علماء دين: حماية الأنفس من الوباء الفتاك عذر يبيح ترك الجمعة

مدار الساعة ـ نشر في 2020/03/19 الساعة 15:08
مدار الساعة - اكد علماء دين أن صلاة الجمعة من أهم شعائر الإسلام، والحفاظ عليها واجب شرعي في الظروف الطبيعية التي لا يكون فيها أحوال استثنائية، تؤدي إلى تفويت مقصد ضروري من مقاصد الشريعة الإسلامية وهو حفظ النفس الإنسانية، وان رفع الضّرر أصل قطعي في الشريعة الإسلامية، ومعلوم أن الحقّ في الحياة من أهم حقوق الإنسان. وقال وزير الأوقاف السابق وأستاذ كلية الشريعة بجامعة اليرموك وعضو المجمع الفقهي الدكتور عبد الناصر أبو البصل إن وقف إقامة صلاة الجمعة وسائر الصلوات في المساجد إجراء وقائي، ضمن إجراءات منع التجمعات البشرية التي تشكل بيئة مساعدة لنقل فيروس الكورونا إلى أكبر عدد من الناس. وأضاف أبو البصل لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) إن هذا الوقف وان كان يتعارض مع الأمر بإقامة الصلوات المفروضة وصلاة الجمعة إلا انه يستند إلى حجج وقواعد منها: قاعدة رفع الضرر لقول النبي صلى الله عليه وسلم :(لا ضرر ولا ضرار )، وقاعدة درء المفاسد أو المضار أولى من جلب المنافع أو جلب المصالح. وأكد أن المسلم معذور في ترك الجماعة والجمعة في المسجد فلا يحاول التجمع للصلاة أو غيرها لما يخالف الغاية التي تم وقف الجمع والجماعات في المساجد لأجلها فهذه الإجراءات واجبة الاتباع للمحافظة على حياتهم ليعودوا ويعمروا المساجد رغم انهم لم ينقطعوا عن الصلاة والعبادة. وأوضح أنه معلوم أن حماية المصلين ومن سيتعاملون معهم ويلتقون بهم في اسرهم، أمر فيه مصلحة لهم بأن يدفع عنهم ضرر المرض المهلك ، وتركهم يختلطون بمن يحمل المرض مخاطرة كبيرة تأباها الشريعة المطهرة التي جاءت لتحقق مصالح العباد في الدنيا والآخرة. وقال أن حديث (مَنْ تَرَكَ ثَلَاثَ جُمَعٍ تَهَاوُنًا بِهَا طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قَلْبِهِ)، وحديث (مَنْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ ثَلَاثًا مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قَلْبِهِ )حديث صحيح، لكن المقصود منه ترك الجمعة من غير عذر، وحماية الأنفس من الوباء الفتاك عذر يبيح ترك الجمعة، والترك الوارد في الحديث هو الترك كسلا أو جحودا. وحول حدوث هذا الأمر في التاريخ الإسلامي، قال لا أعلم أنها حدثت من قبل بهذه الصورة ولا يؤثر هذا على الفتوى ونحن نعلم أن كل نازلة لها ظروفها وأحوالها ، والحكم يصدر لكل نازلة مستقلة وهذه قضية اجتهادية في تطبيق الأحكام الشرعية ، وهو اجتهاد لا ينقطع. ولفت إلى أن الحكم الذي يصدر يستند على المعطيات العلمية التي يقدمها أصحاب الاختصاص الطبي وعلوم الأمراض والأوبئة مؤكدا أن الواجب على المسلم في مثل هذه الظروف أن يشغل وقته ووقت أسرته بصلاة الجماعة وذكر الله سبحانه وتعالى، ولنجعل بيوتنا عامرة بذكر الله سبحانه والتضرع إليه ليرفع البلاء والوباء عن الناس. بدوره ، قال وزير الأوقاف الأسبق ورئيس جامعه العلوم الإسلامية العالمية الدكتور وائل عربيات، إن إقامة صلاه الجمعة واجب في الظروف الطبيعية التي لا يكون فيها أحوال استثنائيه تؤدي إلى تفويت مقصد ضروري من مقاصد الشريعة الإسلامية وهو حفظ النفس الإنسانية، لافتا إلى أن صلاة الجمعة تسقط عن المسافر لتفويتها مقصدا حاجبا من مقاصد الشريعة لدفع المشقة، فمن باب أولى أن تسقط لحفظ حياه الإنسان. وأضاف انه إذا تعارض حفظ جزئية تتعلق بفروع الشريعة مع النفس الإنسانية فلا بد من حفظ النفس الإنسانية، مشيرا إلى أن الإسلام جاء للحفاظ على النفس الإنسانية ولحمايتها من كل ما يمكن أن يعترضها أو يسيئ إليها، لقوله تعالى ( ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما). ولفت