الحكومة مع آخر أولوياتها

مدار الساعة ـ نشر في 2020/03/02 الساعة 00:23
استغرب الجمهور ان الحكومة تعرض أولوياتها للعام 2020 2021 بينما هي على وشك الرحيل مع التوجه لاجراء الانتخابات هذا الصيف، فكما هو معروف الحكومة يجب ان تستقيل مع حل مجلس النواب ولا يجوز حسب الدستور إعادة تكليف رئيسها. طبعا هناك سيناريو الدعوة لانتخابات دون حل مجلس النواب وبذلك تبقى الحكومة إذا شاء صاحب القرار، لكن معظم الأوساط تستبعد هذا الخيار ولا ترى أن ذهاب مرشحين للمنافسة وهم نواب سيكون مقبولا أو صحيحا، وعليه فإن حل المجلس ورحيل الحكومة يبقى الخيار المرجح. والرئيس الرزاز لم يغفل التنبيه لهذا الأمر إذ قال ان الحكومات تضع أولوياتها للمستقبل دون النظر في مدة بقائها وهذا منطقي كيفما صاغت الحكومة أولوياتها فالأولويات تفرض نفسها في الواقع ويبقى لتسيير الأعمال ومتابعة المشاكل اليومية نسبة 90 % من الوقت والجهد ما دام نظامنا الحكومي بهذه المركزية الشديدة حيث يتوجب إعادة كل تفصيل صغير الى رئيس الوزراء والوزراء لإقراره، ونحن نعرف أن توقيع الأوراق والمعاملات ومواعيد المقابلات الطارئة والشكاوى من داخل الجهاز أو خارجه والحصول على موافقة الوزير أو الرئيس على ما يعرض عليه وهي موافقة لازمة في القوانين والأنظمة والتعليمات ولم تنجح هذه الحكومة في إحداث الثورة المأمولة في انهاء هذه المركزية القاتلة وآخر شاهد مشروع قانون الإدارة المحلية والمتضمن اللامركزية دون أن ينص في سطر واحد على نقل الصلاحيات من المركز للأطراف أو للإدارات الأدنى لا شك أن حكومة الرزاز أكثر حكومة تعرض نفسها على الرأي العام وباستخدام وسائل التواصل وتقنيات العرض الحديثة وتفرض على نفسها التزامات أمام الرأي العام بصورة دورية متواترة، فهي تقدم بداية كل عام عرضا لأولوياتها وفي نهاية العام عرضا لإنجازاتها ناهيك عن التقارير الربعية حول الإنجازات وقبل ذلك تعرض خطتها لعامين وعندما تتعقد الأمور وتصعب تعرض رزما تحفيزية حتى لو أن العديد منها موجود اصلا في التوجهات القديمة أو الجديدة وخصوصا في مجال الحوسبة والحكومة الإلكترونية. وفي هذا النهج قيمة ايجابية مهما كان مستوى الثقة والمصداقية فهو يثبت ويكرس مسؤولية الحكومات أمام الرأي العام. فالحكومة مسؤولة أن تشرح كل ما تقوم أو تنوي القيام به وتبرره وأن تقدم عنه كشف حساب مستمرا للجمهور. وللانصاف يجب ان نسجل للحكومة انها تساهم في تكريس هذا النهج الضروري من حيث المبدأ وسيتعلم المراقبون ومراكز الرصد وعموم الرأي العام كيف يستخدمون هذا الالتزام الواجب لجعل الحكومات أكثر حرصا وقلقا أمام الجمهور وأقل جرأة على التقاعس أو ممارسة التجاوزات والانصياع للأهواء أو تمرير الامتيازات بهذه المناسبة سأنتقي واحدة من الأولويات التي أعلنتها الحكومة من السابق ولم تدق فيها مسمارا واحدا. في اولويات 2019-2020 كان اسمها توسيع مشاركة الأحزاب في الحياة السياسية وكانت الخطوة الأولى تعديل نظام تمويل الأحزاب. ثم ساد السكون التام. وهذه المرة جرى تعويمها الى تعزيز المشاركة السياسية وغاب برنامج الإصلاح السياسي كليا رغم حديث الرئيس المستمر عن تزامن وتكامل الإصلاح السياسي والاقتصادي بل تم الامتناع عن التقدم حتى بتعديلات طفيفة وفنّية على قانون الانتخاب كان يجري الحديث عنها وذلك لقطع الطريق على فتح الباب للتعديل من اساسه. هل تكون الحكومة صريحة وتعترف انها انهزمت مثلا أمام قوى الشد العكسي في هذا المحور؟!.الغد
مدار الساعة ـ نشر في 2020/03/02 الساعة 00:23