قطر تلج باب انتصار آخر.. عبر نافذة الاتفاق بين واشنطن وطالبان
مدار الساعة ـ نشر في 2020/02/29 الساعة 19:28
مدار الساعة - عواد الخلايلة ووكالات - مبكراً تموضعت السياسة القطرية في دائرة التأثير العالمي في كثير من الملفات الاقليمية والدولية.
الاستشهادات لا تكاد تحصى، سواء في السودان او افغانستان، واليمن ما قبل فوضاه الاخيرة.. وغيرها من نماذج.
لقد أدرك العالم ان الدوحة باتت في طليعة القوى التي تعمل على تشكيل مستقبل العالم العربي، بعد ان اصبحت لاعباً رئيساً في مستقبل المنطقة.
هكذا وبصورة تدريجية لكن عميقة عززت قطر دورها الاقليمي والدولي عبر اجنحة متعددة منها السياسي واخر الاقتصادي وثالث الاعلامي، بل والفكري واخيرا الرياضي.
من هنا يمكن فهم قيام قطر بتوفير موقع محايد لإجراء محادثات حول إنهاء الصراع المستمر منذ 18 عامًا في أفغانستان، وهو ما عزز مكانتها الدولية وجهودها في تحدي الحظر المفروض عليها من قبل جيرانها وحلفائها السابقين.
وبعد توسّطها لإقامة حوار بين الأطراف المتحاربة، جنت قطر ثمار عملية دبلوماسية كبيرة بتوقيع واشنطن اتفاقا تاريخيا مع حركة طالبان في الدوحة السبت لسحب الجنود الأميركيين من أفغانستان ضمن فترة زمنية من 14 شهرا، وذلك بعد 18 سنة من اندلاع أطول الحروب في تاريخ الولايات المتحدة، وفق ما قالت رويترز.
ويأمل الأفغان أن ينهي الاتفاق الذي جرى التفاوض حوله لأكثر من عام، أربعة عقود من النزاعات المسلّحة وأن يفتح باب الحوار بين حكومة كابول والحركة المتطرفة بهدف وضع حد للمعاناة في البلد الفقير.
ووقّع الاتفاق المفاوض الأميركي زلماي خليل زاد ورئيس مكتب الحركة السياسي ونائب زعيمها الملا عبد الغني برادر بحضور وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو وممثلين عن عشرات الدول.
وتصافح الجانبان في قاعة في فندق فخم بالعاصمة القطرية، وسط صيحات "الله أكبر" بين ممثلي حركة طالبان الحاضرين.
وشهدت المفاوضات مشاهد غير مألوفة كتحوّل مقاتلي طالبان إلى مفاوضين سياسيين في العاصمة القطرية على وقع الموسيقى الكلاسيكية التي تصدح في مداخل فنادقها الفخمة.
لكن المشروع الدبلوماسي الضخم لم يمر من دون تحديات كبيرة للإمارة الثرية.
وبعدما سار كل شيء كما هو مخطط له، فإن أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني احتفل السبت بنجاح الوساطة، في ذكرى مرور ألف يوم على قطع السعودية والإمارات والبحرين ومصر العلاقات مع بلده.
وكانت الدول الأربع جمّدت علاقاتها الدبلوماسية مع قطر في حزيران/يونيو على خلفية اتّهامها بدعم جماعات إسلامية متطرفة، وهو ما نفته الإمارة.
وترافق قطع العلاقات مع إجراءات اقتصادية بينها إغلاق الحدود البرية والطرق البحرية، ومنع استخدام المجال الجوي وفرض قيود على تنقّلات القطريين.
وتعثرت المحادثات الرامية إلى وضع حد الخلاف بعد أن أثارت موجة من الجهود الدبلوماسية في أواخر العام الماضي الآمال بحدوث انفراج.
- "وسيط موثوق" -
لم تكن قطر، شبه الجزيرة الصغيرة المعروفة بثرواتها الغازية وانتصارها المثير في استضافة بطولة كأس العالم 2022، خيارًا محتملا على ما يبدو لاستضافة المفاوضات، وفق رويترز.
