خان شيخون..التوقيت والهدف

مدار الساعة ـ نشر في 2017/04/08 الساعة 10:42

بعيدا عن الانفعالات العاطفية، والوقوف إما في صف المؤيدين او الرافضين لـ"طبخة" خان شيخون، علينا حسم الأمر بالإجابة على سؤال محدد هو :لماذا جرى القصف بغاز السارين في الوقت الذي قالت فيه واشنطن إنها مع بقاء الأسد في السلطة؟

قبل الإجابة عن هذا السؤال يتوجب التأكيد على أن عملية إطلاق الغاز على المواطنين في خان شيخون هو عمل مجنون بكل المقاييس بغض النظر عمن إرتكب الجرم، علما أن الهدف السياسي يستهلك ما هو أكثر إجراما من ذلك.

وقبل الغوص في التفاصيل لا بد من تثبيت النقاط التالية تمهيدا للنقاش التحليلي حول ما جرى وما سيتبعه من أحداث فاصلة.

الحقيقة الأولى هي أن الضربة الأميركية لم تأت كابنة اللحظة، بل كانت مبيته وقد أطلع الرئيس الأمريكي ترامب الكثيرين من حلفائه عليها قبل حصولها، ويقيني أنه أطلع الرئيس الروسي بوتين عليها بدليل أن طائرات المطار جرى إخلاؤها حسب ما رشح ، والدليل الآخر هو: هل يعقل أن تؤدي 59 صاروخ توماهوك إلى إصابة 6 جنود سوريين فقط؟

السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو :هل بدأ العد التنازلي لإإجتياح سوريا من الجنوب كما أشيع منذ فترة أن ذلك سيتم في شهر نيسان 2017؟ وهذا يقودنا إلى التركيز على توقيت جريمة خان شيخون وتداعياتها وفي حال وفقنا في الوصول إلى قناعات أكيدة نكون قد أصبنا الهدف فعلا، لذلك أقول إن من يريد معرفة الحقيقة عليه أن يدقق في التوقيت والتداعيات.

أجزم أن الرئيس ترامب قام بالتنسيق مع الرئيس بوتين قبل توجيه ضربات التوماهوك الفالسو للمطار في محافظة حمص ،ولدي أكثر من جانب للإرتكاز عليه لإثبات الحقيقة مثل ذر الرماد في العيون حول التحالف القائم ما بين ترامب وبوتين، ولحرف بوصلة المحققين الأمريكيين الذي ينهمكون في التحقيق بهذه القضية من أجل الوصول إلى الحقيقة، وربما نشهد مستقبلا فضيحة حول هذا الموضوع تؤدي إلى الإطاحة بالرئيس ترامب، كما جرى مع الرئيس نيكسون.

ولا ننسى أن تدخل موسكو العسكري في سوريا ما كان ليتم لولا موافقة واشنطن آنذاك،ولذلك فإن ضربة التوماهوك ما كانت لتتم لولا موافقة موسكو ،لأمر في نفس يعقوب ،حيث أن سوريا كانت ضمن الحديقة الأمريكية قبل التدخل الروسي ،وأصبحت بعده تحت الحكم الروسي ،وإن كنا نسمع في الأخبار أن فيها رئيسا اسمه بشار.

هناك من يقول أن الأمور تسير باتجاه إعادة الأمور إلى ما كانت عليه وفق منظومة مناطق الصراع وأسلوب إدارة الصراع ،بمعنى أن أمريكا تريد ضمان الوضع بالنسبة لمستدمرة إسرائيل الخزرية الصهيونية، وتحجيم دور إيران وروسيا، مع أنني لا اتفق مع هذا الطرح ولكن لا بد من الإتيان عليه للأمانة التحليلية.

الغريب في الأمر أن الضربة الأمريكية كانت في حمص، وليس في دمشق قلب الأسد، وهذا بدوره مدعاة قوية للتشكيك بالنوايا الأمريكية، وأن تدخلها لم يكن من أجل الشعب السوري الذي إستمر نزفه لأكثر من ست سنوات ولا من مجيب.

سؤال آخر يضرب بقوة: لماذا لم ترد القوات الروسية التي تحتل سوريا على الصواريخ الأمريكية، ويصعب القول إن رادراتها لم تكتشف تلك الهجمة الصاروخية التي إستمرت لفترة ليست وجيزة، وما يؤكد القول بأن تنسيقا مشتركا قد حدث هو تصريح البنتاغون بأن واشنطن أبلغت موسكو بالضربة.

أمور كثيرة ينبغي التركيز عليها وإخضاعها للتحليل وفي مقدمتها التركيز على ضحايا غاز السارين بحيث أصبح الخبر موحدا عالميا، علما أن الصحف الأمريكية كانت ترفض نشر جرائم الجيش الإسرائيلي إبان العدوانات المتكررة على غزة ،ولولا أن شباب غزة أمطروا الرأي العام العالمي بصور جرائم الجيش الإسرائيلي من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، لما علم احد بما جرى ،وقد رضخ رؤساء تحرير كبريات الصحف الأمريكية للنشر وإن بصورة موجزة بعد أن أصبحت الصورة بين أيدي الجميع.

عموما فإن عملية قصف غاز السارين عملية مجنونة مشكوك فيها والهدف من ورائها تحول مدروس في موقف ترامب الذي شدد على شعار:امريكا اولا ،وانه لا حروب في أراضي الغير ،كما أن هجمة التوماهوك مفتاح للإجتياح المتوقع لسوريا لحسم الأمور بالتقسيم.

وفي النهاية نسأل من سيتكفل بفاتورة الـ59 صاروخ توماهوك الأمريكية التي لم تصب سوى 6 جنود تابعين للنظام السوري؟ وأجزم أن ترامب قبض الثمن مبكرا ولم ينتظر حتى ينفذ الهجوم الفاشل.

مدار الساعة ـ نشر في 2017/04/08 الساعة 10:42