الأخطر من كورونا
قرابة خمسين دولة حول العالم سجلت إصابات مؤكدة بفيروس كورونا المستجد. الصين وكوريا الجنوبية وإيران وإيطاليا تصدرت قائمة الدولة التي سجلت أعلى عدد في الوفيات. لكن اللافت في الحالة الإيرانية عدد المسؤولين المصابين بالفيروس،لا بل ووفاة أحد النواب أمس. وترددت أنباء بالأمس تفيد بإصابة حفيد المرشد الأعلى بالفيروس. يؤشر هذا التطور إلى احتمال تفشي الفيروس بشكل كبير في إيران، وسط تكتم السلطات على الأعداد الحقيقية للمصابين، مع تحول إيران إلى بؤرة ساهمت في تصدير الفيروس لدول مجاورة كالعراق والكويت والبحرين والإمارات ولبنان
إيطاليا لعبت دورا مشابها على الصعيد الأوروبي والمتوسطي، فمعظم الإصابات في القارة الأوروبية وشمال أفريقيا جاءت من الشمال الإيطالي، رغم الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها السلطات هناك. الواضح أن الفيروس وفي غفلة من المسؤولين الطليان تسلل عبر المسافرين وانتقل لدول أوروبية عديدة، حتى بلغ بلدان شرق أوروبا المجاورة لروسيا
ما تزال منظمة الصحة العالمية مترددة في إعلان فيروس كورونا كوباء عالمي، وتتمسك بتصنيفه كحالة متقدمة من الخطر الذي يهدد بالانتشار. تقدير المنظمة العالمية موفق في تشخيص الحالة لغاية الآن، فعلى الرغم من انتقال الفيروس في عموم القارات، إلا أنه وباستثناء أربع دول فإن الاصابات المسجلة في دول كثيرة تعد محدودة جدا ولا تشكل انتشارا واسعا، وهي في العموم تحت السيطرة من قبل السلطات الصحية
لكن الآثار المترتبة على انتشار الفيروس تفوق ما سجل من وفيات وإصابات، حتى في الصين موطن الفيروس الأول، تبدو النتائج الاقتصادية وخيمة للغاية، والخسائر فادحة. ومن الطبيعي أن تتأثر اقتصاديات العالم كله بما يجري في بلد يعد ثاني أكبر اقتصاد في العالم
ونظرا لعدم توصل المختبرات والشركات العالمية للقاح مضاد للفيروس، تجتاح العالم موجة هلع واسعة ضربت في طريقها اقتصاديات الطيران والسياحة وأسواق المال الأميركية، وعطلت عجلة الانتاج في عديد الدول. وإذا ما استمر الحال على ما هو عليه، فإن النتائج الكارثية ستبدأ بالظهور على مناحي الحياة كافة، فيما تبدو من مؤشرات على تراجع لحركة الأسواق. وتشير التقديرات الأولية لمراكز الدراسات العالمية إلى تراجع محتمل في نسب نمو الاقتصاد العالمي، خاصة مع تراجع أسعار النفط بفعل تراجع الطلب في الصين ودول أخرى ذات تأثير كبير في الاقتصاد العالمي
نحن إذا أمام أخطر تهديد يواجه الاقتصاد العالمي منذ أزمة 2008 إذا لم تتمكن الدول الكبرى من احتواء الفيروس في أسرع وقت، إذ تشير المعطيات الحالية بأن استمرار حالة الانكماش والجمود في قطاعات حيوية، يعني تراجعا حادا في معدلات النمو تصيب اقتصاديات العالم. الدول الصغيرة التي لا تتوفر على بنى اقتصادية كبيرة كالأردن ستعاني أشد المعاناة من هذه الأزمة، وستجد نفسها مضطرة لمراجعة خططها الاقتصادية وتوقعاتها لمعدلات النمو، وربما تواجه خطر ازدياد مديونيتها مع تراجع صادراتها وعوائد السياحة وحوالات المغتربين، وتباطؤ الحركة التجارية
لم يكن العالم وهو يدخل عاما جديدا يضع في حساباته مثل هذه التطورات المفاجئة، والصدمات العنيفة، ويبدو أن عليه المسارعة إلى التكيف مع وضع غير مألوف مالم يتمكن العلماء في المختبرات من التغلب على الفيروس المستجد.(الغد)