وتقع قطر على بعد 1800 كيلومتر (1120 ميلاً) من أفغانستان التي مزّقتها الحرب طوال سنوات. ومع ذلك، دعت الإمارة حركة طالبان إلى فتح مكتب سياسي لها في الدوحة في عام 2013 بمباركة من واشنطن.
ولعبت الدولة الثرية في العقدين الاخيرين دور الوسيط في العديد من النزاعات، بينها خلافات بين دول افريقية، وكذلك في الشرق الأوسط حيث استضافت محادثات لبنانية في 2008 أفضت إلى التوافق على انتخاب رئيس للجمهورية.
كما انّها كانت الوسيط بين جماعات ليبية متقاتلة، وكان لها دور في النزاعين السوري والفلسطيني الإسرائيلي عبر دعم معارضي الرئيس السوري بشار الأسد وحركة حماس.
وقال كولن كلارك المحلّل في مركز صوفان "إذا لم يكن لديهم هذا الدعم، فلن يأخذهم أي شخص على محمل الجد"، مضيفًا أن قطر كانت تعتبر "وسيطا موثوقا به من قبل الجانبين".
وبدأت الرعاية القطرية بصعوبة، إذ اندلع جدل بعد فترة وجيزة من إنشاء "المكتب السياسي لطالبان" ورفعُ المتمردين علمهم فوق المبنى العالي الجدران، ما أثار غضب كابول.
وإلى جانب الفنادق الضخمة، أُجريت محادثات مع حركة طالبان في ناد فخم حيث تبادل المقاتلون الحديث مع الجنرالات الأميركيين ومسؤولي وزارة الخارجية وهم في طريقهم للعب الرياضة أو الاستجمام.
واستضافت قطر كذلك اجتماعات لحوار أفغاني داخلي ضم أطرافا سياسية وعسكرية واجتماعية من بينها مجموعات من النساء.
لكن أكبر العوائق جاءت في أيلول/سبتمبر عندما قام الرئيس دونالد ترامب بنسف الجولة التاسعة للحوار بتغريدة واحدة، بعدما بدا أنّ العملية الدبلوماسية قد وصلت إلى ذروتها.
وأثار ترامب دهشة الكثيرين في واشنطن وحول العالم بإعلانه أنه دعا حركة طالبان إلى المجمع الرئاسي في كامب ديفيد، لكنه ألغى الاجتماع غير المسبوق.
ولا يمكن التنبوء بما قد يقدم عليه ترامب في الأيام المقبلة، ولذا تبقى مسألة التوقيع في الدوحة رهن قرار الرئيس الأميركي.
- حفاوة بالغة -
مع اقتراب اليوم التاريخي، بدأ الشيخ تميم حملة دبلوماسية منفصلة، حيث انطلق في جولة إقليمية بدءا من عمّان هذا الأسبوع معلنا عن 10 آلاف وظيفة في قطر للأردنيين.
كما قام أيضًا بزيارة تونس بعد الجزائر خلال الجولة المصغّرة، قبل جولة في آسيا الوسطى، في مؤشر على ثقة الدولة الخليجية بعلاقاتها الخارجية على الرغم من الخلاف مع جيرانها.
واندلع الخلاف بسبب مزاعم بأن الدوحة قريبة من الحركات الإسلامية، وهي تهمة تنفيها قطر.
ولكن بفضل شبكة تحالفاتها، تلعب الدوحة تلعب دوراً دبلوماسيا رئيسياً. فقد أدّت دور الوسيط عندما بدت طهران وواشنطن على وشك الانجرار نحو الحرب بسبب قتل الولايات المتحدة الجنرال الإيراني النافذ قاسم سليماني قرب مطار بغداد في كانون الثاني/يناير.
وقال كلارك إن الدوحة أثبتت جدواها للولايات المتحدة وتعمل على حلحلة مسائل لم يستطع أحد غيرها العمل عليها.
مدار الساعة ـ نشر في 2020/02/29 الساعة 19:28