نختلف دوماً.. ولا نتعظ !!
نحن امة الذاكرة الحافظة كمبيوتر العصر التي لا تنسى شيئا من احداث تاريخها القديم وارشيف ملفاته المثقل بالايجابيات والسلبيات، والتي مرت بها عبر العصور الغابرة و شكلت حضارة وتاريخ هذه الامة في حاضرها واصبحت المسيطرة على فكرنا واسلوب حياتنا بحلوها ومرها، والتي فقدنا حلاوتها ونكتوي بنار مرارتها ليل نهار بل وجعلناها اسلوب حياتنا وخريطة مستقبلنا ورضينا بها واقعا وحقيقة نتغنى بها ونجادل في احقيتها وصلاحيتها لهذا الزمان ولكن ذاكرتنا عادة ما تشطح وتميل بنا الى اجتراء السلبيات على الايجابيات من ارشيف وتاريخ ماضينا , وتطوف بها على سطح مياه الحاضر لتعكر صفو حياتنا ومستقبلنا وتجعلنا نعيش في اختلاف وفرقة في مدى حقيقة صغائر وكبائر الامور سواء كانت عقائدية او حياتية او سياسية ونرى الكل يدلو بدلوه ويجتهد بفكره في اي من هذه المسائل عالما كان او مثقفا او بائع بندورة، وهذا ما يلبس علينا ويجعلنا في حيرة من الامر وصدق النوايا.
ان تاريخ اية امة يجب ان يكون نبراسا يحتذى به الا ما عابها او وجلت منه او اجبرت عليه انه من الاهمية بمكان ان ننظر خلفنا لنصلح به حاضرنا ونبصر ماهو امامنا من تقلبات وظروف ومتغيرات لنواكب مسيرة العصر الذي نعيشه حتى لا نصبح لقمة سائغة بين الامم, اقول هذا ونحن لازلنا نجتر احداث الماضي السحيق والذي اكل الدهر عليه وشرب، منذ اربعة عشر قرنا ونيف ونحن نختلف في امور مضت ومضى بها اقوامها وخلفت لهذه الامة تركة وارثا من الخلافات والفرقة فيما بينها وتأصلت في نفوسنا وافكارنا ومعتقداتنا وحتى يومنا هذا , وجنينا من جراءها الاسى والمرارة في منحى امور حياتنا ومعتقداتنا حتى اصبح العرب اعراب , والدين الواحد اديان , وافترقنا شيعا واحزابا كل ينتصر لوليه من دون الله وانجرفنا الى حافة الاقتتال والارهاب واصبحنا مدرجين على لائحة المبوذين والتخلفين في جداول التصنيف الاممي بعد ان كنا خير امة اخرجت للناس , واصبح ينظر الينا بلا مبالاة وكاننا من ساكني الكهوف جراء ما بيننا من فرقة وطائفية وصراعات طائفية واقليمية وعقائدية حتى اصبحنا نسفك دماء بعضنا البعض وننتهك الاعراض وندمر البنيان ونجوع الاطفال ونهجر الامنين تحت شتى المسميات المبررة والملفقة باكاذيب الدعاية والاعلام والشعارات البراقة من احاديث الافك والنفاق والتي ولا زالت تنهش في جسد الامة حتى اعياها الدواء والتبس عليها الحق بالباطل وتجراءت علينا الامم واصبحنا بالنسبة لهم حقل تجارب لااسلحتهم وافكارهم.
وفي السياق نرى ماضينا يتجسد في حاضرنا يطغي عليه وعلى معتقداتنا ويبث الخلاف بيننا ويعمق الفرقة التي تقتلنا وتحط من قيمتنا ومكانتنا بين الامم المتحضرة، لازلنا وبعد مضي اربعة عشر قرنا ونيف مختلفين على احقية علي او معاوية في الخلافة والتي احدثت الفرقة بين الامة الاسلامية حتى يومنا هذا، ونتج عنها طوائف وفرق مزقت وحدة الامة واغرقتها في بحر من الدماء، واليوم مازلنا مختلفين في احقية بني صهيون في فلسطين واغتصاب ارضها وتشريد ابنائها وسفك دماء اطفالها واصبحت القضية تراوح مكانها منذ عقود مضت وكان وجودهم اصبح حقيقة واقعا نتغنى به ونقول فيهم خجل الكلام , متى تستيقظ هذه الامة هذا همنا وليس همنا متى تنام , لكنك لن تسنظيع ايقاظ من يتظاهر بالنوم.