المحامي نبهان يكتب: قراءة قانونية مبسطة لاوامر الدفاع رقم 1 و رقم 2 لسنة 2020

مدار الساعة ـ نشر في 2020/03/22 الساعة 17:50

مدار الساعة - كتب المحامي محمد علي نبهان – يهدف هذا المقال الى تسليط الضوء الى اوامر الدفاع رقم 1 و رقم 2 لسنة 2020 و التي اصدرها دولة رئيس الوزراء عمر الرزاز و ذلك لاستيعاب مضامينهما و اهدافهما انعكاساتهما على هذه المرحلة الا و هي مرحلة تفعيل قانون الدفاع رقم 13 لسنة 1992:, ان هذا المقال سيكون مبسطا لكي يكون قابلا للاستيعاب من قبل القاريء العادي الغير متخصص بالقانون و بذات الوقت سيعرض نقاط قانونية مهمة و مفيدة للقاريء القانوني المتخصص.

لماذا صدر امر الدفاع رقم 1 و ما هو المبرر او المسوغ القانوني له و الى ماذا يهدف و لماذا قانون الضمان الاجتماعي بالذات و ما هو الضمان الاجتماعي؟

من اجل ضمان استيعاب الموضوع من قبل جميع الفئات ساتحدث بعجالة عن ماهية الضمان الاجتماعي الذي يعتبر و ببساطة درع المواطن الوحيد الذي يقيه من من عثرات الزمان فالعامل يقتطع من راتبه جزء معين من المال و في النهاية و بعد ان يتقاعد او يمرض يحصل على راتب شهري او يحصل العامل على تعويض عندما يعجز او يصاب بالعمل و ايضا اذا توفي العامل تحصل عائلته على راتب يكفيها و يحميها من العوز.

فالعلاقة بين العامل او صاحب العمل و مؤسسة الضمان الاجتماعي علاقة سلطة عامة تهدف للصالح العام و لكن ما يهما في هذا المقال لماذا صدر امر الدفاع رقم واحد بخصوص قانون الضمان الاجتماعي لعام 2014 و تعديلاته و ما هو الامر المهم او الملح في الموضوع ؟

ببساطة ان جميع الشركات و المؤسسات الخاصة الخاضعة لقانون الضمان الاجتماعي قد توقفت عن العمل و الانتاج بالتالي توقفت الارباح التي تجنيها مما يعني انها ستواجه صعوبات مالية تحول دون التزامها المادي تجاه الضمان الاجتماعي و تفعيل قانون الدفاع لا يعني الغاء او توقيف عمل القوانين الا اذا كان هنالك امر دفاع يوقف العمل بهذا القانون او جزء منه و هذا ما حدث فعليا فقد صدر امر الدفاع رقم واحد لكي يوقف بعض مواد قانون الضمان الاجتماعي و الهدف منه التخفيف عن الشركات و المؤسسات الخاضعة لقانون الضمان الاجتماعي و تقسيط هذه الدفعات مع تاجيلها للعام 2023 مع امكانية الاختيار بدفع هذه الاقساط بالنسبة للعامل او صاحب العمل, فإذا ارد صاحب العمل الاستفادة من هذا الايقاف فله الخيار و ايضا للعامل نفسه دفع قيمة الاشتراك و ذلك بمراجعة الضمان الاجتماعي لدفعها او الاستفادة من امر الدفاع رقم 1 .

بعبارة اخرى و بطريقة حسابية سيتم خفض قيمة الاشتراك المتعلق بتامين الشيخوخة من 21.75% الى 5.25% و هي نسبة معقولة و من ثم تاجيل دفع هذه القيم المستحقة عن طريق التقسيط المريح بالنسبة لاصحاب العمل لصالح الضمان الاجتماعي و بدون اي فوائد قانونية و هذا التخفيض سيكون خلال مدة 3 اشهر فقط من بداية 1/3/2020 و من ثم تعود الامور الى طبيعتها مع بقاء جميع الاشتراكات الاساسية فعالة و يدفع عنها من قبل صاحب العمل كالتامين عن الوفاة و اصابات العمل و الوفاة و التعطل عن العمل و الامومة لان هذه الاشتراكات اساسية تمس العامل و لا يمكن ايقاف دفع اشتراكاتها باي حال من الاحوال.

