العمرو يكتب: المطلوب جبهة اعلام أردني موحد لمواجهة الحروب النفسية «الإعلامية» المتطورة

مدار الساعة ـ نشر في 2020/01/29 الساعة 21:03
تعد وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمقروءة من أهم الأدوات والأسلحة التي تعتمد عليها الحرب النفسية لتغزو المواطن في دولة ما؛ خاصة عندما يكون هذا المواطن غير محصن بالإدراك لما يدور حوله؛ حينها يكون عبارة عن هدف سهل الاختراق وربما يتحول لأداة مساعدة للعدو لتصديقه كل ما تقدمه هذه الوسائل الإعلامية من خير وشر؛ وكما يعلم الجميع فإن وسائل إعلام العدو لا تنشر الخير أبداً فهي خصصت لنشر الضلال والفساد والثقافات المغلوطة والتهويل والتشكيك والارجاف ونشر الشائعات؛ ولكن اذا كان المواطن محصناً بالوعي وبالثقافة الوطنية والعرف والعادات السليمة فإنه لن يلتفت الى ما تقوله هذه الأبواق ولا يبالي بها. لكل دولة عدو سواء كان صديق مؤقت او يهدف للسيطرة عليها وافتراسها في أي فرصة تناسبه؛ وبما أن للعدو في زمن الذكاء الاصطناعي وسائل إعلام قوية وكثيرة ومتعددة ومهيكلة بأسلوب العمل الجماعي والشمولي لإستهداف الخصم؛ يجب أن يكون لدينا وسائل إعلام موازية للطرف الآخر مهما كان؛ حيث تقوم بدورها في نشر الحقيقة وتعرية إعلام العدو وكشف ضلاله وزيفه وتحصين المجتمع من ان يكون عرضة لما يأتي من قِبَل وسائل إعلام العدو وكشفها وفضحها للعالم. يرى خبراء علم النفس العسكري أن الحرب النفسية هي الحرب الإعلامية وهي جزء من الحرب الشاملة وتعد الأكثر خطورة من الحرب العسكرية لإستخدامها وسائل الاعلام المتعددة ضمن خطط من الدعايات والإجراءات الموجهة للدولة الخصم سواء كانت عدو او صديقة للتأثير على آراء وعواطف ومواقف وسلوك الشعب والحكومة على حدٍ سواء بطريقة تساعد بشكل مؤثر على تحقيق سياسات واهداف الدولة أو الدول المستخدمة لهذه الحرب؛ فأنت تدرك خطر القنابل والمدافع والصواريخ وتحمي نفسك منها بإستخدام المضادات العسكرية المناسبة لها؛ ولكن الحرب النفسية (الإعلامية) تتسلل إلى نفسك ولكل فرد او مكون في الدولة دون أن يدرك؛ وبالتالي فان مدى جبهتها اكثر شمولاً واتساعاً من الحرب العسكرية لأنها تهاجم المدنيين والعسكريين على حد سواء . ومن الرؤية السابقة يتضح ان الحرب النفسية (الإعلامية) يتم الاعداد لها ودراستها بشكل منسق ومنظم حيث يشرع مخططو العدو بدراسة المجتمع ودراسة المواضيع التي تتناسب مع أهدافهم ومع المرحلة بشكل جيد وبعدها يتم توزيع المادة الإعلامية المعدة مسبقاً على وسائل الإعلام على شكل مراحل وبطريقة مدروسة ومرتبه تستهدف المجتمع بكل أطيافه ثم إطلاقها في ساعة الصفر عبر وسائل الإعلام لكي تغزو وتنال من نفسيات المجتمع المستهدف؛ فإذا كان المجتمع معرضاً للتحريض ومجرد لاقط وسامع لما يأتي من اشاعات فإنه يُمكّن عدوه من نفسه ولربما يكون هو الأداة التي تهدم ولا تبني وطنه؛ ولكن إذا ما كان المجتمع المستهدف محصناً بالثقافة والوعي والمعلومة الصحيحة فلن تستطيع التأثير عليه. ويستخدم سلاح الحرب النفسية (الإعلامية) في السلم والحرب معاً فهو لا يقتصر استخدامه في وقت الحرب او في اعقابها أو حالات الطوارئ؛ وانما يتم استخدامه في