العتوم يكتب: صفقة القرن بين النظرية والتطبيق
مدار الساعة ـ نشر في 2020/01/30 الساعة 00:51
بقلم: الدكتور انور العتوم
لطالما تحدثت وسائل الاعلام عن ما يسمى بـ(صفقة القرن) ، وهي عبارة عن خطة طرحها الرئيس الامريكي الحالي دونالد ترامب، كإحدى الخطط المطروحة من الولايات المتحدة الامريكية سابقا لتصفية القضية الفلسطينية.
ولعل الفارق الوحيد بين خطة ترامب المطروحة والخطط الامريكية السابقة، ان هذه الخطة جاءت في وقت حرج على الامة العربية; في وقت تشهد فيه حالة من التشرذم والتفكك وعدم التنسيق والهوان على العالم ; حالة من الانبطاح والقُطرية والعجز والخيانة العلنية، والتراجع غير المسبوق ، مما ادى الى اعتبار البعض للصفقة المذكورة غير قابلة للنقاش، وهي حيلة الضعفاء والاذلاء.
واليوم تقف القيادة الاردنية لوحدها في وجه هذا المد الطغياني الامريكي الذي صاحبه خيانة عربية غير مسبوقة يندى لها الجبين ، يقف المواطن العربي امامها حائرا حرجا مما يحدث ، اذ وصلت حالة الذل والهوان العربي الى تأييد البعض المعلن لصفقة ترامب ، في حين هرع قادة عرب الى تمويل الصفقة غير آبهين بردود الافعال المشينة على تصرفاتهم المهينة ، والعار الذي سيلحق بهم حينما يتم التحدث عن تاريخهم .
وفي هذا الصدد نثمن عاليا جدا مواقف جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين الثابتة والشريفة تجاه ما يحدث ، ونشد على يديه ، وهي مواقف شجاعة ، يشهد لها العدو قبل الصديق ، خاصة وانها استثنائية جاءت في وقت تلتف فيه دول عربية حول القيادة الترامية ، وتقدم له قرابين الذل والهوان ، وقد يترتب عليها عواقب كثيرة ، لكن هذه هي مواقف الهاشميين الثابتة المبدئية من القضية ، والتي دفعوا من خلالها والشعب الاردني ، الغالي والرخيص والمهج والارواح في سبيل التشبث بالحقوق وعدم التنازل عنها.
نحن في الاردن بحاجة اليوم الى وقفة واحدة صلبة والتفاف صادق حول القيادة الهاشمية، وشحذ الهمم، ورفع صوت الممناعة والرفض ليسمعة العالم كله ، مثلما نحن بحاجة رجال وطن من الطراز الاول ، والى سياسة خارجية من طراز آخر ، واعلام معرفي يرقى الى اهمية الحدث ، وثورة صمود من كافة القطاعات في المملكة توصل الرسالة وتسمع (بضم التاء) الكلمة ، وتقوم بواجبها الممانع والرافض لمثل هذه الصفقات خير قيام .
ان ما يسمى بـ(صفقة القرن) لا تختلف في واقع الحال عن كل المشاريع الامريكية السابقة الرامية لإنهاء القضية، الا بكونها جاءت في وقت تعثر به العمل العربي المشترك وزادت في الخيانة والانانية وحكم الولدنة وغير العروبيين ، لبعض الدول العربية ، ومع ذلك فإن خبراتنا التاريخية تجاه كل المشاريع الرامية لإنهاء القضية ، لا بل كل المشاريع التي تنال من الامة ومستقبلها في الصميم لم تلقى النجاح ، وما مشروع صفقة ترامب الا احد هذه المشاريع .
* مستشار سابق بوزارة الخارجية
مدار الساعة ـ نشر في 2020/01/30 الساعة 00:51