ثلاثة اتجاهات في علاقة القرآن والسنة بالتراث
مدار الساعة ـ نشر في 2020/02/21 الساعة 10:13
مدار الساعة - السنوسي محمد السنوسي
لطالما أثير النقاش حول مفهوم “التراث الإسلامي”، وكيفية التعامل معه، وحدود مساحات الأخْذِ والترك منه، والمعيار في ذلك.. إضافة إلى تساؤل مهم حول علاقة القرآن الكريم والسنة النبوية بهذا التراث: هل هما داخلان فيه، يسري عليهما ما يسري عليه؛ أم خارجان عنه ومتمايزان؛ بحيث نتعامل معهما بطريقة غير التي نتعامل بها معه؟
ومادة “التراث” في اللغة تشير إلى ما يُورث عن الآباء من مال أو جاه([1]). و”الْوَاوُ وَالرَّاءُ وَالثَّاءُ: كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ، هِيَ الْوِرْثُ؛ وَالْمِيرَاثُ أَصْلُهُ الْوَاوُ؛ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ لِقَوْمٍ ثُمَّ يَصِيرَ إِلَى آخَرِينَ بِنَسَبٍ أَوْ سَبَبٍ”([2]). وقد وردت هذه الكلمة في القرآن الكريم بمعنى المال المَوْرُوث، في قوله تعالى: {وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلاً لَّمًّا} (الفجر: 19)؛ ” أَيْ مِيرَاثَ الْيَتَامَى. وَأَصْلُهُ الْوِرَاثُ مِنْ وَرِثْتُ، فَأَبْدَلُوا الْوَاوَ تَاءً”([3]). قال النسفي: {وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ} أي الميراث، {أَكْلاً لَّمًّا} ذا لَمّ؛ وهو الجمع بين الحلال والحرام. وكانوا لا يورّثون النساء ولا الصبيان ويأكلون تراثهم مع تراثهم([4]). و”التراث” بصفة عامة يمكن تعريفه من “زاويتين: تراث السلوك والعادات والقيم غير المكتوبة؛ وتراث الإبداعات الفكرية والفنية والأدبية، المكتوبة أو المسجلة والمرئية المحفوظة”([5]). أما “التراث الإسلامي” فيقصد به: “الجانب الفكري في الحضارة العربية الإسلامية: العقيدة، والشريعة، واللغة، والأدب، والفن، والكلام، والفلسفة، والتصوف”([6]). وهنا، نأتي للسؤال الذي نحن بصدده: هل القرآن الكريم والسنة النبوية داخلان في إطار هذا التراث ومضمونه، أم خارجان عنه غير مُدرَجَيْن فيه؟ وفي الإجابة عن ذلك، يمكن أن نلاحظ رأيين أساسيين يتفرعان إلى ثلاثة اتجاهات: ــ فالرأي الأول يذهب إلى أن (التراث الإسلامي) هو ما ورثناه عن آبائنا من عقيدة وثقافة وقيم وآداب وفنون وصناعات وسائر المنجزات الأخرى المعنوية والمادية؛ ومن ثم فهو يشتمل على الوحي الإلهي (القرآن والسنة). لكن أصحاب هذا الرأي ينقسمون إلى اتجاهين: اتجاه يفرِّق في النظرة والتعامل بين الوحي؛ فهو لا يقبل الانتقاء والاختيار منه ولا محاولة تطويعه للواقع.. وبين المنجزات البشرية الحضارية والثقافية؛ فهي قابلة للانتخاب والتوظيف وفق الرؤية المعاصرة وحسب الحاجة والمصلحة([7]). واتجاه آخر: يريد أن يعامل نصوص الوحي: قرآنًا وسنة، بمثل ما يعامل به النصوص التراثية الأخرى.. متأثرًا- أي هذا الاتجاه- بالتجربة الغربية في قراءتِها نصوصَها الدينية وتراثَها عمومًا.. غيرَ آخذٍ في الحسبان الفوارقَ المفصلية الأساسية بين مفاهيم الوحي والدين ومآلاتهما في التجربتين: الإسلامية والغربية([8]). ــ أما الرأي الثاني: فيذهب القائلون به إلى عدم دمج الوحي بالتراث، ويرونه مفارقًا له؛ لأن التراث في اعتقادهم “إنجاز إنساني خالص، أو مبدعات إنسانية يكون الإنسان فيها هو الصانع، وهو المورِّث للآتي بعده. بتعبير آخر: لا تراث إلا ما هو عرضي إنساني زماني، ولا مورِّث إلا ويكون عرضيًّا إنسانيًّا زمانيًّا. وهذا يعني أنه لا مدخلَ ذاتيًّا للأمور الإلهية في دائرة التراث”([9]). ولعلنا نلاحظ أن الخلاف بين الاتجاه الأول من الرأي الأول، وبين