الغضب يعم فلسطين المحتلة رفضا لـ “صفقة القرن”

مدار الساعة ـ نشر في 2020/01/30 الساعة 08:04

مدار الساعة - عم الغضب الفلسطيني أرجاء فلسطين المحتلة، أمس، للتنديد بالخطة الأميركية للسلام المعروفة باسم “صفقة القرن”، ولتأكيد التمسك بالثوابت الوطنية، وذلك على وقع الإعلان الإسرائيلي عن ضم الأغوار وشمال البحر الميت والمستوطنات بالضفة الغربية مطلع الأسبوع المقبل.
وتواصلت ردود الفعل الفلسطينية الغاضبة من خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للسلام، بوصفها تهدف إلى “تصفية القضية الفلسطينية وتدمير عملية السلام”، وفق الفصائل الوطنية الفلسطينية التي “ستجتمع في قطاع غزة الأسبوع المقبل لبحث آليات مواجهة صفقة القرن”، وفق الرئاسة الفلسطينية.
ودعا رئيس المجلس الوطني الفلسطيني، سليم الزعنون، إلى اجتماع عاجل لأعضاء المجلس في عمان، اليوم الخميس، لتدارس خطورة المرحلة المراهنة والسبل الكفيلة بمواجهة تحدياتها.
جاء ذلك في ظل إصابة عشرات المواطنين الفلسطينيين، ومنهم طلبة المدارس، بالأعيرة النارية والمطاطية وقنابل الغاز المسيل للدموع الذي طال العديد منهم بحالات اختناق شديدة، والتي أطلقتها قوات الاحتلال خلال قمعها للمسيرات والتظاهرات الاحتجاجية الفلسطينية المنددة بـ”صفقة القرن”.
واندلعت المواجهات العنيفة بين الشبان الفلسطينيين وقوات الاحتلال في أنحاء مختلفة من الأراضي المحتلة، مما أسفر عن وقوع الإصابات، ومنها بالرصاص الحي، والاعتقالات ضمن صفوف المواطنين، طبقا لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني.
وأطلقت قوات الاحتلال قنابل الغاز المسيل للدموع ضد مسيرة سلمية، شارك فيها طلبة المدارس، في مخيم العروب شمالي الخليل، للتنديد بالصفقة الأميركية المنحازة للاحتلال، ما أدى لإصابة عشرات الفلسطينيين بحالات اختناق شديدة.
وعززت قوات الاحتلال من إجراءاتها الأمنية القمعية عند مدخل المخيم، الذي أغلقته بمكعبات اسمنتية، وقيدت حركة المواطنين.
كما اندلعت المواجهات بين الشبان الفلسطينيين وقوات الاحتلال قرب جامعة القدس، ببلدة أبو ديس، حيث أطلق جنود الاحتلال قنابل الغاز والعيارات المطاطية تجاه المواطنين والطلبة، وأغلقوا الشارع الرئيس قرب الجامعة وكثفوا من إجراءاتهم الأمنية فيها.
وبالمثل؛ اندلعت المواجهات بين الفلسطينيين وجيش الاحتلال في منطقة “جبل الطويل” بمدينة البيرة، مما “أسفر عن إصابة مواطن فلسطيني بالرصاص الحي، إثر تعرضه لإطلاق نار من قبل مستوطن إسرائيلي في بلدة “ييت سيرا” غربي رام الله”، وفق وزارة الصحة الفلسطينية.
وانطلقت في مدينة طولكرم مسيرة جماهيرية حاشدة، دعت إليها فصائل العمل الوطني، من أمام ميدان “الشهيد ثابت ثابت”، رفضا لصفقة القرن الأميركية، بمشاركة كافة فعاليات المحافظة من مؤسسات رسمية وشعبية، وطلبة المدارس والجامعات، والأطر النسوية.
ورفع المشاركون العلم الفلسطيني، واليافطات والشعارات الرافضة والمنددة بالصفقة الهادفة إلى تصفية قضيتنا الفلسطينية، أسوة بالمسيرة الجماهيرية الحاشدة التي انطلقت في كل من قلقيلية وبيت لحم، للتنديد بـ”صفقة القرن”، وبجرائم الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني.
وجابت المسيرة شوارع المدينة الرئيسة وصولا الى ميدان الشهيد “أبو علي إياد”، حيث ردد المشاركون خلالها، الهتافات الرافضة لخطة ترامب.
