أهتفت إلي؟

مدار الساعة ـ نشر في 2020/02/19 الساعة 19:59
"وأنتظر الصوت .. صوتك يهمي عليّ دفيئاً.. مليئاً.. قويّ .. آصوت نبيّ.. آصوت ارتطام النجوم ، آصوت سقوط الحلي وأبكي .. وأبكي .. لأنك فكرت فيّ .. لأنك من شرفات الغيوب .. هتفت إليّ .." كانت تقرأ في ديوان نزار هذه الأبيات فانتابها شعورٌ خفيّ بالأسى و تسائلت هل حقاً هتفَ إليّ! لم تعي تماماً حجم حرقتها إلا عندما اصطفت الكلمات في إطار أدبي مُنسق، و لم تستوعب أبداً كم أن داخلها مشوه إلا عندما قرأت" و أبكي.. وأبكي.. لأنك فكرت فيّ" فانساب الدمع يحفر على وجنتيها علامات كالوسم لا تزول! اجتاح خاطرها و هي جالسة على المقعد الخشبي وفي يديها الديوان وقد أمطرت اللحظات من حولها هل حقاً هتفَ إليّ! أم أن هذا المطر قد حرك في داخلها ما يتوجب عليه أن يقف! لم تستطع أن تقرر هل هي كاذبة الآن أم في قمة الصدق! و لم تجزم فيما إذا كان هذا الشعور قد حركته الأبيات أم أنه لم يتوقف أبداً! و قرأت من جديد " و أبكي.. و أبكي.. لأنك فكرت فيّ" و انتحبت بالبكاء و اهتز المقعد و عزفت السماء لحنها المعتاد و لكنها لم تقرر بعد أهي كاذبة أم لا؟ تذكر أنه في يومٍ ممطرٍ كهذا تصالحا، و احتضنت صوته عن قرب وهي تقف أمامه و قد خطت له رسالة كتبت فيها بكل رضى (آسف) بكل اللغات على خطأ لا تذكر حتى أنها ارتكبته أم لم تفعل! و لكنها تعي تماماً أنها لم تفعل وتتغاضى! وتعاود القراءة "و أنتظر الصوت.. صوتك يهمي عليّ.. دفيئاً.. مليئاً.. قويّ" و تبكي من جديد و تتسائل هل حقاً هتفَ إليّ! لكنه لم يهتف إليها، و لم تسمع صوته الغائر في ذاكرتها منذ زمن، ولم يفكر في أي ذرة من ذرات حبها المتآكل، و إنها موقنةٌ الآن أن هذه الأبيات سيدة الحزن و الذكريات و الحنين و الجوع للشعور، و أن هذا الذي في داخلها كان متوقفاً و لكن حبها للكلمات جعلها تشتعل، و أنه لم يكن في هذه الجلسة شيء حقيقي سوا دموعها و المطر، و ديوان نزار الذي رُمي في المهملات.
  • جلسة
مدار الساعة ـ نشر في 2020/02/19 الساعة 19:59