كنت انذاك انا وشقيقي عثمان نحمل السلاح وحالنا حال غيرنا في مساندة الجيش الأردني الذي نفخر به وكانت لنا ايام عصيبة لا تنسى وقال الحمدلله هزمناهم بالرغم من شح الحياه البسيطه وموقف شاهد عيان آخر والذي كنت اجلس معه باستمرار وهو الخال سالم مسلم المحاسنة (الكماني) والذي قال لي بأن ايام حرب الكرامة لا تنسى وانا شابا وقال بأنها مواقف رجوليه للجيش وأبناء المنطقة ونحن نسمع صوت الدبابات والقصف الجوي يحوم فوق رؤوسنا وقال عندما سمعنا بأن الجيش أنتصر وحسم المعركة هلت النساء بالزغاريد في منطقة تجمع المواطنين ( ام جفنه ).
ولنا في الكرامة روايات عطره أخبرنا عنها الجندي- حمود سعد سعدالله الخطبا قال كنت انا والجندي عبد الرحيم عبد الرحمن دغوم العشيبات والجندي عبد الحميد عيد عواد المعاقلة وهم من مرتب كتيبة عمرو بن العاص فرقة ١٢ حيث أنهم كانوا ضمن هذه الكتيبة التي سعت على طرد اليهود من منطقة الجور غرب ام الطروشية والعنبر .
والكثير من أبناء الأغوار عاصروا أحداث الكرامة ومنهم احياء ومنهم اموات.
سائلين الله لهم الرحمة جميعا وكل مدافع استشهد نذر نفسه لهذا الوطن بأن يحشرهم الله في زمرة الشهداء والصديقين الأبرار وحسن أولئك رفيقا .وذكر لنا المقدم المتقاعد العشيبات قال : كنت صغيرا وشاهد عيان عندما رأيت هؤلاء الشجعان الذين قاتلوا في بساله واستخدام أسلوب الكر والفر وعندما استشهدوا رأيتهم بأم عيني وتقودهم العربة الينا حتى يتعرف عليهم الأهالي والناس تبكي على فراقهم .حيث قال : بأنه قد وصلنا الخبر للحظات السجال أيضا عن المناضل ضد العدو العريف أمن عام- يعقوب حمود أحمد الفلحا العشوش والذي كان يبلغ من العمر انذاك ٢٧ عاما حيث وقع أسيرا بين يدي العدو عندما تزامنت اجازته وقت الحرب ثم استمر اسره عشرون يوما ثم رجع إلى اهله سالما من خلال التنسيق مع المسؤولين. وفي موقف آخر يذكر لنا الأستاذ الصحفي جمعة العميري من غور فيفا عن خاله وشقيق والدته.الشهيد الباسل - رمضان سالم تايه الخطبا رحمه الله والذي كانت تعلوه الهمة والمعنوية في مواجهاته واشتباكاته خلال إطلاق النار المكثف على طائرات العدو في مقترب الأشتباكات لمنطقة غور فيفا وفي عملية إضعاف جهد العدو وكبح انحسار قوتهم.حيث تم حصر هذه المعلومات من خاله الوجيه خليف سالم تايه الخطبا شقيق الشهيد عن بسالة أخيه .
ويروي لنا الوجيه عريف محمد خليل الخطبا قائلا : أنني كنت جنديا وأحد مرتبات كتيبة سلاح المدفعية ١٥٥ في منطقة عيرا ويرقا وكانت العمليات العسكرية الحدودية تشتعل بالنار حيث أستطاعت قواتنا احتلال منطقة الليمون الحدودية من خلال توجيه ثمانون قذيفه ضد العدو وبعد حسم المعركة قطعت إجازتي ثمانية واربعون ساعه فقط للأطمئنان على أهلي وأهل قريتي والحمدلله قدمنا انفسنا للواجب ومنا من هو حي ومنا من هو شهيد فدى هذا الوطن .ويضيف لنا الأستاذ عطالله الشعار عن حديث والده عبد الرحيم الشعار عن احد البطولات الفردية لأحد الأشخاص من غور فيفا في المقاومة الشعبية ومساندة الجيش ضد العدو الغاشم عن المناضل - خليف حسن سليمان عزام المحافظة (الميضا) والذي كان ملتزم بأحد الخنادق ومعه رشاش خفيف بأتجاه ضرب طائرة الهيلوكبتر وهو يضغط على الزناد وإطلاق نار مكثف عندما انحنى الطيار بطائرته امامه احتراما لشجاعته ولم يستخدم القوة معه بالمثل وكانت أحد قريباته والتي تسمى صبحيه الحمدان العويل وهي تفتخر بشجاعته وتزغرد فوق رأسه لتحمس المقاتلين على الاستمرار .
ولقد كرس هؤلاء الشهداء الأبرار عمل بطولي يحمد ثنائه في الأقدام غير مدبرين لدحض العدو حتى رمقهم الأخير .حيث كانت هذه المحاور الشجاعة والقوات المتمركزة نقطة تحول ساد فيها روح العزيمة والأرادة بالنصر على أعداء الوطن والأمة التي خاضها جيشنا المصطفوي الباسل منذ اندلاع شرارة القتال والسجال الذي كان منذ البداية على أتم الجاهزية والأستعداد والخطط المبرمجة ضد العدو الأسرائيلي الذي انسحب من خط النار بقوه تاركين قتلاهم وآلياتهم خائبين .
ولقد حاول العدو الغاشم كل المحاولات تشتيت قواتنا الأردنية الباسلة وارهاب سكان المناطق في محور غور الصافي وترويعهم إلا أن مماراستهم باءت بالفشل والهزيمة والأنسحاب نظرا للمعاناه التي مروا بها ولقد شهدت ساحات الأغوار اشد المواجهات تحت غطاء جوي كثيف إلا أن المدافع الأردنية التي يعلوها الشجعان كانت لهم بالمرصاد وغايتهم آسمى اما النصر وأما الشهادة وهذا هو نهج أبناء الوطن الذي يفخر بأبنائه .
وان هذه الأنتصارات الخالده والشموخ على ثرى الأردن الطهور بقت روح الشهداء تحوم في فضاءات الأردن فوق سهوله وهضابه وجباله وغوره وهذه رسالة يتوارثها الأجيال من آل هاشم إلى يومنا هذا وكل عام يخلد ذكراها فالكرامة ملحمة خالده في تاريخ هذه الأمة
وها هو اليوم يعيدنا الجيش العربي إلى ذاكرة الوطن لأسطورة النصر وابهى الصور فيما نعيشه اليوم من أزمة وظروف تمر بها البلاد في التصدي للفيروس الخطير (كورونا) والتي يستند فيها التوجيهات الملكية السامية وعلى رأسها عميد آل هاشم جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين حفظه الله في توجيهاته للجيش ومؤسسات الدولة لأنخاذ الأجراءات المناسبة في الوقاية الأحترازية لحماية وسلامة آمن المواطنين وهذا هو عهدنا بالقيادة والجيش بأن يكونوا للوطن دائما محط الفخر والأعتزاز في الميدان وشحذ الهمم وتسخير كل الطاقات وبذل الجهود فدى تراب هذا الوطن الكبير بأنجازاتة .
وان الكرامة ستبقى خالده في وجدان وأذهان الأردنيين ليتغنى بها الأجيال على مر الأزمان إلى يوم الدين ورحم الله قائد الكرامة الراحل الكبير الحسين بن طلال طيب الله ثراه وحفظ الله قيادتنا الهاشمية ومملكتنا الحبيبة من كل سيء ومكروه سائلين الله أن يصرف البلاء والوباء عن هذه الأمة