كما أصيب العديد من المواطنين الفلسطينيين بالاختناق بالغاز المسيل للدموع، خلال الفعاليات والمسيرات الشعبية التي انطلقت في منطقة الأغوار لتأكيد رفضهم للخطة الأميركية للسلام.
وتوجه المواطنون صوب حاجز “تياسير” العسكري الإسرائيلي، مرورا للأغوار الشمالية، حيث أطلق عليهم جنود الاحتلال وابلا من الغاز المسيل للدموع، مما تسبب في اندلاع المواجهات التي أوقعت الإصابات بالاختناق الشديد.
وشددت قوات الاحتلال من إجراءاتها العسكرية في المنطقة، ونصبت العديد من الحواجز الطيّارة ضمنها، لمنع وصول المواطنين من مختلف المحافظات إلى هناك ضمن حملة “حماية الأغوار”، عقب الإعلان عن ضمها في بنود ما يسمى صفقة القرن.
فيما عم الاضراب الشامل قطاع غزة وضمن مختلف القطاعات الحياتية، بإستثناء المؤسسات الصحية، وسط رفع الأعلام السوداء تعبيراً عن حالة الغضب الشعبي ضدّ صفقة القرن، وذلك تلبية لدعوة القوى الوطنية والاسلامية في القطاع، “لتوجيه رسائل واضحة للعدو الصهيو أميركي أن هذه الصفقة المشؤومة لن تمر، وسيقاومها الشعب الفلسطيني بكل الأشكال والأساليب حتى يسقطها”، وفق بيان صادر عنها.
وأكدت اللجنة استمرار الفعاليات والأنشطة وحالة الاشتباك المفتوح مع الاحتلال من أجل إسقاط الصفقة، معتبرة أن “الإعلان الأميركي عن صفقة القرن يمثل حلقة جديدة من حلقات المخططات الأميركية الهادفة إلى تصفية القضية الفلسطينية”.
كما نظم الطلبة الفلسطينيون في الأراضي الفلسطينية المحتلة العام 1948 وقفات احتجاجية ضد صفقة القرن، بوصفهم “جزءاً لا يتجزأ من نضال الشعب الفلسطيني في جميع أماكن تواجده، ضد الاستعمار بجميع أشكاله، إذ لطالما كانت الحركة الطلابية عماد الفعل الثوري الفلسطيني، ضد كافة المشاريع الاستعمارية التصفوية”، بحسبها.
على صعيد متصل؛ دعا رئيس المجلس الوطني الفلسطيني، سليم الزعنون، أعضاء المجلس المتواجدين في الأردن؛ لعقد اجتماع طارئ اليوم في مقر رئاسة المجلس بعمّان، للرد على مؤامرة القرن الأميركية الإسرائيلية لتصفية القضية الفلسطينية، والتي أعلنها الرئيس ترامب في البيت الأبيض.
ودعا “الأمتين العربية والإسلامية لاتخاذ الخطوات اللازمة لدعم حقوق الشعب الفلسطيني، والتصدي لتلك المؤامرة التي تستهدف القدس والمقدسات فيها، مثلما تستهدف حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وعودته، وإقامة دولته المستقلة، وعاصمتها القدس”.
فيما قال الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، إن “الموقف الفلسطيني الموحد خلف سياسة الرئيس عباس الرافض لصفقة القرن، بمثابة رسالة للجانبين الإسرائيلي والأميركي بأن الشعب الفلسطيني موحد خلف قيادته لإسقاط الصفقة التي لن تمر، وستفشل كما فشلت كل المؤامرات السابقة”.
وأضاف، في تصريح له، إن “هناك اجتماعا موسعا للفصائل الفلسطينية في غزة الأسبوع المقبل لتمتين الوحدة الوطنية ومواجهة الصفقة الأميركية– الإسرائيلية”.
وأشار أبو ردينة، إلى أن “التحرك الفلسطيني سيكون باتجاه الجامعة العربية وقمة عدم الإنحياز ومنظمة المؤتمر الإسلامي ومجلس الأمن الدولي، وفق جدول زمني محدد لمواجهة صفقة القرن، ووضع الجميع عند مسؤولياتهم، تزامناً مع حراك شعبي ميداني”.
وقال إن “الرئيس عباس يتلقى اتصالات هاتفية من الزعماء العرب ومن الاتحاد الأوروبي، تؤكد دعم الموقف الفلسطيني”، معلنا التثمين الفلسطيني “لمواقف الدول الرافضة للصفقة، والداعمة لحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، وصولا لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها الأبدية القدس المحتلة وفق حدود العام 1967”.
