قدَّمَ اللهُ الصَبرُ عَلَى الصَّلاَة في القرآنِ الكريمِ
قال تعالى في كتابه العزيز (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (الأنفال: 46)). فإطاعة الله هنا قبل إطاعة الرسول عليه الصلاة والسلام بمعنى أنه إذا كان هناك حديث متمسك فيه بعض الناس ويتعارض مع ما جاء في كتاب الله فلا يؤخذ به لأنه من المستحيل أن يأتي أي رسول أو نبي مرسل من الله بحديث يتعارض مع كتابه أي كلام الله سبحانه وتعالى. كما قال لله أيضاً (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (النساء: 59))، وهنا إطاعة ولِّي الأمر واجبه بعد إطاعة الله ورسوله وبالخصوص إذا كان ولي الأمر لا يأمر إلا بما جاء في كتاب الله أولاً وسنة رسوله الصحيحة ثانياً. فلماذا بعض الناس يتشدقون ويتكلمون في غير ما يعنيهم ويسجلون فيديوات سواء أكانوا من داخل الوطن أو خارجه ويعترضون على إغلاق المساجد في هذه الفترة الحرجه جداً فقط، ويعارضون بطريقة أو أخرى هذه القرارات. فلا يحق لهم نهائياً أن يتدخلوا فيما لا يعنيهم وهم ليسوا أولياء أمور في هذا البلد أو غيره من البلدان فنطلب منهم بكل لطف أن يكفوا عن التدخل في أمور تعيها القيادة والمسؤولين في وطننا العزيز أكثر منهم وسنوضح لجميع قرائنا ذلك ومن كتاب الله عزَّ وجَّل.
أيها الأهل والعشيرة والعزوة والفزعة والسند والظهير للقيادة والوطن والمسؤولين دائما وابدا في هذا الوطن العزيز، دعونا نحمد الله ونشكره مرَّات ومرَّات على أن حبانا الله بقيادة هاشمية من سلالة الرسول عليه الصلاة والسلام، ولا تنفرد بقراراتها، بل دائماً وأبداً يطبقون قول الله تعالى (وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (الشورى: 38)). ونحمد الله ونشكره أيضاً على أن جميع وزراء الأوقاف والشؤون والمقدسات الأسلامية في وطننا الحبيب يحملون المؤهلات العالية وعلى علم ودراية في كتاب الله وسنة رسوله ويشهد لهم العالم أجمع في ذلك. فنحمد الله ونشكره على المشورات السديدة التي أسداها ويسديها الدكتور محمد الخلايلة وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية في الأردن في جميع المواقف الحرجة التي تمر بها أمتنا وكذلك من كانوا قبله، فدعوني أوضح للجميع ما يلي:-
لم يجمع الله سبحانه وتعالى في أيةِ آيةٍ في القرآن الكريم بين الصلاة وهي عمود الدين وبين الصَّبر على المصائب والأزمات والإبتلاءات ... إلخ إلا وأعطى أولوية للصبر على الصلاة. أول آيه هي (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ (البقرة: 45)) وكيف نصلي بخشوعٍ إذا ما كان عندنا صبر في صلاتنا في الركوع والسجود؟. وثاني آيةٍ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (البقرة: 153)). فعلينا أن نعي جميعاً أن فايروس الكورونا هو إبتلاء من الله للناس فعلينا أن نُقَدِمَ الصَّبر عن الصلاة في هذه الظروف بمعنى أن نصبر على إغلاق المساجد ومنع صلاة الجماعات لأن في ذلك منع لإنتشار الفايروس بين الناس ونقيهم شر مصيبة الموت (وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ، الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (البقرة: 155 - 157)). والقيادة والمسؤولين في الأردن لم يُغْلِقُوا المساجد فقط بل أغلقوا جميع المدارس والكليات والجامعات والمؤسسات العامة والخاصة ومنعوا التنقل بين المحافظات والخروج من المنازل إلا للضرورة القصوى... إلخ، لأننا لا نستطيع أن نجزم من هو حامل للفايروس ومعدي أو لا ممن يأمون المساجد للصلاة أو يذهبون للمدارس والجامعات والأسواق والمؤسسات الخاصة والعامة ... إلخ. وقد أعلن معالي الوزير الدكتور محمد الخلايلة حفظه الله على أنه سوف يؤدي صلاة الجمعة في مسجد الملك المؤسس مع عدد محدود من المصلين مختصراً لوقت الإقامة والخطبة والصلاة حتى لا يُسَّجَل على القيادة والمسؤولين في الأردن أنهم منعوا صلاة الجمعة نهائياً في المساجد. والله يعلم حق العلم لماذا إتخذت القيادة والمسؤولين هذا القرار والذي فيه مصلحة الإنسان الذي كرَّمَهُ الله على جميع خلقه (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا (الإسراء: 70)). ونتضرع إلى الله العلي القدير أن يعيننا جميعا في أن يجتاز وطننا هذه المرحلة الحرجة بأقل تكاليف من الأرواح والأموال والجهود والوقت ونكون الدولة العظمى في العالم في أخلاقنا وإلتزامنا في القوانين والتعليمات وإدارة المخاطر تحت الراية الهاشمية الغرَّاء.