المستقبل.. هل السواد قادم؟

مدار الساعة ـ نشر في 2020/01/25 الساعة 23:29
تصر المنطقة العربية على أن تبقى حبيسة الأزمات المتتالية، فما تكاد أن تخرج من دوامة حتى تلحقها أخرى، تعمق شتاتها وتزيد من جراحها، فتختفي الألوان ليحل مكانها السواد القاتم الذي يتغلغل في أجساد الدول والشعوب يوما بعد يوم، ويحكم سيطرته على إدارة ملفاتها، ويفرض عليها ما يراه هو مناسبا له، ويحقق أطماعه، فيما الهزيمة تلاحقها دون رأفة أو تهاون وطن عربي مشتت، دول ممزقة، وأخرى مستقرة لكنها مسيرة لا مخيرة، مستولى على سيادتها، ورابعة تنأى بنفسها عن أي قصة. دول تتلقى الأوامر وتسارع إلى تنفيذها رغما عنها، لا تناقش، ولا تتباحث، ولا تطلب تفسيرا، أو تقدم رأيا أو رؤيا، فهي في واقع الأمر كبيوت العنكبوت يسهل تمزيقها. دول اختلفت أولوياتها الخارجية وانحيازاتها السياسية، وأيضا تحالفاتها، ليتحول بالنسبة إليها عدو الأمس إلى صديق مقرب، ومع ذلك فهي لا تبعد النار عن نفسها، ولا هي قادرة على ذلك، بل تترقب ماذا سيحل بها دون أن تبادر، أو تبتدع، أو تسعى للدفاع عن نفسها الدول العربية ومنذ بدء الحديث عن وجود ما تسمى صفقة القرن ، والتي لا مجال للشك في أنها ستقوض عملية السلام وستدفن حل الدولتين، وبعد مجموعة من القرارات المنحازة لإسرائيل التي اتخذتها إدارة البيت الأبيض الأميركية، لم تحرك ساكنا، ولم تسعفها أفواهها سوى بالتأكيد على حقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته، لكنها بقيت، وستبقى، كلمات يطلقها من يغردون خارج السرب، كما أنهم لا يملكون سوى الكلمات، لذلك لا بأس من بيعها للاستهلاك الإعلامي واليومي خلال ساعات، ستصرح واشنطن بما في جعبتها من بنود بخصوص هذه الصفقة، غير مكترثة بأي رد فعل عربي أيا كان نوعه أو قوته، وهي ضامنة بأن ذلك لن يحدث، كما لم يحدث من قبل عند نقل سفارتها إلى القدس المحتلة، فيما الصوت الوحيد الذي يجوب في كل مكان، مدويا وعاليا، هو الصوت الأردني، وقد شهدنا خطاب جلالة الملك أمام البرلمان الأوروبي مؤخرا، وكيف وضع النقاط فوق الحروف، وموضحا رؤيته لطبيعة حل الصراع في المنطقة لا شك أن المستقبل يحمل في طيه تفاصيل أخرى، قد تكون أكثر إيلاما وصعوبة على تحملها، واستيعابها، وامتصاص قوتها، والقدرة على التعامل معها، خصوصا وأننا أمام مشهد فيه رسمة جديدة للقضية التاريخية التي يلتف حولها الجميع، وهي القضية الفلسطينية الدعوات إلى تغيير في داخل الجسم العربي قتلتها تجربة السنوات الطويلة التي حملت في طياتها من الأمل والأحلام والتمني والرجاء الكثير الكثير، أحلام اصطدمت بالحقيقة والواقع، الأمر الذي أوصلنا إلى ما نحن عليه اليوم من عدم قدرة على التأثير في أي قضية، حتى لو كانت قضيتنا نحن الأردن اليوم أمام مفترق طرق مع قرب إعلان الصفقة التي قال وزير الخارجية أيمن الصفدي أمس إن المملكة لم تطلع على أي تفاصيل تتعلق بها، لكن نحن أمام مرحلة علينا في عمان أن ندرك أن التعامل معها يحتاج إلى الكثير من الأدوات للخروج بأقل الخسائر صفقة القرن لن تمس فقط القضية الفلسطينية والأردن، بل شظاياها ستطال كل من يدور في فلكها، سينالهم ألم مبين، إن لم يكن اليوم، فغدا حتما سيحدث ذلك، ومعالجة الأمر الآن أسهل منه في قادم الأيام أو السنوات.(الغد)
مدار الساعة ـ نشر في 2020/01/25 الساعة 23:29