الأردن وقطر.. علاقات طبيعية

مدار الساعة ـ نشر في 2020/02/24 الساعة 23:23
فتحت زيارة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني لعمان الباب لاستعادة العلاقات الأردنية القطرية على المستوى الثنائي بعد أن استعادت من قبل المستوى الدبلوماسي اللائق بها بمعنى آخر، عودة العلاقات بين البلدين إلى حالتها الطبيعية التي كانت عليها قبل أزمة قطر مع بعض جيرانها الخليجيين وهذا ليس أمرا نادر الحدوث في العلاقات بين الدول، على الدوام هناك خلافات وتباينات في المواقف، لكن ذلك لا يعني بالضرورة القطيعة. الأردن أسّس تاريخيا لهذا المفهوم في العلاقات العربية، فانتهج دبلوماسية متوازنة قائمة على الوصل لا القطع، ليجنب بذلك المصالح الثنائية شرور السياسة وخلافاتها قطر تعلمت من دروس الأزمة والحصار الكثير، وأدركت الحاجة لانفتاح يتجاوز مساحة السياسة وتناقضاتها. وللإنصاف نجحت في هذا المسعى بامتياز، إذ تمكنت من بناء علاقات وطيدة مع مختلف الأقطاب والدول في العالم على اختلاف مواقفهم. بقي على الدوحة أن تطور مقاربتها في الملفين المصري والسوري لتستعيد حيويتها الدبلوماسية وصورتها السابقة الأردن نأى بنفسه عن التخندق الحاد في الأزمة الخليجية, وفي نفس الوقت حافظ على علاقات مميزة مع السعودية والإمارات، واتخذ خطوة تنظيمية في العلاقة مع قطر. لكن مع مرور الوقت وطول أمد الأزمة، قرر انتهاج دبلوماسية التعايش مع الأزمة كما حال الكثير من الدول، لا بل استبعاد هذا المكون من معادلة العلاقة بدون تكلفة سياسية واقتصادية. وأعتقد أن أطراف الأزمة الخليجية تفهمت السلوك الأردني، وقبلت بالمعادلة الواقعية التي تبنتها عمان مصالح الأردن متشعبة وممتدة مع جميع الدول الخليجية، ولسنا في وضع يسمح لنا بخسارة هذه المصالح مقابل مكاسب هنا أو هناك. الحل الأنسب كان بناء علاقات متوازنة ترعى هذه المصالح مع الجميع دون زيادة أو نقصان. فقطر كما السعودية والإمارات والكويت مدت يد المساعدة للأردن في أزمته الاقتصادية، وها هو الشيخ تميم يقدم مزيدا من الدعم للأردن بتوجيهاته خلال الزيارة منح الأردنيين عشرة آلاف فرصة عمل جديدة إضافة لعشرة آلاف سابقة والتبرع بدعم نقدي لصندوق العسكريين المتقاعدين، وأنباء عن مشاريع واستثمارات قطرية قادمة في الأردن مبدأ القطيعة في العلاقات الدولية في طريقه للتلاشي. على العكس من ذلك، فكلما تفاقمت الخلافات بين الدولة زادت الحاجة للتواصل والحوار لتسوية المشاكل وتعظيم المشترك في المواقف. ولا نبالغ إن قلنا بأن لا خلافات جدية بين الأردن وقطر على المستوى الثنائي. هي حالة الإقليم المضطرب ومشاكله التي ألقت بظلالها الكئيبة على علاقات دول المنطقة بمن فيها الأردن وقطر وسواها من الدول الدبلوماسية الأردنية قائمة اليوم على فكرة إدارة المصالح الأردنية ورعايتها وتحشيد الدعم للموقف الداعم للحقوق الوطنية الفلسطينية. وفي هذين المجالين تلتقي المواقف الأردنية والقطرية، ويمكن لهما أن يساهما في كسب مزيد من الدعم لقضية العرب الأولى، وتحقيق مصالح الشعبين على المستوى الثنائي الملك عبدالله الثاني من بين الزعماء القلائل الذين سئموا الحديث في المشاكل والاستسلام لها، ويفضل بدلا من ذلك البحث عن حلول تساعد شعبه أولا وشعوب المنطقة على العيش بسلام ورخاء. هذا هو المنطلق الذي يحكم السياسة الأردنية الآن وفي المستقبل.(الغد)
مدار الساعة ـ نشر في 2020/02/24 الساعة 23:23