إلى انه إذا كان هناك مرض أو انتشار فيروس من الفيروسات أو وباء أو شيء يؤدي إلى المهلكة فإن المنع يصبح واجبا لا جائزا فحسب، لقوله تعالى (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) وعدم اتباع التعليمات الصحيحة والإرشادات الطبية هو إلقاء بالنفس إلى التهلكة. من جهته، قال وزير الأوقاف الأسبق الدكتور هايل داوود إن صلاة الجمعة واجبة وهذا أمر إلهي، لكن هناك أيضا أمر إلهي بمنع الضرر ودرئه وعدم الحاق الضرر بالنفس والآخرين، لافتا إلى أن هناك قواعد أصولية بالفقه انه إذا تعارض أمر ونهي فيقدم النهي على الأمر، ولأن الأمر هو جالب للمصلحة والنهي درء للمفسدة وهو أولى من جلب المصلحة. وأضاف أن الدعوة لصلاة الجمعة فيها مصلحة مؤكدة ولكن النهي أيضا فيه درء للمفسدة وان الفيروس ينتقل من خلال الملامسة والمصافحة والتجمعات والرذاذ وتجمع الناس في مكان واحد ، مؤكدا أن القاعدة الشرعية تقتضي الالتزام بهذا النهي. وقال أن الذين يمكثون في بيوتهم وقد اعتادوا على صلاة الجماعة والجماعات، سيكتب أجرهم ، لأن النبي اخبرنا أن من كان يؤدي وردا وعبادة معينة وحال بينه وبينها حائل ما كمرض أو قطع طريق أو عدم إمكانية للخروج، أن الله يكتب له أجره كما لو ذهب إلى المسجد كما لو أدى هذه العبادة. وشدد داوود على أن التعليمات التي اتخذتها الحكومة والإجراءات الوقائية وبشكل عام من منع صلاة الجمعة ومنع الناس من الخروج من بيوتهم إلى في حالات الضرورة هي تعليمات من ولي الأمر واجبة الطاعة وهي جزء من طاعة الله وطاعة رسوله لقوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا أطيعو الله و أطيعو الرسول وأولي الأمر منكم )، لافتا إلى أن الصحابة كانوا يبايعون النبي بالعسر واليسر والمنشط والمكره. ودعا المواطنين الالتزام بالتعليمات أثناء فترة هذا الوباء وهي إجراءات شرعية تعتمد على أصول ومبادئ شرعية قام بالنُصح بها والتوجيه بها علماء من داخل وخارج الأردن، فقد اجمع العلماء على ضرورة الالتزام بهذه التعليمات درءا للضرر، الذي يمكن أن يصيبهم من خلال التجمعات واللقاءات المختلفة. بدوره، قال الأمين العام لدائرة الإفتاء الدكتور أحمد الحسنات إن صلاة الجمعة من أهم شعائر الإسلام، والحفاظ عليها واجب شرعي على من كان من أهلها ولا عذر له في سقوطها، كالسفر أو المرض، ويسنّ للمعذورين أن يصلوا الظهر أربعا في جماعة. وأوضح الحسنات سبب سقوط صلاة الجمعة، لأنّ الوباء الذي ابتلي به العالم قد وصل إلينا، وهو مرض معد وينتقل بسرعة بين الأفراد، ويسبب الوفاة للبعض، ولا يمكن تمييز المريض خلال أسبوعين، لعدم ظهور أعراض المرض عليه، فكان لزامًا العمل على منع اجتماع الناس كي لا ينتشر المرض بينهم، محافظة على أرواحهم؛ لأن المحافظة على النفس الإنسانية من أهم مقاصد الشريعة الإسلامية. وأشار إلى أن دائرة الإفتاء أصدرت فتوى بأداء الصلاة ظهر الجمعة في البيوت ظهرا، كإجراء وقائي، وأن القاعدة الفقهية التي رسّخها الحديث النبوي الشريف تقول: (لا ضَرر ولا ضِرار)، ورفع الضّرر أصل قطعي في الشريعة الإسلامية، ومعلوم أن الحقّ في الحياة من أهم حقوق الإنسان، فالمحافظة عليه واجب شرعا. وبين الحسنات أن النبي صلى الله عليه قال: ( مَنْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ ثَلَاثًا مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قَلْبِهِ )، مؤكدا أن ترك الجمعة لضرورة لا حرج في ذلك، بل قد يكون ذلك في حقنا واجبا، وليس هناك ضرورة أعظم من حفظ النفس الإنسانية التي هي مقصد من أهم مقاصد الشريعة الإسلامية، والتي بها يتم الحفاظ على الدين وعلى شعار الدين من الصلوات وغيرها من الواجبات الشرعية.
مدار الساعة ـ نشر في 2020/03/19 الساعة 15:08