ورقة الكيماوي ومستقبل الأسد
عملياً دخلت سوريا بأزمتها منعطفاً جديداً، أزمة باتت مفتوحة على كل الاحتمالات والتوقعات، والمهم وحدة الأراضي السورية، ويبدو أن المجمع العسكري بالولايات المتحدة نجح في التأثير على قرارات الرئيس دونالد ترامب. فهناك خلف كواليس الإدانة واللقاءات والاجتماعات في مجلس الأمن قوة تأثير مخفية لقوى الضغط الداخلي الأميركي التي تصوغ القرارات وتتبناها.
وليس عند الرئيس بشار الأسد اليوم إلا الاستجابة بأي شكل لتحدي القصف الأمريكي، وكانت غلطته الكبيرة الضرب بسلاح كيماوي في خان شيخون، هنا سوف تتوقف العقلية الروسية عند سؤال الكسب من دعمه أو التخلي بصفقة.
لكن ضربة ترامب ليست مباشرة للأسد، بقدر ما هي صفعة لإيران وروسيا، اللتين عليهما اليوم التفكير من جديد بصيغة مخرج يحفظ لهما ما بذلاه في الأراضي السورية من جهد، يبدو أنه سيكون عرضة للتلاشي.
قبيل الذهاب مجدداً لجنيف، تحزم أمريكا موقفها الصارم، ولا تريد الأسد على رأس دولة تضرب سكانها بالكيماوي، وغلطه الأسد أن لم يدرك بأن شبح الكيماوي أضعف العراق وكان سبباً في تدميره ولو بعد سنوات.
الأسد اليوم مضطر للتعامل بشكل مختلف مع واقعية سياسية دولية جديدة غير التي كانت موجودة أيام أوباما، فالتفويض الأمريكي لروسيا في سوريا بات منتهياً، ثمة رؤى جديدة ورؤوس حرب في الإدارة في واشنطن يريدون استعادة عظمة الولايات المتحدة.
بعد 76 يوما على تولي ترامب الرئاسة ها هو يقصف قاعدة جوية للأسد هي قاعدة الشعيرية بأكثر من خمسين صاروخ كروز، والقصف تم بعد إبلاغ الروس، وفيه تأكيد على طول اليد الامريكية وقدرتها على المباشرة في القصف لتحقيق هدف أساسي بات متبنى في واشنطن يقضي بضرب كل القواعد الجوية للأسد. بالمعنى العسكري، إضعاف التفوق الجوي للنظام السوري الذي يمكنه من قضم المناطق التي تسيطرعليها مجمل المعارضات السورية والفصائل العسكرية.
القصف الأمريكي دمر نحو 20 طائرة سورية من أصل 225 يملكها النظام السوري، ولا يبدو أن التصعيد الأمريكي سيكون مستمراً، بقدر ما هو جس نبض لسياسات الأسد وحلفائه في الرد على الإجراء الأمريكي الذي لقي ترحيبا من أوروبا الغاضبة والموجعة بموجات الهجرة السورية والإرهاب.
باختصار ورقة الكيماوي السوري أعطت مبرراً لانتفاضة أمريكا التي تريد المشاركة بفاعلية في إنهاء الصراع السوري والبدء بمرحلة البناء، فالشركات الأمريكية تبحث عن حصتها أيضا ولا يمكن ترك الغنائم فقط لروسيا وتركيا وإيران.
الدستور