رِحْلَةُ حَيَاةُ اَلإِنْسَانِ قَصَيْرَةٌ مَهْمَا طَالَت

مدار الساعة ـ نشر في 2020/02/06 الساعة 08:52
خلق الله الناس جميعاً من نفسٍ واحدة وهي نفس آدم عليه السلام وخلق زوجه من نفسه ليسكن إليها وسنَّ الله الزواج بينهما للتكاثر فيما بعد. ولكن أساس خلق آدم عليه السلام من تراب من حمأٍ مسنون (إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ (آل عمران: 59))، (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ (الحجر: 26)). وخلق الله الجن من نار السموم (وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ مِن نَّارِ السَّمُومِ (الحجر: 27)). وبعد أن سن الله الزواج بين آدم وزوجه جعل نسلهما من ماء مهين (ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاءٍ مَّهِينٍ (السجدة: 8)). ثم أوضح الله لنا كيفية خلق الإنسان في رحم الأنثى (ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ، ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (المؤمنون: 13 و 14)). ومنذ أن بلغ الجنين في رحم أمه مائة وعشرون يوماً حدد الله عمره ورزقه وسعيد أو شقي. وكذلك حدد عمر لكل مخلوق من مخلوقاته، ومهما بلغ عمر أي مخلوق من مخلوقاته لا بد أن يتوفاه الله ويعود من حيث خلق الله آدم عليه السلام إلى التراب. فالأمر المفروغ منه أن كل إنسان عندما ينتهي عمره سوف يعود إلى الله (وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (البقرة: 281)). أعمار الناس تتفاوت فيما بينهم فمنهم من يتوفاه الله وهو جنين في رحم أمه أو وهو طفل أو في مقتبل العمر أو في ريعان شبابه أو عندما يصبح شيخاً، وقد تم توضيح ذلك في الآية (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّىٰ مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (غافر: 67)). وبما أن عمر الإنسان مهما طال قصير ولا يعلم أي إنسان متى ينتهي عمره ويتوفاه الله فعليه أن لا يقول نحن الآن صغاراً في السن ودعونا نلهو ونلعب ونتمتع في حياتنا وشبابنا وعندما نصبح كباراً في السن سوف نصلي ونزكي ونحج بيت الله ونعمل صالحاً. فهل تعلم أيها الإنسان أن الله كتب لك العمر الطويل وستصبح شيخاً؟. ألم يقل الله في كتابه العزيز (وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ، وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (المنافقون: 10 و 11)). ولا تكونوا مثل الذين قال فيهم الله (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا، الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا، ولَٰئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا (الكهف: 103 – 105)). وكذلك الدواب والطيور وغيرها من مخلوقات الله هي أمم أمثالنا وسوف يتوفاهم الله ويحشرون يوم القيامة ليحاسبون كما يحاسب الناس أجمعين (وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ (الأنعام: 38)). فلنستغل كل ثانية ودقيقة وساعة من أعمارنا في تطبيق أوامر الله والإبتعاد عن نواهيه ونعمل الخيرات لنعود إلى الله ونحن واثقين بأنه راضٍ عنَّا وسيرحمنا برحمته ويدخلنا جنات النعيم ولا نكون من الأخسرين أعمالاً. *كلية تكنولوجيا المعلومات وعلوم الحاسوب، جامعة اليرموك.
مدار الساعة ـ نشر في 2020/02/06 الساعة 08:52