موجات اللجوء..قبل فوات الأوان

مدار الساعة ـ نشر في 2017/04/09 الساعة 00:25
استعرضت في المقال السابق الجزء الخاص بمشكلة اللجوء من الحوار الذي دار بين أعضاء جماعة عمان لحوارات المستقبل وعضو البرلمان الإيطالي الإعلامي والمفكر إنسوا كارا, ومما تناولته في ذلك المقال تأثير تشارك أبنائنا في مدارسهم مع أبناء اللاجئين في مجتمع رفاق واحد على منظومة القيم والأخلاق,وهي قضية تصلح كمدخل للحديث عن تأثير موجات اللجوء المتلاحقة على مجمل منظومة القيم والأخلاق في بلدنا, ومن ثم على البنية والسلوك الاجتماعيين للمجتمع الأردني, الذي كان يصنف على أنه مجتمع محافظ ومتماسك, وهو التصنيف الذي صار محل نقاش على ضوء التغيرات التي دخلت على السلوك والبنية الاجتماعيين لمجتمعنا, والتي لا شك أن لموجة اللجوء أثراً كبيراً في إدخالها. فهل أجرينا في بلدنا دراسة علمية حقيقية عن حجم تأثير موجات اللجوء المتلاحقة على منظومة القيم والأخلاق والذي صرنا نلمسه في بلدنا, ومنه على سبيل المثال تنامي عدد النوادي الليلية ومعها تنامي ظاهرة بنات الليل في شوارع بلدنا؟ ومعها تنامي ظاهرة الفتوة « بودي جارد»؟ ومنها الخروج إلى الشارع بالشورت وبملابس النوم من الجنسين, وهي ممارسة لم تكن مألوفة في بلدنا, ومنها الجلوس على حواف الطرق والشوارع الرئيسية لشرب الأرجيلة وتوابعهاومنها عدم معرفة الجار لجاره, ومن ثم اختفاء العلاقات الإنسانية الحميمة التي كانت تربط الأردنيين ببعضهم, بالإضافة إلى الكثير الكثير من الممارسات السلبية التي كانت مستهجنة في بلدنا ثم صارت مألوفة عند شرائح متزايدة وتمارسها جهاراُ نهاراً.

يقودنا الحديث عن منظومة القيم والأخلاق, للحديث عن السجل الجرمي للكثير من اللاجئين الذين جاءوا إلينا عبر موجات اللجوء المتلاحقة, ومن بين هؤلاء مجرمون كانوا سجناء أو مطلوبين في بلدانهم, فهل أجرينا دراسة علمية وأمنية لهؤلاء, ومن ثم لعلاقة موجات اللجوء بارتفاع نسبة الجريمة على أنواعها في المجتمع الأردني, خاصة في مجال توزيع وتعاطي المخدرات, وظهور العديد من الجرائم التي لم تكن معروفة في بلدنا مثل سرقة حقائب السيدات. ومثل استخدام النساء كجزء من عصابات السرقة والسطو وصولاً إلى وجود العصابات الإجرامية المنظمة؟.

يقودنا السؤال عن السجل الجرمي للاجئين, إلى سؤال أخطر, عن احتمال وجود خلايا تخريبية نائمة بين جموع اللاجئين, علماً بأن نسبة عالية منهم جاءتنا من بلدان لا يكن أصحاب القرار فيها وداً لبلدنا, وثم فان من مصلحتهم العبث بأمنه واستقراره, من خلال هذه الخلايا النائمة, التي لا يجوز أن تغيب عن بالنا احتمالية تسريبها مع موجات اللجوء المتلاحقة؟

السؤال عن احتمالية وجود خلايا تخريبية نائمة بين موجات اللجوء, يقودنا إلى سؤال آخر خطير, يتمثل في تطاول بعض اللاجئين على الأردنيين, ففي كل بلدان الدنيا يحرص الضيف على احترام قوانين هذه البلدان, وعلى احترام أهلها, لأن أقل مخالفة للقوانين وأدنى اعتداء على المواطن عقوبتها الترحيل الفوري, إلا في الاردن فإنك ترى الكثيرين من اللاجئين يخالفون القانون جهاراً نهاراً, بل إن بعض المحسوبين على موجات اللجوء يمارسون تطاولاً واستعلاءً وعنصرية على الأردنيين, فبعد أن تحولت نسبة منهم إلى ملاك وأصحاب أعمال, فإنهم يرفضون التعاطي مع الأردنيين في مجالهم, مثلما يحرمون الاردنيين من فرص العمل لديهم, فهل هذا السلوك المستهجن جزء من خطة لاستفزاز الأردنيين, وجرهم إلى مواجهة مع هؤلاء ليكون ذلك مدخلاً للعبث بأمن استقرار بلدنا؟ سؤال يجب أن لا يغيب عن البال. مثلما لا يجوز أن يغيب عن بالنا أن الدول الأخرى المضيفة للاجئين تحرمهم من العمل إلا بمهن محددة, بخلاف ما يجري في بلدنا حيث ترك الحبل على الغارب في سوق العمل لغير الأردنيين. والسؤال الذي يطرح نفسه الآن, تعقيباً على ما قاله الضيف الإيطالي, من أن الأردن يتعامل مع حقوقه في قضية اللاجئين بالكثير من الخجل هو: متى ستتخلص حكوماتنا من طريقة تعاملها مع المجتمع الدولي, عندما تناقش قضايا ذات علاقة بأمن الأردن واستقراره, وحق أبنائه بالرفاه. فقد صار معروف أننا كثيراً ما نضحي بحقوق الأردنيين مقابل رسم صورة زاهية لحكومتنا في الخارج, لذلك لم نحسن الدفاع عن حقوقنا في مساندة المجتمع الدولي لنا في تحمل أعباء اللجوء إلى بلدنا. فإلى متى سيظل الأردنيون يدفعون ثمن خجل حكوماتهم؟

سؤال الثاني يطرح نفسه, على ضوء حديث الضيف الإيطالي عن مخاوف ستين مليون إيطالي, من تأثير عشرة الآف لاجىء عليهم, وعلى أوضاع بلادهم, والذي يجعلنا ندق جرس الخطر عن تأثير ملايين اللاجئين على أقل من ثمانية ملايين أردني, وعلاقتهم بدولتهم هو هل ننتبه ونتصدى لعلاج الأمر قبل فوات الأوان.

الرأي
مدار الساعة ـ نشر في 2017/04/09 الساعة 00:25