هل يتهدد «مصر» شبح التقسيم من جديد؟
د. صفوت حدادين
العلاقة الشائكة بين الرئيس المصري السابق «انور السادات» و البابا «شنوده الثالث» رئيس الكنيسة القبطية انذاك كانت سبباً في بروز الحديث عن دولة قبطية مستقلة تنفصل عن «مصر»، و بلغت ذروة الأزمة بين السادات و البابا، الذي رفض مرافقة السادات في زيارته إلى اسرائيل، أن تم تحديد مكان اقامة البابا في دير «الانبا بيشوي» في ايلول ١٩٨١، أي قبل شهر من اغتيال السادات، و استمرت الاقامة الجبرية بعد تولي الرئيس حسني مبارك للسلطة وتم رفعها في يناير ١٩٨٥.
وبالتزامن مع انفصال «جنوب السودان» نشأ حراك لما يسمى بالجمعية القبطية الأميركية التي تتخذ من نيويورك مقرّاً لها انتهى بتدشين ما سموه الدولة القبطية التي بدأت بفتح مكاتب في دول متعددة تحت مسمى «قنصليات» لا بل تلقى رئيسها في العام ٢٠١٢ رسالة تهنئة بعيد الميلاد موجهة إلى الأقباط الأميركان.
موجات العنف ضد الاقباط التي ابتدأت بالعراكات الناجمة عن الشحن الطائفي في الصعيد مروراً بضربات الارهاب للكنائس المصرية و التنكيل بالاقباط في «سيناء» والتي كان آخرها انفجاران في كنيستي «طنطا» و«الاسكندرية» أول من أمس كانت سبباً في تغذية تيار الانفصال و تهديد وحدة «مصر» نتيجة للانقسام الطائفي.
الارهاب الذي يضرب خواصر البلاد العربية بات ممهداً للتقسيم في «العراق» و«سوريا» و«ليبيا» وها هي «مصر» تخرج إلى المشهد من جديد.
في «العراق» بدأ التحضير للاستفتاء على انفصال «اربيل» عن العراق و في «سوريا» بات اعلان الدولة الكردية على مشارف الانتهاء و«ليبيا» انقسمت إلى اقاليم تتحضر لتكون دويلات، فيما «مصر» تنزف من خاصرة الشحن المذهبي.
الضعف اجتاح هذه البلاد اقتصادياً و عسكرياً و باتت المحافظة على وحدتها أضعاث أحلام!
الطائفية مزقتها ارباً فيما التقسيم سيكون في يومٍ ما ويبدو أنه بات قريباً الحل الأسهل لفض النزاعات و منع الناس من الاشتباك ببعضها البعض و هي بالتأكيد ترجمة لكل الأحلام الصهيونية في انهاك كل ما يحيط ب»اسرائيل» و يهدد امنها و استقرارها.
خلال خمس سنوات كان ما سمي بالربيع العربي كفيلاً بقتل الروح القومية واضعاف أواصر التواصل بين الدول العربية إلى حد الإفناء وتعزيز كراهية الآخر التي كانت تنام في مخادع مفاتيحها في ايدي الانظمة الحاكمة في «بغداد» و«دمشق»!
مفتي الديار المصرية خرج يبكي الشهداء الاقباط ويطالب بالثأر، لكن السؤال الثأر ممن؟
الارهاب فتحت له الباب عقود من التقوقع و رفض الآخر، وحلقات درس و مجالس انشغلت بضخ اجتهادات خاطئة تمخضت وولدت آلالاف الارهابيين الذين باتوا يكنون العداء لبلادهم وأهلهم و ناسهم.
صبية خرجوا بعصائبهم يهددون عشائرهم و بلادهم باسم عصابة الارهاب، ولا جواب لسؤال لماذا ضاع هؤلاء الشباب وخطاياهم في رقبة من؟ في رقبة المنظومة التعليمية أم المنظومة الأخلاقية؟
قبل المطالبة بالثأر من الارهاب لنتيقن من هو العدو أولاً!
التطرف يأكل الأخضر و اليابس و لا ينتظر و النار تشظي البلاد و تقطع أوصالها.
وحدة مصر في رقبة المصريين جميعاً، مسلمين ومسيحيين، وإن حدث مكروه لمصر فلوموا انفسكم قبل أن تلوموا تآمر العالم و الصهيونية عليكم.
سيأتي يوم تبكون فيه العراق و سوريا و مصر و ليبيا إن لم تصحوا من غيبوبة الطائفية المقيتة!
الرأي