كل الاوقات لفرض إرادة العدو على الخصم لغايات التحكم في اعماله بإستخدام أساليب غير عسكرية؛ ولا يخضع هذا السلاح للرقابة القانونية ولا للتقاليد الحربية؛ بل هو سلاح بعيد المدى وينتظر أُكُلَهُ بعد اشهر او سنوات من استخدامه؛ حيث أن أعظم درجات المهارة هي تحطيم مقاومة العدو دون قتال؛ ولأن الهزيمة حالة نفسية تعتمد على اقتناع الخصم بعدم جدوى المقاومة فإذا اقتنع الخصم بالهزيمة وبعدم جدوى المقاومة تحقق الهدف للعدو من الحرب المسلحة ولن يلجئ لها. وفي خضم الاحداث المتتابعة في الإقليم الملتهب من اقطابه الأربعة يشهد الأردن حرباً نفسية منذ سنين تستهدف الرأي العام المحلي؛ خُطط لها بعد دراسة الحال للمواطن والوضع الاقتصادي والنخر في مكونات النسيج الاجتماعي؛ وذلك منذ بدأ مرحلة الحكواتية ومنظري قضايا الفساد من الخارج، وكان واضحاً وضوح الشمس التخطيط والأدوات العربية والمستعربة والعبرية؛ واستمرار مجموعة من ضباط الموساد وبعض المستعربين بتسريب اشاعات ومعلومات مسمومة؛ تستهدف الدولة الأردنية بكل مكوناتها وإستخدامهم للأسف بعض المُغيّبين والمتنمرين المحليّون والذين يساعدوا الأعداء سواء عن قصد أو غير قصد بنشر سمومهم من خلال أدوات التواصل الاجتماعي وبعض المواقع الإخبارية المستعربة التي تتحدث عن الشأن الأردني وتتعمد الإساءة وخلق الفتن من الخارج بتمويل واضح لكل ذي بصيرة بحقيقة أعداء الأردن. تابع الجميع احداث مؤتمر اعلان صفقة القرن الصهيوامريكية ولفت نظر الجميع أسلوب الزج باسم صاحب الجلالة في هذا الموضوع؛ وكانت محاولة بائسة من محاولات الحرب النفسية التي تثار ضد مملكتنا ونظامنا في معركة الدفاع عن فلسطين والقدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية في الحرم القدسي الشريف. واستمر الطرف الصهيوني في سرد مصطلحات وتسريب نوايا لا يستطيع الاقدام عليها الا انه يسعى من خلالها بإثارة المخاوف ونشر الاشاعات لثلاث غايات وهي الانتخابات الرئاسية الأمريكية وإظهار الرئيس الأمريكي في صورة المنقذ الداعم للكيان الصهيوني، وانتخابات الكنيست الصهيوني الثالثة على التوالي والتي يسعى من خلالها نتنياهو تشكيل حكومة صهيونية في سابقة لم تحدث في تاريخ نشوء الكيان المسخ بعدم القدرة على تشكيل حكومة خلال عام كامل، ولزعزعة الوحدة وخلق حالة من الارتجاف في الساحة الأردنية. لكل ما سبق نجد أنه قد آن الأوان لتشكيل جبهة الإعلام الأردني الموحد لمواجهة كل المحاولات التي يستخدمها الأعداء ومُدعي الصداقة وحلفائهم من جهة؛ ومن يدعون الأخوة والمصير العروبي المشترك من جهة أخرى؛ فلم يعد الأمر يحتمل الإنتظار؛ وسائل التواصل الاجتماعي تضم في طياتها أدوات حرب نفسية يجب تعريتها وكشف مصادرها؛ ويجب علينا الدفاع عن أنفسنا إعلامياً إلكترونياً ولدينا الوسائل والكوادر بحيث يجب توظيفها لكشف الحقائق والمعلومات الصحيحة من جهة ومواجهة الطرف الاخر مهما يكون بتعريته ضمن منظومة إعلامية موحدة؛ ومن جهة أخرى على المواطن الأردني وجوب استقاء المعلومات والاخبار من هذه الجبهة فثقتنا بمستوى الادراك والوعي والحس الوطني به عالية لا يشكك بها.
مدار الساعة ـ نشر في 2020/01/29 الساعة 21:03