مديونيات تاريخية !

مدار الساعة ـ نشر في 2017/04/11 الساعة 01:07
اخيرا جاءت المناسبة واللحظة الفارقة التي تتيح لمن قرأ التاريخ العربي وما بين سطوره ان يقول لمن لم يقرأ هذا التاريخ، لا تشعر بأنك مثقل بالديون رغم ان التاريخ له ربا باهظ، فمن لم يقرأ ما سمي ايام العرب من طراز البسوس وداحس والغبراء في الجاهلية واسباب سقوط الدولتين الاموية والعباسية وحكاية الغساسنة المناذرة وقيس ويمن والاوس والخزرج وخروج عبد الله الصغير من باب غرناطة، ومن لم يقرأ عن سماسرة الانجليز والفرنسيين في عهود الوصاية والانتداب والاستعمار وكذلك القصائد التي استقبل بها الغزاة في عام بلفور، ومن لم يقرأ ابن اياس في بدائع الزهور والشدة المستنصرية، ومن لم يسمع بالعلقمي وسلالته نقول له : ان التاريخ يعفيك الان من هذا العبء، فهو يتمطى في قيلولة تتيح لك ان ترى كل ما حدث الان، لأن ما يحدث هو تقطير لذلك التاريخ في اسابيع او ايام فقط، تماما كما تقطر غابة في زجاجات من العطر او السم !!
وليس معنى ذلك ان التاريخ ينمو دائريا او يعيد نفسه بل هي الاحداث التي اسقطت امبراطوريات، والثفافة التي حوّلت حضارات الى اطلال، تحمل اسماء اخرى ! لا حاجة اذن لقراءة ما حدث قبل قرون، ما دام المشهد يتكرر وتصدق مقولة ما اشبه الليلة بالبارحة . بين سقوط بغداد عام 1258 ميلادية وسقوطها عام 2003 اكثر من خمسة قرون بمقياس التقاويم التقليدية, والحقيقة انها مجرد بضعة اعوام بمقياس آخر .
ان الفرصة الان متاحة لمن فاته ان يقرأ التاريخ، لأن امامه عيّنات نموذجية من كل فتراته، ولا اظن ان هناك مؤرخا في العالم تمنى لو ان امه لم تلده كي لا يرى ما رأى كابن الاثير، او ان هناك بليغا كعبد الله بن محمد الذي تمنى لو انه شجرة ! واذا كان هناك ربا سياسي واقتصادي فبإن نسبة الربا في التاريخ هي الاكبر لأن الجهل به يؤدي الى تكرار الاخطاء ذاتها .
ما اشبه الليلة بالبارحة فالثعالب لم تبدل جلودها وكذلك المراوغة !!

الدستور
  • لحظة
  • عرب
  • تقبل
  • الزهور
  • اسماء
  • اقتصاد
  • لب
مدار الساعة ـ نشر في 2017/04/11 الساعة 01:07