المتاجرون بنا..!
صفقة القرن؛ والحديث المثير عن «قرونها» الافتراضية، يستوليان على اهتمام المستعرضين والباحثين عن نجومية ولو على حسابهم ورصيدهم الشخصي من السمعة والأخلاق، حديث يجد من يهتم به لمجرد تسجيل حضور في حفلة تنكرية، لكن لا أثر يتركه ويبعث على تذكّره أو تذكّر موقفه..هيك احنا اليوم.
الشأن العام وكل قضاياه ليست سوى فرصة لنجومية رخيصة زائفة، يدعي بعضنا خلالها المعرفة والقيادة والفخامة والضخامة، بينما في الواقع كثير من أمتنا العربية لا وزن حقيقيا لها في أية موازين أرضية، بل أصبحنا حالة تصلح للتندر وتخويف الشعوب المتحضرة الحرة أن تكبو كبوتنا، وتصبح مضرب مثل في الانبطاح للعالم الاستعماري.
في صفقة القرن والحديث عنها، على وقع دعاية انتخابية لمسؤولَين مأزومَين سياسيا، أحدهما مجرم اسرائيلي وعلاوة على جرائمه بحق الشعبين الأردني والفلسطيني، يواجه اتهامات من دولته المزعومة قد تتسبب في حبسه، فنتنياهو أكثر شخصية سياسية مأزومة في دولة الكيان الغاصب، وهو مستعد لركوب كل الأمواج التي تقذف به بعيدا عن خطر المحاكمات والإبعاد عن الانتخابات وسدة رئاسة دولة الاحتلال المجرمة.
وترامب الآخر؛ الذي يجد احتراما من الشعوب المقتولة بقراراته وسياساته وسلاحه، أكثر مما يجده من شعب هو رئيسه، ويحظى بتبجيل سياسي من كثير من حكومات الوطن العربي أكثر مما يجد من المؤسسات الأمريكية! مواقف تبعث في النفس غضبا على الأمة العربية كلها، وعلى الدول التي يقوم السياسيان المجرمان بالمتاجرة بمستقبلها، ليصمدوا في بلدانهم كرؤساء مأزومين أجرموا بحق الجميع حتى شعوبهم، وما يعاني منه نتنياهو، يعاني منه أيضا ترامب، الذي لم تقبله الإدارة الأمريكية منذ اليوم الأول لقدومه رئيسا وبظروف غير منطقية، عاكست كل التوقعات حول انتخابات الرئاسة الأمريكية السابقة، بينما الأمر «عندياتنا» آخر حلاوة!.
ومما يزيد الموقف الأردني ما يقدمه هؤلاء المستعرضون بالحديث بغير علم ولا تأثير ولا قدرة على اقناع الناس أو تقديم معلومة حقيقية لهم، سوى تحليلات هابطة لا يجوز حتى سماعها لو ثمة منطق أو عقل أو احترام لهما، ومن عجب تجد وسائل اعلام مشبوهة تختار أكثر الآراء هبوطا وسخافة، وفي تصريحات وشطحات أنصاف مثقفين وسياسيين، وتسلط عليها مزيدا من ضوء باعتبارها «آراء صادحة بالحق والتنوير والوطنيات الرخيصة»، حيث لا يتقن هؤلاء سوى التهويل والقراءة الأكثر غباء وغرابة لما يجري من أحداث، ويتصيدون كلام وتصريحات المسؤولين ليفسروها حسب «فكرهم وثقافتهم « بتفسير يخجل بعض الصبية والأطفال من التحدث به، نظرا لشذوذه عن الحقيقة وخفّته، لكن مع كل أسف، هذا هو المنطق الرديء الذي يراد له أن يسود، ويبدد مبادىء وقيما سياسية واجتماعية ووطنية وحقوقا تاريخية..بل وحقوق انسان بديهية.
من قال إن الأردن لا يملك موقفا ولا يمكنه أن يدافع عن سيادته وحقوقه؟! من كتب لهذا الشعب الحر الأبي شهادة وفاة، وأصبح يتحدث عنه وكأنه شعب من تجار وعملاء وبائعي أوطان وشرف؟!.
كلنا نعلم حجم الأزمات الاقتصادية وغيرها التي تضرب في الأردن فجأة وبلا رحمة، وتهدد أمنه واستقراره ومستقبله، وكثيرون من يدركون بأنها أزمات، ما كانت لتضرب في الأردن لولا قيام رهط من سياسيين وقادة مأزومين من المنطقة ومن خارجها، ببيع كل المبادىء والقيم الوطنية لبلدانهم ولأمتهم ليتمكنوا من البقاء على كراسيهم، ومهما بلغت حجم المساعدات الأمريكية للأردن، وحجم الضغوطات على قيادته السياسية، فلن ينجح المأزومون في أمريكا وإسرائيل بمصادرة السيادة الأردنية على الوطن ومقدراته ومستقبله.
لا تتحدثوا بحديث المنبطحين، ولتسقط كل الدول إن كان غرضها تبديد الأردن وتضييع حقوقه.
الدستور