ودائع بالمليارات لأردنيين في بنوك أوروبية

مدار الساعة ـ نشر في 2020/02/08 الساعة 23:56

في الوقت الذي أتت الجائحة غالبية الأردنيين المقهورين بوجع الفقر والحاجة والعوز والعيشة الضنكى التي يمارسون خلالها أقصى حالات التقشف المعيشي، تخرج علينا التقديرات البنكية لحاصل الوفرة المالية من الودائع الشخصية المكدّسة في البنوك التجارية لأصحاب الملايين، وآخرها الإعلان عن رقم جارح يزيد على 35 مليار دينار ونصف ودائع مالية لدى البنوك الأردنية يتضح أن أكثر من خمس وتسعين منها أموالاً شخصية، وبغض النظر عن أصحاب الودائع المتواضعة بالآلاف أو مئاتها فإن هناك من يتملكون مئات الملايين ويسجل لهم أنهم يستثمرونها بطريقة أو أخرى داخل أرض الدولة، ولكن ماذا عن الذين يرسلون ملايينهم إلى بنوك أجنبية لا تفيد الوطن بشيء؟.

المعلومات شبه المؤكدة أن هناك أسماء وازنة من الأردنيين ومن طبقة «الكريما» هم من المودعين لعشرات الملايين ومئات الملايين أيضاً في بنوك أوروبية، وباستثناء البنوك السويسرية التي تسمح بإعادة تصدير الودائع الشخصية للخارج، فإن بلداً كالمملكة المتحدة لا تسمح بإخراج الأموال إلا بإجراءات معقدة، وهناك بنك شهير يتسابق الأثرياء العرب للاستثمار فيه أو لنقل الإيداع فيه، خصوصاً من الأردنيين والأِشقاء من بلاد الشام المستقلة والمحتلة، وكلها بلاد فقر وقهر، فيما نسب الضريبة هناك مرتفعة والفوائد أيضاً، فلماذا يضع أولئك الأشخاص أموالهم في بلاد غريبة يعلمون أن هناك قوانين قد تحرمهم منها أو من الجزء الأكبر عند الوفاة؟.

ذلك سؤال غبي، ولكن الإجابة الذكية هي أن في حالة وفاة المودع السرّي تذهب أمواله لصالح خزينة الدولة، وكثير منهم تكون مليكاتهم فردية، حيث لا زوجة ولا أبناء يتشاركون في الحساب البنكي، وتقدر الودائع البنكية لجماعتنا والأشقاء بمليارات الدولارات والباوندات، فيما يحرمون بلادهم من الاستثمارات التي تحقق تشغيل عشرات الآلاف من الشباب المتعطل عن العمل، بل إن منهم من قضى نحبه صامداً على خطوط المال هناك ولم يعلم ورثته كم كان يملك أو لم يستطيعوا الحصول على حقوقهم الملغاة أصلاً حسب النظام الغربي.

الأموال المودعة في البنوك الأردنية خاضعة لقانون السرية، ولا يطالب أصحاب المال بدفع ضريبة عليها ما دامت لا تتحرك في سوق العمل، وهذا ما جعل الكثير من الناس يحترفون لعبة الربا القاتلة والتي تسمى بعلم المصرفية فوائد على الودائع وبأقل الخسائر، وهذا أحد أسباب اضطراب السوق الأردني والأزمة المالية المتعثرة والتي لا تحقق أي تقدم متوقع أو مساعدة لأبناء البطالة التي قفزت عن حاجز العشرين بالمئة.

أحد أغنياء العرب مات قبل سنتين وفي رقبته مئتا مليار دولار، ولم يكن يعرفه الكثير من الناس، فدفن في التراب ولم يأخذ معه دولاراً واحداً، وهذا ما سيجري لكل أمناء مخازن المال الذين لا يشبعون سوى من تراب الأرض قريباً.

يجب ملاحقة ودائع الأردنيين خارج البلاد وفرض ضريبة عليها أو أن يعيدوها ليدعموا بلدنا بكل مروءة لم نعد نراها.

الرأي

 

مدار الساعة ـ نشر في 2020/02/08 الساعة 23:56