الرأي الثاني: ليس ذا بال؛ لأنهما يتفقان على أن منهج التعامل مع الوحي يختلف اختلافًا جذريًّا عن التعامل مع غيره، سواء أدخلنا القرآن والسنة تحت مظلة (التراث) أم أخرجناهما منها. أما الاتجاه الثاني من الرأي الأول- والذي يُدخِل القرآن والسنة في مفهوم التراث، دون تفرقة بين الوحي وما يجب له، وبين الإنجاز البشري وما يعتريه- فهذا رأي فيه من التعسف والبطلان ما فيه؛ لأنه “يحاول تطبيق قواعد تأويل الكتاب المقدس في التجربة الأوروبية- خصوصًا في فترة الحداثة وما بعد الحداثة- على التراث العربي الإسلامي، ومنه القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة. هذا ليس في الجامعات الغربية وبخاصة الأوروبية فحسب، ولكن لدى بعض المتأثرين بهذا التوجه لدينا، بل في العالم الإسلامي كله”([10]). إن القرآن الكريم والسنة النبوية وحي من الله تعالى- على اختلاف بينهما من حيث اللفظ والمعنى- ولا يمكن أن نعاملهما بمثل ما نعامل الفكر البشري.. بل لا بد أن نجعل هذا الفكر البشري محكومًا في قراءته ومنهجه بإطار الكتاب والسنة، وليس العكس.. وهنا نشير إلى نقطتين: الأولى: التفرقة بين مستويين من التراث: المستوى المعصوم المقدس، وهو القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة؛ والمستوى غير المعصوم وغير المقدس، وهو الفكر البشري المستمَد من القرآن والسنة.. وبينما ندعو إلى الاعتداد بالكتاب والسنة، ووضعهما في المرتبة الأولى، فإننا بحاجة إلى غربلة ما دار حولهما وما نتج عنهما من فكر واجتهاد. يقول الشيخ الغزالي: “المسلمون الآن عبء ثقيل على الإسلام، وهم لا يستحقون الحياة إلا إذا أنصفوا الوحي النازل بين ظهرانيهم، وخلصوه من تخليطهم وجهلهم المعيب قرنًا بعد قرن.. لا قداسة إلا للوحي الأعلى، ولا مكانة إلا للرجال الذين أحسنوا الفقه فيه والعمل به حيث أقامهم القدر. يجب أن تغربل الأفكار والمذاهب والأعراف والتقاليد التي سادت تاريخنا؛ فَقِدَمُها لا يعطيها حق البقاء! والاحترامُ للحق وحده!”([11]). ورأى أنه “لكي يكون انتماؤنا للإسلام واقعًا ملموسًا”، لابد من “غربلة التراث الإسلامي الذي آل إلينا في هذا العصر؛ لاستبقاء ما يوافق الكتاب والسنة، واستبعاد ما عداه. ونحن أصحاب وحي معصوم، وفي تاريخنا العلمي قم وأئمة؛ قد تختلف أفهامهم في الفروع الثانوية، ولكنهم لا يختلفون في الأصول والغايات”([12]). الثانية: علينا أن نرفض القراءة الداعية لتجاوز التراث جملةً، باسم (روح النص) أو (تغير الظروف)؛ لأن الثوابت- أي النصوص قطعية الثبوت والدلالة- لا يمكن المساس بها.. فالقراءة المتجاوزة “ما أسهل تطويق الإسلام بهذه الطريقة! وجَعْلَه اسمًا لا حقيقة له، أو جَعْلَه شكلاً لا موضوع له! وقد بدأ سماسرة الاستعمار تنفيذ الخطة، فسمعنا من يقول: إن الضرائب تغني عن الزكاة! ومن يقول: إن الصلاة والصيام يعطلان الإنتاج، فلا حرج من التنازل عنهما! ومن يقول: إنما حرم لحم الخنزير لقذارة مَراَعيه قديمًا وقد زالت الآن هذه العلة!… وهكذا تَنهَدُّ أركان الدين وتَضيع معالم الحلال والحرام باسم (روح النص) و(تغير الظروف)، ويُمنَع انتفاع الناس بالإسلام بل يُمنَع دخولها فيه! وينفسح المجال بعد ذلك للإلحاد أو للأديان الخرافية!”([13]). فبهذين الضابطين وغيرهما، نستطيع أن نميّز في تراثنا بين ما يجب التمسك به وعدم تجاوزه، وما يجوز تركه وعدم استصحابه عند التعامل مع المتغيرات والمستجدات.. سواء أدخَلْنا القرآنَ الكريم والسنة النبوية في مفهوم (التراث)، أم أخرجناهما منه. ([1]) المعجم الوسيط، مجمع اللغة العربية، ص: 1066، 1067.
