محروس بتاع الوزير
مدار الساعة ـ نشر في 2020/03/09 الساعة 01:20
عادل امام نجم الكوميديا العربية الاول. في فيلم «الواد محروس تاع الوزير» 1999 برز بطلا في حادثة اقدم بها ارهابيون «عدو النظام السياسي المصري « باطلاق نيران على وزير اثناء افتتاح مشروع في الصعيد، وقام محروس بالتصدي للعيارات النارية باصبعه الذي اصيب بخدوش نارية جعلت منه بطلا مقربا من الوزير و» السيستيم الرسمي «.
محروس تاع الوزير- بقى لاعوام يضمد مواجع اصبعه المصاب، ويربطه بشاش ابيض «علامة على قوة الاصابة وعمقها تأثيرها وتذكير الحكومة ببطولته خوفا من هفوات النسيان «. ونجح بعد ان تحول الى بطل شعبي بالفهلوة والنية الطيبة والحسنة أن يكون ماهرا باصطياد الفرص والشغل على القوانين المعاكسة اجتماعيا وسياسيا، وهو من وجوه الصراع في الربع الزمني الاخير من حقبة حكم الرئيس الراحل حسني مبارك لمصر.
واستطاع محروس الامي أن يصبح نائبا في البرلمان، وان يصبح نائبا مخضرما وعابرا للمجالس النيابية، ونائبا يحمل ملفات فساد، ونائبا حكواتيا في كل جلسة تحت القبة يثير ضجيجا ودوشة.
وحسب تتبع الحكاية، فان محروس عرف كيف ينتقم من معالي الوزير الذي طرده من العمل، وعرف كيف يبتز وزراء الحكومة وكبار المسؤولين، لانه عمل سائقا لمعالي الوزير لاعوام، وكان مطلا ومطلعا على اسرار وكواليس الكوميشن والعطاءات والعمولات والمقاولات وغيرها.
بل كان محروس خازن اسرار الوزير الشخصية. الفكرة سينمائيا مغرية لان يعاد مشاهدتها، لانها مازالت صالحة للاستهلاك النقدي في فضح سلوك البعض.
واطرف ما في حكاية محروس الذي اصبح نائبا هي الصدفة، وكيف تحول من حرفوش يرافق الوزير بحثا عن فرصة عمل الى بطل رسمي مصاب ومن وسائق شخصي للوزير، ومن ثم نائبا، ولا يعرف ما هو مستقبله لو أن الفيلم من جزأين او ثلاثة اجزاء مثلا، فماذا سيصبح محروس؟
شخصية محروس تكررت كثيرا، ويزداد حضورهم في اوقات الظلمة ويقوى الفساد، ويزداد المشجعون له. وسر الكوميديا السوداء في فيلم محروس تاع الوزير انه فضح كيف تصنع البطولات الوهمية.
ما بعد الالفية الجديدة راجت في بعض السياسات ثقافة الفهلوة، ومن ابرز قيمها الشاطر من يدبر رأسه، والبلد مشمشية، وفلة حكم، و»قراقرة بيدر»، واستعادة لمقولة شهيرة للرئيس محمد السادات حكمت مرحلة وصاغت خيالا شعبيا: «من لم يغتنِ في وقتي عمره ما راح يغتني» انتهي الاقتباس.
ومن هنا يأتي البريق المثير للسخرية السوداء في شخصية محروس تاع الوزير، ولفكرة «الشاطر والفهلوي» وقناص الفرص. ولفرقة وتيار نجومه كثيرون، ويكبر ويتضخم في جسد السلطات، ويبتلع كل شيء، ويمحو السياسة، ويحولها الى فهلوة وشطارة وخباثة، وابتلاع فرص.
بطولة محروس الخداعة والكذابة تذكرنا ببطولات عمومية كثيرة صدئت اذاننا من سماعها. ووراثة البطولات ورغم عدم حقيقتها فانهم قبضوا الثمن مرات ومرات، واضعاف ما كان يمكن ان يقع لو ان البطل لم يقدم على التضحية والبطولة الدنكشوتية. ثمة كلام احيانا لربما لا يفهم الا بالاشارات، والتفكير من خارج الصندوق.
