كورونا في الأردن السيناريو المؤجل
لا تسمع صوتا هذه الأيام لمن قالوا إن فيروس كورونا تنزل على الصينيين، عقابا إلهيا، كونهم يؤذون المسلمين في تركستان الشرقية، فهذه النظرية ثبت أنها غير صحيحة
لقد قيل لهم منذ البداية ان هذه النظرية غير صحيحة، الا أنهم أصروا على ان الفيروس سوف يتسلط فقط على الصينيين الكفرة واذا تسلط على المؤمنين أمثالنا، فهو نوع من الابتلاء الذي سوف نؤجر عليه، واليوم يعززون نظريتهم البائسة بالقول إن الفيروس يتسلط على المسلمين الشيعة فقط، كما في ايران، فلا تعرف ماذا سيقولون غدا حين ينتقل إلى المسلمين السنة، بعد ان وصلت ببعضنا طرق التفكير إلى هذه الطريقة الغريبة حقا، التي تتناسى أساسا وجود مائة مليون صيني مسلم، قد تصلهم العدوى، وان الفيروس أساسا لا ينتقي ضحاياه على أساس الدين والمذهب والعرق والموقف السياسي؟!
يتمدد الفيروس من بلد إلى آخر، ومن شعب إلى آخر، وقد بدأ بالظهور في إيران، والعراق، ودول خليجية، وعربية مثل مصر وفلسطين المحتلة، وفي أوروبا، حيث الوباء في إيطاليا، وحتى في كوريا الجنوبية، واذا بقي الحال هكذا سينتقل إلى اغلب دول العالم، دون ان يفرق بين مؤمن وملحد، ودين وآخر، ومذهب ومذاهب، فهذا الفيروس لا ينتقي ضحاياه
كارثة الفيروس تكمن في عدة زوايا، أولها عدم وجود دواء له حتى الآن، وثانيها ان العدوى باتت تنتقل إلى دول وشعوب العالم، وثالثها ان الضحايا يتزايدون، ورابعها ان الاقتصاد العالمي قد ينهار تحت وطأة الفيروس اذا تحول إلى وباء عالمي، لأن حركة الطيران، والسياحة، والتصدير والاستيراد، سوف تتأثر إلى حد كبير، فوق أسعار النفط ثم الأسهم التي سوف تتراجع بقوة، حيث محا الفيروس نحو 474 مليار دولار من قيمة أسواق الأسهم الأوروبية يوم الاثنين الماضي، مع إعادة المستثمرين تقييم الأثر المرجح لتحول التفشي إلى وباء عالمي، سيحول العالم، إلى أجزاء معزولة، لا تتعاطى مع بعضها البعض
في الأردن لا حالات حتى الآن بين الأردنيين، وفقا للمنطوق الرسمي، لكن دعونا نكون منطقيين، فنحن في بلد كل جواره ظهر فيه الفيروس، من فلسطين المحتلة، إلى العراق، ومصر، ومهما تم اتخاذ إجراءات لمنع تسلل العدوى، فقد تنجح مؤقتا، لكنها قد لا تمنع تسلل الفيروس إلى الأردن، مما يوجب الاستعداد بشكل مختلف لهذا الاحتمال، على صعيد إمكانات وزارة الصحة، وكل القطاع الصحي، إضافة إلى ما يرتبط بحركة الطيران والسياح، وصولا إلى عادات الناس في السلام والتقبيل، وغير ذلك من عادات شائعة
تصريح وزير الصحة حول ان الشماغ بديل عن الكمامات، أثار تندرا واسعا، برغم ان قصده الفعلي هو ان الكمامة مهمتها الأساس منع نقل العدوى من المصاب إلى غير المصاب، وليس منع استقبال الفيروس، وكأنه يقول هنا ان مجرد أي لثام سيمنع العدوى، وكلامه إن ثبت طبيا او لم يثبت، إلا انه من جهة ثانية، يؤشر على عدم وجود استعداد فعلي للتعامل مع الوباء بغير هذه الطريقة على مستوى الافراد، وهذا كلام يبعث على القلق حقا، خصوصا، مع حديثه عن كلفة الكمامات المفيدة حقا التي تصل إلى خمسة وعشرين دينارا
لا يراد هنا إثارة هلع الناس، لكن نظرية المؤامرة لا تغيب في تفسيرات البعض ، إذ إن البعض يصر على ان هذه مؤامرة أميركية على الصين وايران، معا، من اجل عزلهما عالميا، وخنقهما تدريجيا، خصوصا، مع ما نراه من تأثير اقتصادي عليهما، وهذه النظرية أيضا لن تصمد طويلا اذا تمدد الفيروس وانتقل إلى دول العالم، مثلما نرى في كوريا الجنوبية صديقة الاميركيين، وفي إيطاليا وهي ليست خصما لواشنطن
نحن شعوب نُسيَس كل شيء، وحتى الفيروس لم ينجُ من تفسيراتنا، لكننا وسط كل هذا نتمنى ألا نكون امام وباء عالمي، وان ننجو في الأردن مع شعوب العالم، من هذا البلاء.(الغد)