([2]) مقاييس اللغة، ابن فارس، 6/ 105.
([3]) الجامع لأحكام القرآن، القرطبي، 20/ 53.
([4]) مدارك التنزيل وحقائق التأويل، النسفي، 3/ 641.
([5]) مصطلحات فكرية، سامي خشبة، ص: 66.
([6]) التراث والحداثة: دراسات ومناقشات، د. محمد عابد الجابري، ص: 30.
([7]) التراث والمعاصرة، د. أكرم ضياء العمري، ص: 27، 28، باختصار يسير.
([8]) راجع كتابات نصر حامد أبو زيد، ومحمد أركون، وأدونيس، وغيرهم.
([9]) نظرية التراث ودراسات عربية وإسلامية أخرى، د. فهمي جدعان، ص: 17.
([10]) قول في التجديد، د. حسن الشافعي، ص: 48.
([11]) “دستور الوحدة الثقافية بين المسلمين”، الغزالي، ص: 9، 10، دار الشروق، ط1، 1997م.
([12]) تراثنا الفكري في ميزان الشرع والعقل، الغزالي، ص: 38.
([13]) مائة سؤال عن الإسلام، الغزالي، 1/ 259.
ومادة “التراث” في اللغة تشير إلى ما يُورث عن الآباء من مال أو جاه([1]). و”الْوَاوُ وَالرَّاءُ وَالثَّاءُ: كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ، هِيَ الْوِرْثُ؛ وَالْمِيرَاثُ أَصْلُهُ الْوَاوُ؛ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ لِقَوْمٍ ثُمَّ يَصِيرَ إِلَى آخَرِينَ بِنَسَبٍ أَوْ سَبَبٍ”([2]). وقد وردت هذه الكلمة في القرآن الكريم بمعنى المال المَوْرُوث، في قوله تعالى: {وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلاً لَّمًّا} (الفجر: 19)؛ ” أَيْ مِيرَاثَ الْيَتَامَى. وَأَصْلُهُ الْوِرَاثُ مِنْ وَرِثْتُ، فَأَبْدَلُوا الْوَاوَ تَاءً”([3]). قال النسفي: {وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ} أي الميراث، {أَكْلاً لَّمًّا} ذا لَمّ؛ وهو الجمع بين الحلال والحرام. وكانوا لا يورّثون النساء ولا الصبيان ويأكلون تراثهم مع تراثهم([4]). و”التراث” بصفة عامة يمكن تعريفه من “زاويتين: تراث السلوك والعادات والقيم غير المكتوبة؛ وتراث الإبداعات الفكرية والفنية والأدبية، المكتوبة أو المسجلة والمرئية المحفوظة”([5]). أما “التراث الإسلامي” فيقصد به: “الجانب الفكري في الحضارة العربية الإسلامية: العقيدة، والشريعة، واللغة، والأدب، والفن، والكلام، والفلسفة، والتصوف”([6]). وهنا، نأتي للسؤال الذي نحن بصدده: هل القرآن الكريم والسنة النبوية داخلان في إطار هذا التراث ومضمونه، أم خارجان عنه غير مُدرَجَيْن فيه؟ وفي الإجابة عن ذلك، يمكن أن نلاحظ رأيين أساسيين يتفرعان إلى ثلاثة اتجاهات: ــ فالرأي الأول يذهب إلى أن (التراث الإسلامي) هو ما ورثناه عن آبائنا من عقيدة وثقافة وقيم وآداب وفنون وصناعات وسائر المنجزات الأخرى المعنوية والمادية؛ ومن ثم فهو يشتمل على الوحي الإلهي (القرآن والسنة). لكن أصحاب هذا الرأي ينقسمون إلى اتجاهين: اتجاه يفرِّق في النظرة والتعامل بين الوحي؛ فهو لا يقبل الانتقاء والاختيار منه ولا محاولة تطويعه للواقع.. وبين المنجزات البشرية الحضارية والثقافية؛ فهي قابلة للانتخاب والتوظيف وفق الرؤية المعاصرة وحسب الحاجة والمصلحة([7]). واتجاه آخر: يريد أن يعامل نصوص الوحي: قرآنًا وسنة، بمثل ما يعامل به النصوص التراثية الأخرى.. متأثرًا- أي هذا الاتجاه- بالتجربة الغربية في قراءتِها نصوصَها الدينية وتراثَها عمومًا.. غيرَ آخذٍ في الحسبان الفوارقَ المفصلية الأساسية بين مفاهيم الوحي والدين ومآلاتهما في التجربتين: الإسلامية والغربية([8]). ــ أما الرأي الثاني: فيذهب القائلون به إلى عدم دمج الوحي بالتراث، ويرونه مفارقًا له؛ لأن التراث في اعتقادهم “إنجاز إنساني خالص، أو مبدعات إنسانية يكون الإنسان فيها هو الصانع، وهو المورِّث للآتي بعده. بتعبير آخر: لا تراث إلا ما هو عرضي إنساني زماني، ولا مورِّث إلا ويكون عرضيًّا إنسانيًّا زمانيًّا. وهذا يعني أنه لا مدخلَ ذاتيًّا للأمور الإلهية في دائرة التراث”([9]). ولعلنا نلاحظ أن الخلاف بين الاتجاه الأول من الرأي الأول، وبين الرأي الثاني: ليس ذا بال؛ لأنهما يتفقان على أن منهج التعامل مع الوحي يختلف اختلافًا جذريًّا عن التعامل مع غيره، سواء أدخلنا القرآن والسنة تحت مظلة (التراث) أم أخرجناهما منها. أما الاتجاه الثاني من الرأي الأول- والذي يُدخِل القرآن والسنة في مفهوم التراث، دون تفرقة بين الوحي وما يجب له، وبين الإنجاز البشري وما يعتريه- فهذا رأي فيه من التعسف والبطلان ما فيه؛ لأنه “يحاول تطبيق قواعد تأويل الكتاب المقدس في التجربة الأوروبية- خصوصًا في فترة الحداثة وما بعد الحداثة- على التراث العربي الإسلامي، ومنه القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة. هذا ليس في الجامعات الغربية وبخاصة الأوروبية فحسب، ولكن لدى بعض المتأثرين بهذا التوجه لدينا، بل في العالم الإسلامي كله”([10]). إن القرآن الكريم والسنة النبوية وحي من الله تعالى- على اختلاف بينهما من حيث اللفظ والمعنى- ولا يمكن أن نعاملهما بمثل ما نعامل الفكر البشري.. بل لا بد أن نجعل هذا الفكر البشري محكومًا في قراءته ومنهجه بإطار الكتاب والسنة، وليس العكس.. وهنا نشير إلى نقطتين: الأولى: التفرقة بين مستويين من التراث: المستوى المعصوم المقدس، وهو القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة؛ والمستوى غير المعصوم وغير المقدس، وهو الفكر البشري المستمَد من القرآن والسنة.. وبينما ندعو إلى الاعتداد بالكتاب والسنة، ووضعهما في المرتبة الأولى، فإننا بحاجة إلى غربلة ما دار حولهما وما نتج عنهما من فكر واجتهاد. يقول الشيخ الغزالي: “المسلمون الآن عبء ثقيل على الإسلام، وهم لا يستحقون الحياة إلا إذا أنصفوا الوحي النازل بين ظهرانيهم، وخلصوه من تخليطهم وجهلهم المعيب قرنًا بعد قرن.. لا قداسة إلا للوحي الأعلى، ولا مكانة إلا للرجال الذين أحسنوا الفقه فيه والعمل به حيث أقامهم القدر. يجب أن تغربل الأفكار والمذاهب والأعراف والتقاليد التي سادت تاريخنا؛ فَقِدَمُها لا يعطيها حق البقاء! والاحترامُ للحق وحده!”