و اما بخصوص الصبغة القانونية لامر الدفاع رقم واحد فقد وردت بذات القانون اي قانون الدفاع فقد نصت المادة 3/أ "يناط تطبيق هذا القانون برئيس الوزراء لاتخاذ التدابير والاجراءات الضرورية لتأمين السلامة العامة والدفاع عن المملكة دون التقيد بأحكام القوانين العادية المعمول بها"

و ايضا المادة 10 التي نصت "يوقف العمل باي نص او تشريع يخالف اي حكم من احكام هذا القانون والاوامر الصادرة بمقتضاه"

بمعنى اضافة الصبغة التشريعية لامر الدفاع رقم واحد بايقاف العمل ببعض القوانين او بنودها مع استبدالها باوامر دفاع تكون بمثابة البديل لها في هذه الفترة حتى لا تكون هنالك فراغات تشريعية بعد زوال الظرف الطارىء بعد الرجوع عن تفعيل قانون الدفاع.

كان هذا سردا موجزا و مبسطا لشرح امر الدفاع رقم واحد لسنة 2020 و ساتحدث الان عن امر الدفاع رقم 2 لسنة 2020 المتعلق بفرض حظر التجول.

ان الهدف من تفعيل قانون الدفاع هو مجابهة الوباء العالمي فايروس كورونا حيث جاء في بداية امر الدفاع رقم اثنان "ونظراً لما تمر به منطقتنا والعالم أجمع من ظرف صحي طارئ ولمنع انتشار الأوبئة" و حيث لم يلتزم العديد من المواطنين بالالتزام في منازلهم و الخروج للضرورة القصوى كان لا بد من بعض من تطبيق بعض الصرامة و فرض حظر التجول و كل ذلك يصب بمصلحة الصحة العامة للشعب الاردني و منع العدوى و حصر الفايروس.

و جاء هذا المنع استنادا للمادة 4/أ من قانون الدفاع التي تنص أ- وضع قيود على حرية الأشخاص في الاجتماع والانتقال والاقامة، وإلقاء القبض على المتشبه بهم أو الخطرين على الأمن الوطني والنظام العام واعتقالهم.

هذه المادة من هذا القانون واضحة و ليست بحاجة الى اي شرح و لكنني ساتحدث عن الجهات المختصة بالنظر في هذه الخروقات, و كيف يمكن الاعتراض او الطعن في الاحكام التي ستصدر بحق من يخترق حالة حظر التجوال و هل هو قرار او حكم اداري ام قضائي ام كلاهما ؟

لقد اورد امر الدفاع رقم 2 العقوبة المقررة بمن يخترق امر الدفاع و يخرج من منزله و اورد ايضا الاشخاص المستشنون من هذا المنع فقد ورد بامر الدفاع رقم 2 بند 3. يستثنى من الحظر الأشخاص المصرح لهم من قبل رئيس الوزراء ووزير الدفاع الذين تقتضي طبيعة عملهم ادامة المرافق العامة.

و ورد ايضا بخصوص العقوبة في البند 5. يعاقب كل من يخالف أحكام امر الدفاع هذا والبلاغات الصادرة عن رئيس الوزراء ووزير الدفاع بمقتضاه، بالحبس الفوري مدة لا تزيد عن سنة.

نلاحظ هنا كلمتي "الحبس الفوري" فما المقصود بالحبس الفوري ؟ و خصوصا اننا نعيش في دولة مؤسسات و قانون و لا يجوز اعتقال او حبس اي مواطن الى من خلال اتباع الاجراءات القانونية التي نص عليها قانون اصول المحاكمات الجزائية بالنسبة للتوقيف و الاعتقال التي تصدر من قبل المدعي العام او من خلال حكم قضائي يصدر من خلال قاضي الموضوع او من خلال الحاكم الاداري (المحافظ او المتصرف) تطبيقا لقانون منع الجرائم و كل ذلك تطبيقا للمادة 8/1 من الدستور الاردني التي نصت "لا يجوز أن يقبض على أحد أو يوقف أو يحبس أو تقيد حريته إلا وفق أحكام القانون..

