طالب الرفاعي يكتب: الأردن، هل تكون بداية جديدة؟

مدار الساعة ـ نشر في 2020/03/18 الساعة 23:52
مدار الساعة - بقلم الدكتور طالب الرفاعي، وزير السياحة الاسبق وأمين عام منظمه السياحه العالميه السابق يمرّ الأردن اليوم كما العالم المحيط بنا بالكامل بأزمة كبيرة لم يكن أي منّا يتخيل أن نواجهها إطلاقًا قبل أسبوعين أو ثلاثة، تلكم هي أزمة "الكورونا". لقد صمتت وتأجلت كافة الأزمات والقضايا الأخرى ولم يعد لها مكان في مجال اهتمامنا اليوم أمام هذا التحدي الكبير.. ويجب ان اعترف بانني كنت اتجهز للحديث في أمور كثيرة كانت حتى الأسبوعين الماضيين تشغل الرأي العام ولكننا نجد أنفسنا اليوم غير قادرين على الحديث او حتى التفكير عن أي شيء غير "الكورونا". وعليه سأحاول ان استقي بعض الدروس التي أفرزتها هذه الازمة التي ابتلينا بها نحن والكثير من شعوب الارض لعلنا نجد فيها فرصة للمستقبل. لا بدّ لنا بداية ان نعترف بان حياتنا كشعوب لا يمكن ان تبقى كما كانت قبل الكورونا، لقد احدثت هذه الأزمة اضطرابا نفسيا كبيرا فنحن اليوم لا نعرف الى أين نحن ذاهبون او ماذا نفعل وما هو التصرف الصحيح من عدمه وقد أحدثت هذه الأزمة ثورة في طريقة تفكيرنا في الكثير من الأمور التي لم نكن نفكر بها على الإطلاق. وهنا ارى فرصة كبيرة، فكثير من الأمور المسلم بها في طرق الحياة والعادات والعلاقات ، لا بد لنا اليوم ان نعيد التفكير بها لان أولويتنا هي ببساطة "استمرار الحياة على هذه الارض". فاليوم لا معنى للحدود الدولية التي رسمها الإنسان على الارض فالعالم كرة ارضية واحدة والشعوب كلها، في نهاية الأمر، همها واحد هو استمرار الحياة على هذه الارض والحفاظ على حياة الناس بكرامة وبدون رعب او قلق او خوف. وهذا ينطبق على كل الناس في الشرق او الغرب أو الشمال او الجنوب، على الشعوب المتقدمة كما هي النامية والغني كما هو الفقير. الجميع مهدد ونحن كلنا اليوم على هذه الارض في قارب واحد وهذا درس هام ربما نتعلم منه ويتعلم منه بعض السياسيين الدوليين كما المحليين الكثير، و مثال ذلك: ١ . العلاقة بين الشعوب واقتصادياتها ، لقد بدا واضحا في هذا المجال ان لا شيء اهم من الإنسان وحياة الناس فإغلاق الدول لحدودها وتدمير اقتصادياتها كان ثمنا دفعناه دون تردد عندما يتعلق الأمر باستمرار حياتنا على كوكب الارض، ٢ . العلاقة بين الدول و الشعوب وبعضها البعض، بدا واضحا هنا أيضا ان الدول الكبرى مضطرة الى ان تأخذقراراتها معترفة ضمنيا بان لا دولة أفضل من أخرى و ليست هناك شعوبًا مختارة ، عليها ريشة، ٣ . العلاقة بين الشعوب والحكومات، وبغض النظر عن طبيعة أي نظام او أي حكومة فان مسؤولية الحكومات تجاه شعوبها هي أساس وجودها وقد تصرفت جميع حكومات الارض بمسؤولية كبيرة وبغض النظر عن تصنيفنا لهذه الحكومات وشعوب الارض جميعها أيضا التزمت واحترمت من ناحيتها، سلطات حكوماتها وقررت ان المحاسبة عن أي تقصير يأتي لاحقا وعندما نتجاوز الأزمة، أما الان فان المطلوب الالتزام بالقرارات الحكومية فالشعوب كل الشعوب لديها من الإحساس بالمسؤولية ووضوح أولوياتها، القدر الكبير، وهذه فرصة كبيرة لتدرك الحكومات أهمية احترام الشعوب و مدى الإدراك العفوي لدى الشعب لواجباته و مسوءولياته كما هو الأمر بالنسبة لحقوقه، فالشعوب قادرة ان تحمل المسوءولية مهما كانت جسيمة وعلينا ان ندرك هنا ان الشفافية والصدق، هما الطريق الوحيد في تعامل الحكومات مع الشعوب، وهذا هو حال الأردن اليوم حيث ثبت ان احترام الشعب والصدق في التعامل معه هو ما جعل موقفنا قويا ونفخر به جميعاً. حتى الوزراء و المسؤولين الكبار، وهم ذاتهم لم تتغير شخوصهم ، ،فقد بدا و كأن احترام الناس لهم قد ازداد نتيجة قناعة الشعب بصدق الحكومة، وبغض النظر عن الكثير من التفاصيل التي كان يمكن ان تكون أفضل بكثير فان الشعب احترم و سيبقى يحترم هذه الحكومة ، لصدقها في التعامل مع الشعب.. وهنا لا بد من التاكيد على انه لا يمكنا الاستمرار بفقدان الثقة وتآكلها بين الشعب والحكومات المتعاقبة كما كان الحال عليه من قبل. وهذا احد اهم الدروس المستقاة من هذه الأزمة فالشعب يعرف الحقيقة وان لم يظهر ذلك علنًا و على الحكومات ان تدرك ذلك فالحقيقة لا بد لها ان تظهر أولًا او آخرًا و الشعب اكثر ذكاء و ادراك مما تتخيل الحكومة أي حكومة. املنا ان نتعلم هذا الدرس وهذه الفرصة التاريخية فنوقف مسلسل التآكل في الثقة، فهذه حقيقة تنطبق على ما هو ابعد من الازمة و من الكورونا . هذا بعض من الأفكار التي قد يكون من المفيد التوقف عندها والتفكير بها ربما بعد تجاوز هذه الأزمة ولنجعل منها فرصاً للمستقبل. أما اليوم فعلينا ان نتذكر اننا كشعب اردني اصيل لا بدّ لنا ان نضع يدنا بيد الحكومة لتجاوز هذه الأزمة فهي تتعامل مع الأزمة بشفافية وبكفاءة عالية وعلى الحكومة ان تتذكر دوماً، بان شعبنا واعٍ ويعرف تماماً ما هو مطلوب منه واننا يجب ان نفخر باننا جزء من هذا الشعب الأصيل المعطاء والمسؤول. حمى الله الأردن وشعب الأردن حمى الله البشرية جمعاء اللهم بك امنا وعليك اتكلنا .
مدار الساعة ـ نشر في 2020/03/18 الساعة 23:52