([11]). ورأى أنه “لكي يكون انتماؤنا للإسلام واقعًا ملموسًا”، لابد من “غربلة التراث الإسلامي الذي آل إلينا في هذا العصر؛ لاستبقاء ما يوافق الكتاب والسنة، واستبعاد ما عداه. ونحن أصحاب وحي معصوم، وفي تاريخنا العلمي قم وأئمة؛ قد تختلف أفهامهم في الفروع الثانوية، ولكنهم لا يختلفون في الأصول والغايات”([12]). الثانية: علينا أن نرفض القراءة الداعية لتجاوز التراث جملةً، باسم (روح النص) أو (تغير الظروف)؛ لأن الثوابت- أي النصوص قطعية الثبوت والدلالة- لا يمكن المساس بها.. فالقراءة المتجاوزة “ما أسهل تطويق الإسلام بهذه الطريقة! وجَعْلَه اسمًا لا حقيقة له، أو جَعْلَه شكلاً لا موضوع له! وقد بدأ سماسرة الاستعمار تنفيذ الخطة، فسمعنا من يقول: إن الضرائب تغني عن الزكاة! ومن يقول: إن الصلاة والصيام يعطلان الإنتاج، فلا حرج من التنازل عنهما! ومن يقول: إنما حرم لحم الخنزير لقذارة مَراَعيه قديمًا وقد زالت الآن هذه العلة!… وهكذا تَنهَدُّ أركان الدين وتَضيع معالم الحلال والحرام باسم (روح النص) و(تغير الظروف)، ويُمنَع انتفاع الناس بالإسلام بل يُمنَع دخولها فيه! وينفسح المجال بعد ذلك للإلحاد أو للأديان الخرافية!”([13]). فبهذين الضابطين وغيرهما، نستطيع أن نميّز في تراثنا بين ما يجب التمسك به وعدم تجاوزه، وما يجوز تركه وعدم استصحابه عند التعامل مع المتغيرات والمستجدات.. سواء أدخَلْنا القرآنَ الكريم والسنة النبوية في مفهوم (التراث)، أم أخرجناهما منه. ([1]) المعجم الوسيط، مجمع اللغة العربية، ص: 1066، 1067.
([2]) مقاييس اللغة، ابن فارس، 6/ 105.
([3]) الجامع لأحكام القرآن، القرطبي، 20/ 53.
([4]) مدارك التنزيل وحقائق التأويل، النسفي، 3/ 641.
([5]) مصطلحات فكرية، سامي خشبة، ص: 66.
([6]) التراث والحداثة: دراسات ومناقشات، د. محمد عابد الجابري، ص: 30.
([7]) التراث والمعاصرة، د. أكرم ضياء العمري، ص: 27، 28، باختصار يسير.
([8]) راجع كتابات نصر حامد أبو زيد، ومحمد أركون، وأدونيس، وغيرهم.
([9]) نظرية التراث ودراسات عربية وإسلامية أخرى، د. فهمي جدعان، ص: 17.
([10]) قول في التجديد، د. حسن الشافعي، ص: 48.
([11]) “دستور الوحدة الثقافية بين المسلمين”، الغزالي، ص: 9، 10، دار الشروق، ط1، 1997م.
([12]) تراثنا الفكري في ميزان الشرع والعقل، الغزالي، ص: 38.
([13]) مائة سؤال عن الإسلام، الغزالي، 1/ 259.
مدار الساعة ـ نشر في 2020/02/21 الساعة 10:13