فماذا تختلف هذه الحالة من الحبس في ظل تطبيق قانون الدفاع و بين حالات الاعتقال و التوقيف و الحبس في ظل الظروف العادية ؟

ينص قانون الدفاع في المادة 6- تختص محاكم البداية بالنظر في الجرائم التي ترتكب خلافا لاحكام هذا القانون واوامر الدفاع الصادرة بمقتضاه.

هذا يعني ان الاشخاص اللذين سيخرقون امر حظر التجوال سيحكم عليهم في حال ثبوت الفعل عليهم من قبل محاكم البداية و لكن قبل ذلك سيحالون الى سعادة المدعي العام للتحقيق في هذا الجرم.

و السؤال الذي يطرح نفسه الان هل خالف او ناقض امر الدفاع رقم 2 المادة رقم 9/2 من الدستور التي تنص "لا يجوز أن يحظر على اردني الاقامة في جهة ما أو يمنع من التنقل ولا أن يلزم بالاقامة في مكان معين الا في الاحوال المبينة في القانون" وايضا المادة 3 من قانون العقوبات التي تنص "لا يقضى باية عقوبة لم ينص القانون عليها حين اقتراف الجريمة ، وتعتبر الجريمة تامة اذا تمت افعال تنفيذها دون النظر الى وقت حصول النتيجة"
فهل كان على امر الدفاع رقم تعطيل العمل بالمواد 9/2 من الدستور التي تنص بحرية التجول و المادة 3 من قانون العقوبات التي تنص على انه لا يوجد اي جريمة او عقوبة الا بنص قانوني لان هذه المواد تخالف و تناقض امر الدفاع رقم 2 ؟

كان من الاولى على امر الدفاع رقم 2 تعطيل العمل بهذه المواد بموجب المادة 10 من قانون الدفاع و ذلك من اجل اغلاق باب النقاش القانوني التي سيثور بعد ذلك و لكن في نفس الوقت فان المادة 10 من قانون الدفاع التي تنص "يوقف العمل باي نص او تشريع يخالف اي حكم من احكام هذا القانون والاوامر الصادرة بمقتضاه. " موجودة فعليا و تم الاستناد عليها حين اصدار امر الدفاع رقم 1 كما اسلفا و الحديث حول هذه النقطة سيكون بمثابة لزوم مالا يلزم ان صح التعبير.

اخيرا و ليس اخرا اناط قانون الدفاع لمحكمة العدل العليا باستقبال الطعون و الاعتراضات بخصوص الاحكام التي ستصدر بخصوص هذا الموضوع فلا مجال للاستئناف و الاعتراض على احكام الحبس الفوري بل بالطعن امام محكمة العدل العليا استنادا للمادة 8/أ من قانون الدفاع التي تنص " يجوز لاي شخص جرى توقيفه او القبض عليه بموجب هذا القانون او اي أمر دفاع او جرى الاستيلاء او وضع اليد على ماله او مال موجود تحت أشرافه او لاي صاحب مصلحة بالنيابة عن الشخص المذكور ان يطعن بالامر الصادر بذلك لدى محكمة العدل العليا" و هذا يعني ان قرار الحبس الفوري سيكون قرارا قضائيا سيتمد قوته التشريعية من امر دفاع صادر بموجب قانون الدفاع يتم الطعن به من خلال المحكمة الادارية العليا شانه شان اي قرار اداري عادي و هذه الحالة القانونية تعتبر حالة نادرة الحصول بان يطعن بقرار قضائي امام محكمة ادارية.

أخيرا لابد من الالتزام بامر الدفاع رقم 2 من جميع المواطنين فهو لم يصدر من فراغ و ان الغاية من العقوبة هو عملية الردع لكي لا تسول لاي كان بان يعبث بامن الوطن الصحي و اننا مع كل الاجراءات الصارمة التي تتم لان الغاية هي غاية سامية تهدف للحفاظ على امن المجتمع الصحي و لان الغاية نبيلة فاننا مع اي وسيلة كانت تصب في مصلحة هذا الهدف النبيل.

عمان في 21 من شهر اذار من العام 2020

مدار الساعة ـ نشر في 2020/03/22 الساعة 17:50