من جانبه؛ قال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، صائب عريقات، إن الخطة التي قدمها ترامب ليست له، حيث “عرضت على الجانب الفلسطيني العام 2011 من قبل الإسرائيليين”، مشددا على أن الخطة، تصفية للمشروع الوطني الفلسطيني.
وأكد أن المصالحة الفلسطينية ستتم، لافتا إلى أن السلطة الفلسطينية، لن تغادر مربعات الشرعية الدولية، وحل الدولتين على حدود 1967.
بدوره؛ دعا القيادي في حركة حماس، محمود الزهار، إلى “الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام؛ لمواجهة صفقة ترامب المشؤومة”، مطالباً الرئيس عباس، بوقف “التنسيق الأمني” مع الاحتلال في الضفة، وفق تعبيره.
وشدّد الزهار على أن الاحتلال لن “يستطيع نزع سلاح المقاومة في غزة”، مشيراً إلى أن إفشال صفقة القرن يكون بالمقاومة الشاملة”.
فيما دعا الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي، زياد النخالة، “الشعب الفلسطيني وقواه السياسية وفصائله المقاتلة، لأخذ زمام المبادرة ومغادرة الخلافات والأوهام، لصنع المستقبل سويا، لمواجهة هذه المؤامرة بكل قوة”.
وقال إن “الخطة الأميركية تفرض تحديا كبيرا يستوجب تغيير المنهج في التعامل مع كل شيء”، فهي مرحلة مختلفة تحتاج لأدوات مختلفة وتفكير مختلف، إذ لم تعد البيانات ولا الخطابات تجدي نفعاً”.
من جهته؛ دعا رئيس اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار، جمال الخضري، “الرئيس عباس إلى تشكيل حكومة طوارئ وطنية، تجمع الكل الفلسطيني ضمن رؤية وطنية جامعة، كخطوة أولى لمواجهة صفقة القرن”.
ونوه إلى أهمية قيام “الرئيس عباس بالدعوة لعقد الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير بشكل عاجل، والسرعة في الإعداد للانتخابات، وتشكيل الحكومة “، مشددا على ضرورة تحقيق الوحدة الوطنية لمواجهة التحديات الراهنة.
يأتي ذلك على وقع استعداد “الحكومة الإسرائيلية للمصادقة خلال اجتماعها الأسبوعي الأحد المقبل، على ضم منطقة الأغوار وشمال البحر الميت والمستوطنات الإسرائيلية بالضفة الغربية المحتلة إلى السيادة الإسرائيلية”، وفق الإذاعة الإسرائيلية الرسمية.
ونقلت الإذاعة الإسرائيلية، عن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قوله إن سلطات الاحتلال حصلت بموجب “صفقة القرن” على اعتراف بتطبيق القانون الإسرائيلي على غور الأردن وشمالي البحر الميت، وأضاف “بناء على ذلك سنحدد مرة واحدة وإلى الأبد الحدود الشرقية لدولة إسرائيل”، على حد زعمه.
وأكد نتنياهو أنه “لن يكون هناك أي تغيير في وضع المنطقة “ج”، التي تشكل زهاء 62 % من الضفة الغربية، حيث ستكون تحت السيطرة الأمنية الإسرائيلية”، فيما “يجب على الفلسطينيين الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية، تشمل غور الأردن وشمال البحر الميت والمستوطنات في يهودا والسامرة (الضفة الغربية) والاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على القدس”.
وشدد نتنياهو على أن العاصمة الفلسطينية المقترحة بحسب “صفقة القرن” ستكون في أبو ديس، شرقي مدينة القدس المحتلة، فيما “لن يكون للدولة الفلسطينية المستقبلية مطار خاص”، مقابل الحصول على رصيف في مينائي أسدود وحيفا، إلا أن السيطرة على المعابر الحدودية ستبقى في يد الاحتلال، مثلما لن يتم إخلاء أي مستوطنة.
وكان الرئيس ترامب كشف، أول من أمس، تفاصيل “خطة السلام” المعروفة باسم “صفقة القرن”، وذلك بحضور نتنياهو، وسفراء سلطنة عمان والإمارات والبحرين.

نادية سعد الدين - الغد

مدار الساعة ـ نشر في 2020/01/30 الساعة 08:04