المعركة ضد التهويش
مدار الساعة ـ نشر في 2020/03/03 الساعة 23:46
يقودنا الحديث عن المعارضة الخارجية كما في المقالين السابقين إلى الحديث عن التهويش بشكل عام، وبكل صوره،لأن التهويش سلاح من أسلحة المعارضة والخارجية منها على وجه الخصوص،وفي هذا المجال نستذكر أن بلدنا تعرض للكثير من حملات التشويه، وفي ذاكرتنا السياسية تهويش إذاعة صوت العرب ومدرسه أحمد سعيد،والعدد الكبير من الإذاعات والصحف التي دارت في فلكها في حقبة الخمسينات، والنصف الأول من عقد الستينيات ضد الأردن، والتي تحطمت جميعها على صخرة الأردن، بفضل أقلام وعقول رجال آمنوا بالأردن وطناً نهائياً، وبدولته سداً منيعاً للدفاع عن حقوق الأمة.
حالة تهويش أخرى واجهها الأردن, هي تلك التي أوجدتها بعض الصحف الصفراء في بلدنا، خاصة في تسعينات القرن الماضي، قبل أن ترثها وتلعب دورها في هذه الأيام مواقع التواصل الاجتماعي خاصة في مجال إلحاق الكثير من الضرر بصورة الأردن، ومن ثم باقتصاده، مما لابد من مواجهته.
لقد كان لي شرف أن أكون رأس رمح في المواجهة مع احدى حملات التشويه التي استهدفت بلدنا، في تسعينيات القرن الماضي عندما توليت موقع المدير العام لدائرة المطبوعات والنشر، فكان المطلوب معادلة توازن بين أخلاقيات مهنة الصحافة وحريتها، وأنا القادم من رحمها، وبين المواجهة مع من يمارسون التهويش من خلال الصحافة الصفراء،فيسيؤون للمهنة،وهذه المواجهة تصب في خدمة الصحافة ومهنيتها، فكيف خضنا هذه المعركة؟
كانت الخطوة الأولى في المعركة هي العمل بروح الفريق المؤمن بما يقوم به، والذي يعمل بعقلية رجال الدولة الواثقين بذواتهم المؤمنين بدولتهم،الذين يقدمون صورة الوطن ومصالحه العليا على صورهم ومصالحهم الشخصية، فلم يكن أحدهم حريصاً على بناء شعبيته على حساب صورة الوطن، أو من خلال التملق لهذه الصحيفة أو ذاك الصحفي،لذلك لم أشعر خلال تلك الفترة أنني وحيداً،وأن ظهري مكشوفاً،بل كان الاحساس الذي يلازمني أنني أستند إلى جدار متين من الدعم المستند إلى الإيمان بما نقوم به،مما كان يشد من العزيمة ويزيد من الإصرار، وعندي أن النجاح في بناء فريق حكومي قوي ومتماسك واثق من نفسه يشكل أول حواجز الصد الحقيقية أمام أي تحد يواجه الدولة، سواء كان هذا التحدي داخلياً ام خارجياً، لأن التحديات ومنها خطر التهويش والإشاعة أول ما يتمدد في الفراغات التي تقع في بنيان الدولة، والتي قد تكون على صورة مسؤول يبحث عن شعبوية فيتراخى في تطبيق القانون، أو يسرب معلومة لإرضاء صحفي أو نكاية بمسؤول آخر، وهذه فراغات ملائنها في معركتنا تلك ضد التهويش، بفضل تماسك الأداء الحكومي وصلابة المسؤولين يومها،وهنا أستذكر مقولة لأحد مدراء المخابرات الذي فسر تمدد أجهزة المخابرات، بأنه يتم نتيجة لضعف الآخرين من المسؤولين، وكذلك هو حال التهويش يتمدد في فراغ عدم التصدي له من قبل رجال الدولة، عندما يضعفون فيتسلل التهويش من فراغات ضعفهم. الرأي
Bilal.tall@yahoo.com
مدار الساعة ـ نشر في 2020/03/03 الساعة 23:46