مِنْ أَيْن أَتَت سِيَاسَةُ فَرِّقَ تسُدَ لِلْعَالِمِ
مدار الساعة ـ نشر في 2020/02/23 الساعة 09:18
استخدمت المملكة المتحدة (بريطانيا) في حكمها للعالم سياسة فَرِّقَ تسُدَ وقد نجحت هذه السياسة في تمكين الجزر البريطانية وعدد سكانها المحدود أن تحكم وتستعمر دول العالم أجمع. ولكن الحق يقال أن بريطانيا كانت دولة متقدمة في العلوم والتكنولوجيا وفي صناعة السفن والأسلحة المختلفة وسيطرت على كل ما تملكه الإمبراطورية العثمانية من وثائق وعلوم وتقدم في كل المجالات أيضاً وكذلك إستفادت من دول العالم الأخرى التي سيطرت عليها من موارد بشرية ومادية وجغرافية وسياسية ... إلخ. والذي ساعد بريطانيا في ذلك هو سيطرتهم على البحار أي قوتهم في بناء السفن الحربية وغيرها وخبرتهم في البحار لكون طبيعة وطنهم مجموعة من الجُزُرِ. علاوة على أن عدد سكان بريطانيا قليل وبُعْدُهُم عن بقية العالم وحاجتهم الماسة من الثروات الطبيعية التي التي يفتقرون إليها وتمتلكها الدول الأخرى، وما ورثه البريطان من خبرات من غيرهم من الأمم الماضية والإمبراطوريات القديمة التي سبقتهم. ولكن هذا القانون البسيط الذي إكتشفته بريطانيا وتبنته في حكمها للعالم وتبنته فيما بعد غيرها من الدول هو قانون رب العالمين قبل أي مخلوق من مخلوقاته (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ(الحجرات: 13)) فلم يجعل الله الناس شعباً أوقبيلةً واحدة بل جعلهم شعوباً وقبائل أي قسَّمهم. وقال تعالى أيضاً (وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَٰكِن يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (النحل: 93)).
وقد تساءلنا سؤالاً هو: من قسَّم العالم إلى قارات؟ ومن قسَّم القارات إلى دول مختلفة؟ كأوروبا اللغات مثل فرنسا وألمانيا وإيطاليا ... إلخ، وكذلك قارة آسيا وأفريقيا ... إلخ ويتكلمون لغاتاً مختلفة؟ الجواب هو الله سبحانه وتعالى (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ (الروم: 22)). أي فكرة التقسيم هي منذ قديم الزمان ومنذ زمن فرعون مصر حيث قال الله (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (القصص: 4)). إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (الأنعام: 159)). فنجد أن بريطانيا هي الدولة الوحيدة في العالم التي أتقنت فن أسلوب فرعون في التعامل مع شعبها ومع شعوب العالم أجمع وأكبر دليل على ذلك أن بريطانيا كانت تستعمر جميع دول العالم وحتى وقتنا الحاضر ما زالت بعض دول العالم تابعة لتاج ملكة بريطانيا.
ولكن للأسف الشديد لم ينجح المسلمون والعرب الذين هم أحق أن يستفيدوا من كتاب الله ومن كل مثل ضربه الله لهم في القرآن الكريم (وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَٰذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِن كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الْإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا (الكهف: 54))، للعيش حياة كريمة وللسيطرة على العالم والإستمرار في ذلك، وفشلوا فشلاً ذريعاً حتى في السيطرة على أمور حياتهم ومقدراتهم وممتلكاتهم. وذلك لإتباعنا خطط التفريق فيما بيننا والتي وضعت من قبل من لا يريدون الخير للمسلمين والعرب. ونرجوا من الله أن تكون زيارة سمو الأمير تميم بن حمد آل ثاني للأردن هذا اليوم هي بادرة لوحدة الصف بين القادة العرب وشعوبها وفيها الخير كله للأردن ودولة قطر وللمسلمين والعرب أجمعين.
مدار الساعة ـ نشر في 2020/02/23 الساعة 09:18