و لو قررنا البحث عن محروس تاع الوزير في 2020 فكم محروسا سنعثر عليه؟ الاجابة مفتوحة، ومرهونة الى خيال وضمير القراء.
الدستور
محروس تاع الوزير- بقى لاعوام يضمد مواجع اصبعه المصاب، ويربطه بشاش ابيض «علامة على قوة الاصابة وعمقها تأثيرها وتذكير الحكومة ببطولته خوفا من هفوات النسيان «. ونجح بعد ان تحول الى بطل شعبي بالفهلوة والنية الطيبة والحسنة أن يكون ماهرا باصطياد الفرص والشغل على القوانين المعاكسة اجتماعيا وسياسيا، وهو من وجوه الصراع في الربع الزمني الاخير من حقبة حكم الرئيس الراحل حسني مبارك لمصر.
واستطاع محروس الامي أن يصبح نائبا في البرلمان، وان يصبح نائبا مخضرما وعابرا للمجالس النيابية، ونائبا يحمل ملفات فساد، ونائبا حكواتيا في كل جلسة تحت القبة يثير ضجيجا ودوشة.
وحسب تتبع الحكاية، فان محروس عرف كيف ينتقم من معالي الوزير الذي طرده من العمل، وعرف كيف يبتز وزراء الحكومة وكبار المسؤولين، لانه عمل سائقا لمعالي الوزير لاعوام، وكان مطلا ومطلعا على اسرار وكواليس الكوميشن والعطاءات والعمولات والمقاولات وغيرها.
بل كان محروس خازن اسرار الوزير الشخصية. الفكرة سينمائيا مغرية لان يعاد مشاهدتها، لانها مازالت صالحة للاستهلاك النقدي في فضح سلوك البعض.
واطرف ما في حكاية محروس الذي اصبح نائبا هي الصدفة، وكيف تحول من حرفوش يرافق الوزير بحثا عن فرصة عمل الى بطل رسمي مصاب ومن وسائق شخصي للوزير، ومن ثم نائبا، ولا يعرف ما هو مستقبله لو أن الفيلم من جزأين او ثلاثة اجزاء مثلا، فماذا سيصبح محروس؟
شخصية محروس تكررت كثيرا، ويزداد حضورهم في اوقات الظلمة ويقوى الفساد، ويزداد المشجعون له. وسر الكوميديا السوداء في فيلم محروس تاع الوزير انه فضح كيف تصنع البطولات الوهمية.
ما بعد الالفية الجديدة راجت في بعض السياسات ثقافة الفهلوة، ومن ابرز قيمها الشاطر من يدبر رأسه، والبلد مشمشية، وفلة حكم، و»قراقرة بيدر»، واستعادة لمقولة شهيرة للرئيس محمد السادات حكمت مرحلة وصاغت خيالا شعبيا: «من لم يغتنِ في وقتي عمره ما راح يغتني» انتهي الاقتباس.
ومن هنا يأتي البريق المثير للسخرية السوداء في شخصية محروس تاع الوزير، ولفكرة «الشاطر والفهلوي» وقناص الفرص. ولفرقة وتيار نجومه كثيرون، ويكبر ويتضخم في جسد السلطات، ويبتلع كل شيء، ويمحو السياسة، ويحولها الى فهلوة وشطارة وخباثة، وابتلاع فرص.
بطولة محروس الخداعة والكذابة تذكرنا ببطولات عمومية كثيرة صدئت اذاننا من سماعها. ووراثة البطولات ورغم عدم حقيقتها فانهم قبضوا الثمن مرات ومرات، واضعاف ما كان يمكن ان يقع لو ان البطل لم يقدم على التضحية والبطولة الدنكشوتية. ثمة كلام احيانا لربما لا يفهم الا بالاشارات، والتفكير من خارج الصندوق.
و لو قررنا البحث عن محروس تاع الوزير في 2020 فكم محروسا سنعثر عليه؟ الاجابة مفتوحة، ومرهونة الى خيال وضمير القراء.
الدستور
مدار الساعة ـ نشر في 2020/03/09 الساعة 01:20